جولي مراد

باروير سيفاك من كتاب "شعراؤنا" لجولي مراد

24 نيسان 2020

05 : 10

أَنظُرُ... مَملوءًا بالرَّوع ... مَمزوجًا بالدهشة ...

تُسافِرُ بي إِلى أَمسِكَ الغابِر

أَمسِك الأَلم... العِزَّة... الفَخر

أَتساءَلُ كيفَ؟... كيفَ اقتَحمْتَ الزَّمانَ الوَعر؟

السَّماءَ الدكناءَ الغيوم... قطعتَ مسافاتٍ

لا تهدأْ... لا تنتهي

كيف نَشَطتَ؟... برَعتَ؟

كيف جَمَعتَ مِن السُمّ الزُّعاف

زَهرَ النَّرجس المَزروع في أَتربةِ القَهر؟!

كيف عَصَرتَ العَسَلَ الأَشقرَ الوَهّاج؟

سكبْتَهُ في أَلواحِ الشَّهد كما نَحلة!

الغُربَةُ حَوَّلتَ حُرقَتَها

إِلى طائرٍ مُحلّقٍ يَنشُرُ الحُبَّ

الشَّجو...الحَنينَ... النَّجوى

يَسوقُ الجراحَ الثَّخينة

كراعٍ يرعى قطعانَ الأَوجاع

مُداريًا مُنشدًا أَلوانَ العذاب

غَداةَ تجتاحُ السُّيولُ المُرعدة!

كيف اغتَرَفتَ من نَبعِكَ الغرّيد قليلَ ماء؟

مِلءَ كَفّ... مِلءَ رَفْشٍ

لتَجعَلَ طاحونةَ المياه

تعملُ... تدورُ... تتأَلَّقُ

تَشْلحُ حياةً جديدة... تطحنُ خِصلَ نور

أَسفلَ الوادي السَّحيق لتُشرِقَ الحياة بلا هوادةٍ

تُطلَّ على الرّوابي

على المروجِ الميتة

على السُّهولِ المذبوحة

على الوِهاد الموحشة

آلافَ المرّاتِ كَبَوتَ

أَخبرْني كيف؟ كيفَ نَهضت؟

إِلى العالم من جديدٍ كيف عُدت؟

وبأَجفانِ المَوت تدَثَّرت

بأَيّ أَعجوبَةٍ رَجعت؟

كما هُمُ... أُولئِك هُمُ الحرائِقُ

لكنَّكَ في عتمةِ اللَّيل الرَّهيبِ... أَنتَ النَّارُ

كنتَ الجمرَ كنتَ النّارَ

لستَ أَيَّ جَمرٍ... لستَ أَيَّ نار!

نارٌ في أَحداقِ الصّبايا المُظلمة

نورًا تَشعّ في عُروقِ الأَبناء

تُسري الدّماءَ... نارُ الشُّعلة

شُعلةِ العائِلةِ المُقدَّسة

نارُ موقِد التنُّور... نارُ مِدخَنةِ البَيت

نارُ القنديلِ المُضيءِ المُشتَعِل!

نارٌ... نارُ اللَّهبِ المُروّع

للفِداء... للمَعرَكة... لِلثأْر

لرقصةِ النّارِ... لِبُشرى النَّصر!

نارٌ تَتَّقِد... نارٌ لا تُطفَأُ

نارٌ تَستَعِرُ منذُ دُهور...

نارٌ... جمرٌ... نارٌ تسطَعُ على أَرضٍ غريبة

نارٌ تُشرقُ... نارٌ لا تُدَمّرُ...

لا تُخَرّبُ... لا تَنتَشِرُ

بل تمتدُّ... تمتدُّ بعيدًا

لتُنعِشَ وتَنتَعِش!


MISS 3