رواد مسلم

التعزيزات العسكرية الأميركية في الخليج: القدرات والمهام

9 آب 2023

02 : 00

السفينة «يو أس أس باتان» خلال عبورها قناة السويس الأحد (أ ف ب)

يُخيّم التوتر من جديد حول ممرات تجارة النفط الإستراتيجية، تزامناً مع سخونة الوضع في عدد من دول العالم، وخلال عملية خلط أوراق ومصالحات وتحالفات دولية جديدة، بدأت الولايات المتحدة الأميركية تعزيز وجودها العسكري في الممرات المائية الحيوية مع وصول أكثر من 3000 عنصر من قوات البحرية و»المارينز»، وعتاد بحري وجوي إلى الشرق الأوسط، لتعزيز الأسطول البحري الخامس المتواجد في منطقة عمليات تشمل نحو 2.5 مليون ميل مربع من المساحة المائية في الخليج العربي وخليج عُمان والبحر الأحمر وأجزاء من المحيط الهندي و3 نقاط حرجة في مضيق هرمز، حيث يمرّ نحو 20 في المئة من النفط الخام العالمي، وقناة السويس ومضيق باب المندب.

يؤكد هذا الإنتشار العسكري، الذي سبقته تصريحات رسمية من البنتاغون بنشر قوات «مارينز» على متن السفن التجارية في مضيق هرمز، إلتزام واشنطن القوي بالحفاظ على الأمن البحري الإقليمي وردع النشاطات المزعزعة للإستقرار وتخفيف التوترات الإقليمية، بحسب المتحدث باسم الأسطول الخامس. أمّا بالنسبة إلى إيران، فإنّ خطوة الولايات المتحدة ستؤدي إلى زعزعة الإستقرار في المنطقة، وأنّ دول الخليج قادرة على ضمان أمنها البحري، بالرغم من تأكيد مسؤولية «الحرس الثوري» الإيراني عن القيام بهجمات عدّة على سفن الشحن في مياه الخليج منذ عام 2019، واحتجازه عدداً من السفن التجارية ومضايقته لناقلات النفط.

عسكرياً، تؤمّن هذه التعزيزات وفق بيان الأسطول الخامس، أصولاً جوية وبحرية إضافية، بالإضافة إلى المزيد من مشاة البحرية والبحارة الأميركيين، ما يوفّر مقداراً أكبر من المرونة والقدرة البحرية للأسطول الخامس الأميركي في منطقة الشرق الأوسط. وكانت الولايات المتحدة قد أرسلت الشهر الماضي مزيداً من الطائرات الحربية من طراز «إيه 10 ثاندربولت» ومقاتلات «أف 16» و»أف 35»، بالإضافة إلى المدمرة «يو أس أس توماس هادنر» إلى المنطقة. ولزيادة قدرة الأسطول البحري الخامس، فإنّ السفينة الهجومية البرمائية «يو أس أس باتان» التي وصلت إلى المنطقة أخيراً يمكنها توفير الدعم الجوي عن قرب لقوات «المارينز»، وهي متعددة المهام: فهي سفينة قتالية هجومية، حاملة طائرات، حاملة مروحيات، حاملة مركبات مدرعة، حاملة زوارق، حاملة مشاة بحرية وحاملة عتاد، وتحتوي على مخازن بمساحة 3000 متر، وفيها مستشفى من 600 سرير وغرف عمليات جراحية، ويمكنها نقل 1600 جندي «مارينز» و17 سفينة إنزال سريع، بالإضافة إلى دبابات ومركبات مدرعة، وهي مسلّحة بقاذفات صواريخ دفاع جوي «RIM-116» عدد 2، وقاذفات صواريخ دفاع جوي سبارو «RIM-7» عدد 2، و3 أنظمة «CIWS» عيار 20 ملم لكشف وتدمير الصواريخ المضادة للسفن وطائرات العدو على مدى قصير، و8 مدافع رشاشة عيار 25 و12.5 ملم.

كما تحمل السفينة الهجومية البرمائية «يو أس أس باتان» 10 مقاتلات ضاربة «أف 35 ب» و6 طائرات هجومية «AV-8B Harrier II» و12 طائرة «MV-22B Osprey»، و4 مروحيات ثقيلة «CH-53E Super Stallion» و6 مروحيات «سيكورسكي إس إتش 60 سي هوك» للقتال ضد الغواصات والعمليات الخاصة والإنقاذ والنقل الطبي أو إعادة التزوّد بالوقود و4 مروحيات متعدّدة المهام.

أمّا بالنسبة إلى سفينة الإنزال «يو أس أس كارتر هول» التي رافقت السفينة الهجومية البرمائية «باتان»، فتتمكّن من نقل وإطلاق الزوارق البرمائية والمركبات والأطقم والأفراد المبحرين في هجوم برمائي، ويمكنها حمل أكثر من 500 عنصر و15 مركبة هجومية برمائية، و4 دبابات «أبرامز أم 1» وهي مسلّحة بمدفعين «أم كي 38» عيار 25 ملم، ونظامي «CIWS» عيار 20 ملم لكشف وتدمير الصواريخ المضادة للسفن وطائرات العدو على مدى قصير، ورشاشات عيار 12.7 ملم، وقاذفات صواريخ دفاع جوي «RIM-116» عدد 2.

في المقابل، أجرى «الحرس الثوري» الإيراني مناورة عسكرية مفاجئة الأربعاء الماضي تحت عنوان «الاقتدار» على جزر متنازع عليها مع الإمارات في الخليج العربي، ردّاً على التعزيزات الأميركية التي كانت في طريقها نحو الخليج. وواصل «الحرس الثوري» برامجه الاستعراضية بتزويد وحداته البحرية بطائرات مسيرة وصواريخ «كروز» مزوّدة بالذكاء الاصطناعي نوع «غدير» و»فتح 360 التي يبلغ مداها 1000 كيلومتر، وأظهرت هذه المناورة تطوّر قدرة البحرية الإيرانية التي تُريد فرض نفسها الحامي الوحيد في بحر الخليج، وإظهار التطوّر التكنولوجي في الأسلحة الإيرانية التي يمكنها مواجهة الحروب الإلكترونية من خلال مسيّرات متطوّرة يُمكنها التحليق لوقت طويل وحمل ذخائر دقيقة وفعّالة.

معضلة الأمن في بحر الخليج لضمان أمن الممرات الحيوية الإستراتيجية ليست جديدة، فهذا التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران له أسباب سياسية متعلّقة بالضغوطات لفرض الشروط لإستكمال المحادثات النووية، كما للحفاظ على العلاقات التاريخية بين واشنطن ودول الخليج وقطع المساعي الصينية للتقارب الخليجي مع طهران، ولتوضيح عدم جدّية إيران بضمان أمن الحركة التجارية في الخليج، كما للتثبيت أنّ الولايات المتحدة ما زالت معنيّة بشكل مباشر بأمن دول الخليج العربي.


MISS 3