أحمد عياش

النفط جعل ثلاثية "حزب الله" رباعية

17 آب 2023

02 : 00

أعطت وكالة «رويترز» أمس وصول منصة الحفر «ترانس أوشن بارينتس» إلى قبالة سواحل لبنان بعداً تاريخياً. وأعادت الوكالة التذكير بأنّ الحفارة تعود إلى كونسورتيوم بقيادة شركة توتال الفرنسية. ولفتت إلى أنّ هذه الخطوة أتت في أعقاب اتفاق تاريخي توسطت فيه الولايات المتحدة العام الماضي، والذي رسّم الحدود البحرية المثيرة للجدل بين لبنان وإسرائيل.

لكن قبل تقرير الوكالة، كان للأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله كلام في منصة الحفر، فوضعها أيضاً في مرتبة تاريخية. ففي كلمة نصرالله الاثنين الماضي في مناسبة الذكرى السنوية الـ17 لحرب ‏تموز 2006، مرت النقاط الآتية:

«- تحرير المنطقة الاقتصادية الخالصة ‏وتحرير حقل قانا الذي نسميه البلوك 9، ما كان ليتحقق لولا البناء على نتائج حرب تموز ‏2006.‏

- ستصل السفينة المعنية لبدء ‏الحفر والتنقيب، وكل اللبنانيين سينظرون بأمل. عيونهم ستكون مشدودة خلال الأشهر القليلة المقبلة إلى ‏نتائج هذا الحفر.

- إنّ الضمانة الحقيقية ليستمر ‏هذا الواقع المستجد، أي أن يستطيع لبنان أن يقوم بالحفر والتنقيب، وإن شاء الله يكون هنالك ‏نفط وغاز ويستطيع أن يستخرجه ويبيعه، هو احتفاظ لبنان بكل عناصر القوة، وبالمعادلة الذهبية، ‏وفي مقدمها المقاومة».

في المقابل، لم ترد في نص الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية، والذي صار من النصوص الرسمية في الأمم المتحدة، أيّ اشارة إلى دور «المقاومة» في هذا الاتفاق الذي تم بين «دولة إسرائيل» ولبنان، كما جاء في النص.

وعلى النقيض من «الرباعية» التي يتطلع اليها نصرالله، وردت الإشارة إلى «ثلاثية» الجيش والشعب والمقاومة، في البيانات الوزارية التي رافقت ولادة الحكومات المتعاقبة بعد العام 2005 بعدما آل نفوذ الوصاية السورية الى «الحزب». لذلك، ولكي تصبح «الثلاثية»، أو كما سمّاها نصرالله في اطلالته الأخيرة «المعادلة الذهبية»، معادلة «رباعية» أو «ماسية»، الأمر يحتاج إلى نص مكتوب. وإلا، فإنّ بال نصرالله لن يهدأ. وهو احتاط للأمر من الآن بأن دخل بقوة على خط «الصندوق السيادي» كما كان لافتاً في كلمته الأخيرة. فهل سيتحقق لزعيم «المقاومة» ما يرتجيه اليوم؟

من يعد الى تاريخ «الثلاثية»، سيجد جواباً على هذا السؤال. فهي لم تحظ بولادة طبيعية، بل كانت نتيجة عملية قيصرية كادت أن تزهق روح لبنان. فبعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005، لم يمر عام ولغاية اليوم بهدوء على هذا البلد. فما إن غادر جيش الوصاية السورية لبنان في ذلك العام، حتى وقعت حرب عام 2006. ثم بدأ مسار الانقلاب على اتفاق الطائف وتكريسه في اتفاق الدوحة. ثم جاء زمن تطيير نفوذ 14 آذار ليحل مكانه نفوذ 8 آذار، أولاً في الحكومات ثم في الرئاسة الأولى. وطوال الأعوام بعد اغتيال الحريري، بقيَ مسلسل الاغتيالات على غاربه وآخر ضحاياه الياس الحصروني.

وقعت حروب ومعارك واغتيالات، وحل الانهيار على كل المستويات بدل الاستقرار. ومع ذلك، ظل نصرالله يقرأ في النص المكتوب لـ»الثلاثية»، كما فعل الاثنين الماضي خلال حديثه عما جرى على كوع الكحالة. ولما كانت كلفة «الثلاثية» عالية الى هذا الحد، فكم ستبلغ هذه الكلفة يا ترى كي تتكرس «الرباعية»؟

من البوادر الأولى التي ستحملها هذه المرحلة التاريخية من التنقيب في بحر الجنوب، أنّ نصرالله كان على أعلى الشجرة قبل أيام. فهل يعني ذلك، أنّ لبنان سيتشح بالسواد، كما هو لون النفط الموعود؟


MISS 3