الكهرباء قد تتحكم بالجينات البشرية

02 : 00

تساعدنا أجهزة تعقب الرشاقة على حماية صحتنا عبر احتساب الخطوات التي نقطعها ومراقبة معدل ضربات القلب، وتُشجعنا على تحقيق أهدافنا المرتبطة بصحة القلب.

لكن ينذر بحث جديد في المعهد الفدرالي للتكنولوجيا في زيوريخ، سويسرا، الآن باحتمال ابتكار أجهزة مستقبلية قابلة للارتداء (قد تكون مزوّدة على الأرجح ببعض المعدات المزروعة ولمسة من الهندسة الوراثية) لتحسين صحتنا بطريقة مباشرة.

استعملت التكنولوجيا التجريبية التي صممها العلماء السويسريون نبضات صغيرة من الكهرباء للتحفيز على إنتاج الأنسولين لدى نماذج من فئران التجارب المزوّدة بأنسجة بنكرياس بشرية ذات تصميم خاص. هم يسمّونها واجهة «جينية كهربائية»، ويمكن استعمالها لحثّ الجينات المستهدفة على تنشيط نفسها حين نحتاج إلى المساعدة.

يكتب الباحثون في تقريرهم: «بدأت الأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء تلعب دوراً متوسعاً لجمع بيانات صحية عن الأفراد واستعمالها في المقاربات الطبية الشخصية. لكن لم تكن الأجهزة القابلة للارتداء تستطيع أن تبرمج العلاجات الجينية مباشرةً بسبب غياب واجهة جينية كهربائية مباشرة. نحن نقترح تلك الحلقة المفقودة الآن».

من خلال التحفيز على إنتاج الأنسولين مباشرةً، قد يستفيد مرضى السكري مثلاً. في هذه الدراسة، زُرِعت خلايا بشرية من البنكرياس لدى فئران مصابة بالنوع الأول من السكري، ثم جرى تحفيزها عبر استخدام تيار مباشر من حِقَن الوخز بالإبر. تُعرَف هذه التكنولوجيا باسم «تقنية التنظيم الناشط للتيار المباشر»، ويقول مبتكروها إنها تجمع بين التكنولوجيا الرقمية في معداتنا والتكنولوجيا التناظرية في أجسامنا البيولوجية.

أنتجت الكهرباء مستويات غير سامة من أنواع الأكسجين التفاعلي، وهي جزيئات حيوية قادرة على إطلاق عملية تنشّط الخلايا المبرمجة للتجاوب مع التغيرات الكيماوية الحاصلة، شرط التحكم بها بالشكل المناسب. يسمح تغيير طريقة تنظيم الحمض النووي في الخلايا، عبر التلاعب بجزيئاتها اللاجينية لتنشيطها أو تعطيلها عند الحاجة، بتحسين مجموعة متنوعة من الحالات التي تتأثر بالعوامل الوراثية.

نحن نحمل مجموعة معينة من الجينات منذ ولادتنا. لا يتغير ذلك الرمز الجيني على مر حياتنا، لكن قد تتغير طريقة التعبير عن تلك الجينات (أو طريقة تنشيطها) مع التقدم في السن، ما يؤدي إلى تغيير عاداتنا. قد تشكل تقنية التنظيم الناشط للتيار المباشر وسيلة مناسبة لكبح جزء من تلك التغيرات.

سهّل الباحثون إعادة مستويات سكر الدم لدى الفئران المصابة بالسكري إلى مستواها الطبيعي بفضل هذه التقنية. لا يزال الوقت مبكراً على ظهور جهاز متكامل للتحكم بمرض السكري، لكن يبقى هذا المشروع واعداً.

يتعلق أحد التحديات المرتقبة بتطبيق هذه التقنية في الأجهزة الصغيرة. من الناحية الإيجابية، تتطلب تقنية التنظيم الناشط للتيار المباشر طاقة محدودة: يكفي استعمال ثلاث بطاريات لمتابعة تشغيلها طوال خمس سنوات مثلاً، ويمكن تزويدها بإشارات كهربائية مرة في اليوم.

يثق الباحثون بإمكانية تطوير هذه التقنية وتوسيع نطاقها لتحقيق أهداف تتجاوز إنتاج الأنسولين. خلال السنوات المقبلة، قد لا تكتفي الأجهزة الصحية القابلة للارتداء بنقل الأرقام والإحصائيات.

في النهاية، يستنتج الباحثون: «نظن أن هذه التكنولوجيا ستسمح للأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء ببرمجة المقاربات الأيضية مباشرةً».

نُشرت نتائج البحث في مجلة «ناتشر ميتابوليزم».


MISS 3