أسامة القادري

أبو فاعور يُقفل 14 مصنعاً ملوِّثاً لـ "الليطاني"... والجريمة مستمرّة

24 تموز 2019

المصدر: نداء الوطن

08 : 10

62005944_2266891060016319_2573757794918334464_o_671370_highres

إستمراراً لحملة تنظيف مجرى نهر الليطاني ولوقف المجزرة البيئية بحق النهر، بعدما تحوّل بفعل فاعل "غياب الدولة" إلى "مجرور" يجرّ المياه الآسنة ومياه الصرفَين الصحي والصناعي وما تحتويه من سموم، رفعت من نسبة الإصابات بمرض السرطان والأمراض الصدرية للقاطنين على ضفتيه.

عدا عن ريّ المزروعات بمياه الصرف الصحي في بعض المناطق الزراعية القريبة من النهر، واستمرار الدولة بقذف مسؤوليتها ما لم تقم بإنشاء محطات تكرير وتشغيل المحطات المنشأة منذ زمن، وبدت ذروة التلوث في الآونة الأخيرة بعدما تحولت بحيرة القرعون منذ ايام إلى واحة خضراء مما طفا على سطح مياهها من مادة خضراء، غطت كامل البحيرة، وبعد الكشف عليها والفحوص المخبرية للمياه تبيّن أن هذه المادة هي طحالب "كائن بكتيري مائي"، تمتلك ميزات نباتية، كما أنها قادرة على القيام بعملية التمثيل الضوئي Photosynthèse. وقال خبراء إن ذلك ناجم من استمرار تدفّق مصادر التلوّث الى البحيرة، بخاصة الصرفين الصحي والصناعي، حيث أن نسبة السموم التي تفرزها تزداد مع ارتفاع درجة حرارة المياه.

وبهذا الخصوص، أعلن وزير الصناعة وائل أبو فاعور عن إقفاله أربع عشرة مؤسسة صناعية في أقضية زحلة وبعلبك والبقاع الغربي، إقفالاً موقتاً ريثما تلتزم هذه المؤسسات بتركيب محطات لمعالجة تكرير المياه. كما أمهل عدداً من المصانع مهلة نهائية غير قابلة للتجديد، ما لم تعمل على معالجة صرفها. وتضمّنت آلية الإقفال إحداثيات مفصّلة لمصادر تلويث النهر والفاعلين من مؤسسات وأفراد. وفي الوقت نفسه فضح أبو فاعور، تواطؤ الدولة المزمن على قتل المورد الأكثر حيوية في لبنان. إذ رغم المسوحات والإجراءات القضائية والاستدعاءات والاستجوابات، يواصل ملوِّثو النهر أعمالهم وكأن شيئاً لم يكن. وبالتالي بدا واضحاً "تناتش" الوزارات المعنية بمهمة التنظيف، اذ يقول كل منها أنا الذي نظفت، محاولةً الهروب من التهديد بهدر الـ 1100 مليار ليرة التي خُصصت لرفع التلوث عن البحيرة.

لم يكتف الوزير أبو فاعور في مؤتمره الصحافي بعرض أسماء المؤسسات "غير المطابقة" التي أقفلها إقفالاً موقتاً، بل ذهب ليؤكد أن الكارثة كبيرة بحجمها على البيئة والانسان من دون أن يحدد نسبة التلوّث الصناعي، ولفتت مصادر إلى أن حملة أبو فاعور أتت بعد إجراءات مصلحة الليطاني القاسية والتي أشعرت الصناعيين باستهدافهم مباشرة، وادعاءات النائب العام الإستئنافي على أصحاب المصانع والمؤسسات في منطقة زحلة، التي تحوّل المياه العادمة إلى نهر الليطاني من دون معالجة، فتولّى أبو فاعور عملية حماية الصناعة وحماية الليطاني في الوقت ذاته، بحسب ما أشار متابعون في وزارة الصناعة.

وتحدّث أبو فاعور عن الإجراءات التي تقوم بها وزارة الصناعة للوصول الى صفر تلوّث صناعي، انطلاقاً من التعهد الذي أخذته الوزارة على نفسها للوصول الى صفر تلوّث صناعي في الليطاني، والتي على أثرها تم تشكيل لجنة مشتركة من وزارة الصناعة ووزارة البيئة والمصلحة الوطنية لنهر الليطاني، في آذار 2019، للكشف على المؤسسات وتقييم المخاطر، وعلى الأثر صدر قرار تنبيهي للمصانع ضمن محافظتَي البقاع وبعلبك الهرمل القائمة على حوض الليطاني وبحيرة القرعون بضرورة الالتزام بالشروط البيئية وإيقاف أشكال تصريف النفايات السائلة كافة الى المجاري المختلفة ما لم تحظ بمعالجة.

وتمّ إعطاء مهل للمصانع وفق الفئات. وأعطيت مهل نهائية غير قابلة للتجديد، وبعد انتهاء المهل وعدم الالتزام بالشروط يُصار الى إقفال المؤسسات المخالفة على الشكل التالي: مصانع الفئتين الاولى والثانية مهلة ستة اشهر تنتهي في 28 أيلول، والفئة الثالثة مهلة أربعة اشهر تنتهي في 28 تموز والفئتان الرابعة والخامسة مهلة ثلاثة أشهر تنتهي في 28 حزيران. وقال أبو فاعور إنه "بناء على طلب جمعية الصناعيين مدّدنا المهل قبل اصدار القرار لاعطاء اكبر فرصة ممكنة للصناعيين". ولفت إلى أن "قرارات الإقفال ستبلّغ الى وزارة الداخلية، وهو إقفال موقت في حال باشر المعنيون بها والالتزام بالشروط ورفع الضرر عن الليطاني".

وفي هذا الإطار أشارت مصادر في تجمع الصناعيين الى أن حملة تنظيف الليطاني اتت في وقت يعاني البلد من تراجع اقتصادي يهدد الصناعة في ظل سياسة التقشف ووقف عملية التوظيف السنوية، ما يرفع من نسبة البطالة، ولفتت المصادر إلى أن "غالبية المصانع التي أقفلها الوزير هي مصانع صغيرة تفوق كلفة محطة التكرير كلفة المصنع الاجمالية، وهذا يتطلّب دراسة لإقامة محطات تكرير مشتركة، تنشأ على حساب الدولة تكرّر فيها المؤسسات الصناعية صرفها مقابل كلفة لكل معمل حسب الكمية التي ينتجها".


MISS 3