حقيقة مكوّنات السجائر الإلكترونية

02 : 00

لا يمكن تحديد كامل العناصر الموجودة في السجائر أو السوائل الإلكترونية الشائعة اليوم. إنها مسألة شائكة نظراً إلى وفرة المنتجات والنكهات المتاحة في الأسواق، وتغيّر طبيعة المقادير عند تسخينها أو تفاعلها في ما بينها، وعدم تطابق المعلومات الواردة على الأغلفة مع محتوى المنتج.



يقدّم علماء الكيمياء التحليلية بعض الأجوبة في هذا المجال، لكنّ فهم الآثار الصحية يزيد المسألة تعقيداً. تختلف المخاطر الصحية التي تطرحها السجائر الإلكترونية وتتوقف على عوامل متنوعة، منها الأجهزة المستعملة، والنكهات المنتقاة، وطريقة استخدامها.

رغم التعقيدات المطروحة، ثمة نتائج متماسكة في الاستنتاجات التي يتوصّل إليها مختلف المختبرات. تشمل المكوّنات المحتملة النيكوتين، وموادّ كيماوية مُنكّهة، وسوائل لنقلها، أبرزها البروبيلين غليكول والغليسرين.

رصد العلماء أيضاً مركّبات عضوية متطايرة، وجسيمات دقيقة، ومواد سرطانية، ومن المعروف أن جزءاً من هذه العناصر يكون مُضرّاً بالصحة.

كذلك، اكتشف بحث سابق أن كمية الكلوروفينول-2 لدى نصف مستخدمي السوائل الإلكترونية تقريباً تفوق نسبته في السجائر الإلكترونية القابلة لإعادة التعبئة. إنه مثال على استعمال هذا النوع من المواد الكيماوية بلا مبرر. على مستوى العالم، يُعتبر هذا العنصر «ضاراً عند استنشاقه»، وينجم استعماله على الأرجح عن تلوث المواد أثناء تصنيع المنتج.

في الأسابيع الأخيرة، كثرت الأخبار عن عنصر محتمل آخر، وهو البولونيوم المُشِع 210. إنه العنصر الذي استُعمِل لاغتيال الجاسوس الروسي السابق ألكسندر ليتفينينكو في العام 2006. بدأت حكومة ولاية «كوينزلاند» الأسترالية تجري الاختبارات على السجائر الإلكترونية الآن.

يمكن إيجاد عنصر البولونيوم-210 في السجائر التقليدية وأنواع أخرى من منتجات التبغ لأن نباتات التبغ تمتصّه مع مواد إشعاعية أخرى من التربة والهواء والأسمدة الغنية بالفوسفات. لكن لم يتأكد بعد وجود البولونيوم-210 في الهباء الجوي الذي تنتجه السجائر الإلكترونية. إنها فرضية منطقية إذا كان الغليسرين الموجود في السوائل الإلكترونية يشتق من النباتات وإذا استُعمِلت أسمدة مماثلة لزراعتها.

بالإضافة إلى هذه المكوّنات، قد تدخل المواد التي تتألف منها أجهزة السجائر الإلكترونية إلى الجسم في نهاية المطاف. يمكن رصد معادن سامة وعناصر ذات صلة، مثل الزرنيخ، والرصاص، والكروم، والنيكل، في السوائل الإلكترونية وبول مستخدمي السجائر الإلكترونية ولعابهم ودمهم.

قد تطرح هذه العناصر كلها مخاطر صحية حادة، كأن تشمل مواد سرطانية مثلاً. هي تتسرّب أحياناً من بعض أجزاء السيجارة الإلكترونية، بما في ذلك لفائف التسخين، والأسلاك، والمفاصل الملحومة.

على صعيد آخر، تؤدي عملية تسخين السوائل الإلكترونية لإنتاج هباء جوي قابل للاستنشاق إلى تغيير تركيبتها الكيماوية كي تنتج منتجات التحلل، منها الفورمالديهايد (يُستعمل لتحنيط جثث الموتى)، والأسيتالدهيد (يعطي شعور الدوار بعد الإفراط في شرب الكحول)، والأكرولين (استُعمِل كسلاح كيماوي خلال الحرب العالمية الأولى ويتم استخدامه راهناً كمبيد للأعشاب).

غالباً ما تتواجد هذه العناصر الكيماوية في عيّنات السجائر الإلكترونية. لكن نظراً إلى اختلاف الأجهزة المستعملة وطريقة جمع العينات، تتفاوت المستويات التي تخضع للقياس بين الدراسات. في معظم الحالات، تبقى تلك المستويات متدنية وتدفع مؤيدي استخدام السجائر الإلكترونية إلى اعتبار هذه المنتجات أكثر أماناً بكثير من تدخين التبغ.

لكن لا يعترف هذا الفريق بأن عدداً كبيراً من مستخدمي السجائر الإلكترونية (لا سيّما المراهقين) لا يدخّن السجائر العادية أو لم يدخّنها سابقاً، ما يعني أن المقارنة يجب أن تُقام بين استعمال السيجارة الإلكترونية وتنشق الهواء «المنعش».

يتعرّض مستخدمو السجائر الإلكترونية للسموم والعناصر الضارة أكثر من غير المدخنين طبعاً. كذلك، يتلقى مستهلكو سجائر التبغ قائمة طويلة من التحذيرات بشأن مخاطر التدخين، على عكس مستخدمي السجائر الإلكترونية.

تتعلق مشكلة أخرى بعدم تماشي المعلومات الواردة على الغلاف مع محتوى المنتج الحقيقي. غالباً ما تكون كمية النيكوتين في السوائل الإلكترونية مختلفة عمّا يذكره الغلاف، وتحتوي السوائل الإلكترونية على النيكوتين حتى لو ذكر غلافها أنها تخلو من هذه المادة. كذلك، تذكر المنتجات نكهات عامة مثل «التوت» أو «التبغ»، لكن لا يستطيع المستخدم أن يعرف طبيعة المواد الكيماوية المضافة لإنتاج تلك النكهات أو ما يصيب المواد الكيماوية أثناء تسخينها و/أو تفاعلها مع مقادير أخرى وعناصر متنوعة في الجهاز. قد تشتق نكهة «التوت» وحدها من أكثر من 35 مادة كيماوية مختلفة.

قد تُعتبر العناصر الكيماوية المنكّهة من فئة الأغذية أو يتم تصنيفها كمواد صالحة للأكل. لكنّ خلطها مع السوائل الإلكترونية وتسخينها واستنشاقها يعكس نوعاً مختلفاً من التعرّض لهذه المواد مقارنةً باستهلاكها بشكلها الطبيعي.

عند استعمال عنصر البنزالديهايد مثلاً (مادة بنكهة اللوز)، يؤدي تنشّقه إلى اختلال الوظيفة المناعية للخلايا الرئوية، ما قد يُضعِف قدرة السيجارة الإلكترونية على التعامل مع سموم مستنشقة أخرى أو التهابات تنفسية مختلفة.

لتقييم المخاطر الصحية التي تطرحها السجائر الإلكترونية إذاً، يجب أن نعرف أولاً ما يحصل عند تسخين المواد الكيماوية المنكّهة واستنشاقها، وطبيعة التفاعلات بين مختلف مقادير السوائل الإلكترونية، ونوعية الملوثات الأخرى الموجودة في هذه السوائل وأي عناصر جديدة وضارة في السجائر الإلكترونية.

أخيراً، يجب أن نجمع معلومات إضافية عن طريقة استخدام السجائر الإلكترونية لفهم المخاطر الصحية وتقييم حجمها في العالم الحقيقي.


MISS 3