%76 من المواد التي تمّ جمعها كانت بلاستيكية

النفايات البحرية في كل مكان على الشواطئ اللبنانية

02 : 00

نشرت مدونات البنك الدولي دراسة عن المشكلات المتعلقة بإدارة النفايات الصلبة التي طال أمدها في لبنان، والتي تفاقمت خلال السنوات القليلة الماضية، نتيجة للأزمة المالية التي قلصت إمكانيات إدارة النفايات إلى حدها الأدنى، مما أدى إلى عدم كفاية ممارسات جمع النفايات والتخلص منها. وبالإضافة إلى ذلك، فقد أدت عوامل أخرى؛ مثل عدم إنفاذ القوانين والتشريعات الخاصة بإدارة النفايات، وتزايد سلوك إلقاء النفايات بين المواطنين، وضعف الخدمات المحلية في المناطق الساحلية التي تتسم بدرجة عالية من التوسع العمراني، إلى تفاقم الوضع الذي يعانيه نظام إدارة النفايات في لبنان.

ولهذا الوضع عواقب بيئية وخيمة على المناطق البحرية والساحلية في لبنان. ولفهم هذه المسألة على نحو أفضل، أُجريَ تقييم لخط الأساس يتسم بالشمول وجاء تحت عنوان «خط الأساس للنفايات البحرية في لبنان - 2021» لتحديد مصادر النفايات البحرية ومساراتها وبؤرها الساخنة في البلاد. وقام الصندوق الائتماني للحفاظ على المحيطات (بروبلو) بتمويل هذا المسح، وقام البنك الدولي بتنفيذه بالتنسيق الوثيق مع وزارة البيئة اللبنانية. وقام بإجراء هذا المسح المجموعة الاستشارية لاتحاد الموارد والنفايات، بالتعاون مع معهد الدراسات البيئية بجامعة البلمند.

واستخدمَ مسحُ خط الأساس أربعَ منهجيات لجمع البيانات الأولية عن النفايات البحرية في لبنان وهي: أداة المدن الحكيمة في إدارة النفايات، والمخطط البياني لتدفق النفايات، ومسح المخزون الدائم، ومسح تراكم النفايات. وأجريت مسوح برية وشاطئية وبحرية على جولتين؛ أجريتا في نيسان، وتشرين الأول 2021، أتاحت الاطلاع عن قرب على كمية النفايات البحرية وتكوينها وتقلباتها الموسمية. وكشفت المسوح بشكل مثير للصدمة، عن أن النفايات البحرية كانت موجودة في كل مكان على الشواطئ اللبنانية، وأن 76% من المواد التي تم جمعها كانت بلاستيكية. وأشارت المسوح إلى أن كثافة النفايات البحرية زادت بنسبة 37% بين نيسان، وتشرين الأول 2021 (من 7.9 إلى 10.4 عناصر/‏متر مربع)، وأكدت وجود نفس النقاط الساخنة خلال المسوح التي تقع حول المناطق الحضرية، بما في ذلك طرابلس وصيدا.

وكشفت الدراسة النقاب عن أن أكثر من 82% من النفايات البحرية نشأت من مصادر برية. وشملت العناصر الأكثر شيوعاً المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد؛ مثل أغطية الزجاجات وزجاجات المرطبات وأعقاب السجائر والأكواب والشفاطات، والتي غالباً ما يتركها مرتادو الشواطئ. وسلط تحليل نظام المعلومات الجغرافية الضوءَ على زيادة مثيرة للقلق في مواقع التخلص من النفايات غير الخاضعة للرقابة بالقرب من شواطئ الأنهار (مع وجود 73 موقعاً جديداً محتملاً منذ عام 2017 بالقرب من الأنهار الدائمة)، مما قد يسهم في النفايات البحرية عبر المسارات النهرية. حددت النتائج أيضاً ثلاثة مصادر رئيسية لتسرب النفايات البلاستيكية وهي: إلقاء النفايات مباشرة من جانب مرتادي الشواطئ، والنفايات التي لا يتم جمعها داخل المدن، ومواقع التخلص غير الخاضعة للرقابة على طول ضفاف الأنهار.

وفحصت المسوح أنظمة ما بعد جمع النفايات في سبع مدن في لبنان؛ البداوي وجبيل وغزير وبيروت والغبيري والعدوسية وصور، وكشفت أن ما متوسطه 3.1 كلغ لكل شخص سنوياً من النفايات البلاستيكية تسربت من أنظمة إدارة النفايات الصلبة، وهو معدل تسرب أعلى بستة أضعاف من أي نظام لإدارة نفايات يمكن وصفه بأنه جيد الأداء. وتم تحديد حاويات جمع النفايات المفتوحة بوصفها من العوامل الرئيسية المساهمة في تسرب المواد البلاستيكية، مما أكد أهمية معالجة الأنظمة الحالية لجمع النفايات في البلاد باعتبارها عاملاً رئيسياً يؤثر على حجم النفايات البحرية.

وتبين أن الأنشطة السياحية الساحلية هي المصدر الرئيسي للنفايات البحرية، حيث يترك رواد الشواطئ وراءهم أكواماً من المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد. ومن المهم التطرق لمعالجة مثل هذه السلوكيات وتشجيع الممارسات المسؤولة بين المواطنين والسياح على حد سواء.

ويقدم تقرير خط الأساس حول النفايات البحرية، توصياتٍ للأبحاث القادمة من أجل تحسين مجموعات البيانات، وكذلك اتخاذ إجراءات محددة للتصدي للنفايات البحرية ومنعها، بما في ذلك إدخال تغييرات جوهرية على السياسات واللوائح التنظيمية والتمويل والإطار المؤسسي للإدارة الفعالة للنفايات.

ومع وجود مثل هذه الرؤى والأفكار المهمة في ما يخص أزمة النفايات البحرية في لبنان، فهناك حاجة ملحة لاتخاذ إجراءات مناسبة. وعن طريق الإدراك السليم لمصادر النفايات البحرية ومساراتها وبؤرها الساخنة، يمكن للسلطات اللبنانية المختصة وضع نهجٍ موجهٍ وشاملٍ لمعالجة هذه القضية البيئية الملحة. ومن شأن تنفيذ الإجراءات الموصى بها في هذا التقرير، وبدعم من مشاركة أصحاب المصلحة، أن يمهد الطريق لمستقبلٍ أكثر نظافة واستدامة، وأن يحافظ على الأنظمة البيئية البحرية والساحلية في لبنان للأجيال القادمة.

MISS 3