يبقى سعر الصرف الصاعق الناسف لكلّ الأرقام

مشروع موازنة 2024: ثوابت قليلة ومتغيّرات كثيرة

02 : 00

*عجز 13.8% من غير المعروف كيفية سداده طالما لا إقراض بالليرة والدولار من مصرف لبنان

*رسوم وضرائب بالدولار قد ترفع الطلب على العملة الخضراء وتنسف ما يخطّط له البنك المركزي

*حالات عدم اليقين دفعت إلى وضع ثلث النفقات في إحتياطي الموازنة للصرف منه حسب المتغيّرات

*تأجيل النفقات الإستثمارية إلى سنوات لاحقة ما يعني أن أوضاع البنية التحتية مستمرّة بالتدهور



أعدّت وزارة المالية مشروع موازنة 2024 ورفعته الى مجلس الوزراء. يأتي المشروع في وقت مبكر على غير العادة. وهذا إيجابيّ قياساً بكثير من السنوات السابقة التي كانت تتأخر الموازنات ولا تقرّ إلا بعد قرب انتهاء السنة المالية. إستندت أرقام المشروع الجديد الى موازنة 2021 من حيث المقارنة. ما يعني أن الوزارة تعترف بأن موازنتي 2022 و2023 ليستا صحيحتين على الإطلاق للبناء عليهما من سنة الى أخرى. لكن ما الذي يدعو للاعتقاد أن مشروع 2024 هو أقرب للدقّة والتحقق؟ الجواب لا شيء تقريباً!


فالمشكلة الأساس تبقى في حالة عدم اليقين بشأن سعر الصرف. فإذا كان سعر صرف الدولار مستقرّاً منذ آذار الماضي، فلا شيء يؤكّد استقراره في الفترة المقبلة، خصوصاً أن البنك المركزي سيعتمد منصة بلومبيرغ في الشهرين المقبلين بناء على العرض والطلب الحقيقيين مع هامش ضئيل للتدخّل من قبل مصرف لبنان. ومن إشارات عدم اليقين في مشروع الموازنة الجديد وضع ثلث أرقام الإنفاق في احتياطي الموازنة بحيث يتمّ الصرف منه وفقاً لتطوّرات حاجة القطاعات والإدارات وأبواب الإنفاق المختلفة. وللسنة الرابعة على التوالي لا تلحظ الموازنة اعتمادات إنفاق استثماري وتؤجل ذلك للعام 2025 ولاحقاً.

ولحظت الموازنة نفقات مقدّرة بنحو 300.5 ترليون ليرة مقابل نفقات بنحو 258.7 ترليون ليرة ونسبة العجز 13.8%. فالوزارة لم تستطع تغيير المسار المنحدر منذ التسعينات والذي هو في أساس الأزمة في لبنان: عجز في الموازنة يفرض الاقتراض. لكن من أين الاقتراض إذا كان الحاكم الجديد للبنك المركزي (بالإنابة) يؤكد أنه لن يقرض الحكومة لا بالليرة ولا بالدولار، ولن يلجأ لطبع العملة الوطنية حتى لا يتأثر سعر الصرف. كما أن جديد الموازنة هو الاتجاه الى جباية رسوم وضرائب بالدولار. فهل سيزيد الطلب على العملة الخضراء لسداد تلك الضرائب والرسوم؟ وما مصير سعر الصرف في هذه الحالة؟ وهذا أيضاً متغيّر كبير لا يمكن الاستهانة به بحيث إنه قد ينسف الكثير من أرقام الإيرادات الواردة في الموازنة. ولحظ المشروع أيضاً رفع الضريبة على القيمة المضافة من 11% الى 12%، ورسوماً مقابل خدمة جمع النفايات الصّلبة ومعالجتها ويشمل ذلك مخيّمات اللاجئين النازحين وهي بالدولار إنما تُستوفى بالليرة، ورسم استهلاك للحفاظ على البيئة وهو عبارة عن رسم جمركي يشمل جميع السّلع المستوردة بين 1 و 4 بالألف (ما يزيد عن الـ1500 سلعة مستوردة) ولم يعرف كيف ستنفق حصيلة هذا الرسم على وجه التحديد بيئياً، واستيفاء عدد من الرسوم بالدولار ويشمل ذلك الرسوم الجمركية ورسم الاستهلاك الداخلي عند الاستيراد ورسوم كهرباء لبنان.

وجاء في تقرير أعدّته «الدولية للمعلومات»: أن إيرادات مشروع الموازنة مرتبطة بافتراض إقرار مشروع موازنة العام 2023 التي لم تقرّ من مجلس النواب بعد، وأضاف التقرير أن مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2024 يتألف من 64 مادة موزّعة على أربعة فصول وأورد التقرير توضيحاً للمواد التي تضمّنها هذا المشروع وفق الملاحظات التالية:

أولاً: في النفقات عامة:

إن النفقات المقدّرة تضاعفت 7.35 مرات مقارنة بموازنة العام 2022 في المجموع العام. أما على صعيد الوزارات، فيتبيّن أن احتياطي الموازنة نال النّسبة الكبرى من الاعتمادات وهو أمر مستغرب وللمرة الأولى تصل نسبة هذا الاعتماد الى 33.7% من مجمل النفقات، وتكون في هذه الحالة نفقة غير محدّدة يتوقّف إنفاقها على نقل اعتماد منه.

تتوزّع النفقات بين الإدارات والوزارات حيث يظهر أنه تم تخفيض موازنة وزارة المالية عن مشروع العام 2023 من 45 ألف مليار الى 4.7 آلاف مليار، وكأن النفقات التشغيلية والرواتب ومعاشات التقاعد قد اختفت ما يظهر أنه تمّ نقل هذه النفقات الى احتياطي الموازنة.

نالت وزارة الدّفاع النسبة الكبرى من الاعتمادات حيث بلغت نسبة 13% من مجمل الموازنة تليها وزارة الصحة بنسبة 10.4%.

أما على صعيد تصنيف النّفقات، فقد بلغت النفقات التشغيلية حوالي 285 ألف مليار والتي تمثل النفقات العادية في حين أن نفقات الجزء الثاني من الموازنة بلغت فقط 15.5 ألف مليار وهي نفقات التجهيز والاستثمارات.

ثانياً: في الإيرادات:

أما على صعيد الإيرادات، فيبدو أن الحكومة افترضت أن مشروع موازنة 2023 مصدق وأوردت إيراداتها المرتقبة في الإيرادات المقدّرة في مشروع موازنة 2024، كما أوردت ضرائب ورسوماً جديدة فيها وفق ما يلي:

- قدّرت وزارة المال أنها ستحقّق إيرادات بمبلغ يوازي 16 ضعف ما تمّت جبايته في العام 2021 كرقم إجمالي، واعتبرت أن الضريبة على القيمة المضافة ستحقّق 90 ألف مليار أي 30 ضعف ما تمّت جبايته في العام 2021 حيث إنها لم تورد أرقام الجباية المحصّلة فعلياً في العام 2022 ولا العام 2023.

- لم تورد من أرباح إدارة حصر التبغ والتنباك سوى 1.3 ضعف عن الإيرادات التي حققتها عام 2021 رغم أنها أوردت أنها ستحقّق 27.7 ضعفاً إضافية عن رسوم التبغ والتنباك مقارنة بالإيرادات عن عام 2021. أما الجمارك فقد قدّرت المالية أنها ستحقّق 27.7 ضعف ما حققته سنة 2021.

ثالثاً: أحكام متفرّقة:

- أخضعت المادة 18 الحفلات الفنية والموسيقيّة أو الترفيهيّة للضريبة على القيمة المضافة ولو كانت حفلات عارضة.

- استحداث رسم بدل خدمات سريعة وطارئة لدى الإدارات العامة يستوفى من الراغبين في إنجاز معاملاتهم بسرعة ويوزّع حاصل الرسوم وفق الآتي:

%50 لموظفي المديرية المعنية

%5 لموظفي الهيئات الرقابية

%10 لموظفي الإدارات التي لا تقدّم خدمات

%15 لصندوق تعاضد موظفي الإدارات العامة

%20 للخزينة العامة

- الإجازة للمكلفين بتسديد الضرائب من حساباتهم المصرفية بالعملة الأجنبية (القديمة قبل 10/2019) عبر احتساب قيمتها على أساس 40% من سعر الدولار الأميركي على منصة صيرفة.

- استيفاء الضريبة من الرواتب المدفوعة بالعملة الأجنبية حيث يتم تحويل الراتب الى الليرة على أساس 40% من سعر الصرف على منصة صيرفة ثم يتم تحويل الضريبة المحتسبة الى العملة الأجنبية التي دفعت على أساس سعر صرف منصة صيرفة.

- رفع رسوم قانون براءات الاختراع وقانون حماية الملكية الأدبية والفنية ورسوم الملكية التجارية والصناعية كذلك ومنها ما وصل الى 25 ضعف الرسم السابق.

- رفع رسوم إجازات الاستيراد والتصدير وإعادة التصدير المنصوص عنها في الجدول رقم 9 الملحق بالقانون 280/1993 لتصبح الرسوم 5 ملايين بعد أن كانت 75 ألف ليرة.

- رفع الرسوم القضائية المتعلّقة بالسجل التجاري بشكل لافت حيث وصل رسم تسجيل التاجر مثلاً الى 100 مليون بعد أن كان يبلغ 2000 ليرة.

- إنشاء رسم جديد للحصول على ترخيص لاستثمار مؤسسة سياحية والحصول على إفادة تأكيد استمرارية الاستثمار بين 5 و25 مليوناً.

- زيادة الرسوم المقطوعة في قانون الرسوم والعلاوات البلدية الى 40 ضعفاً.

- استحداث رسوم بقيمة ما بين 300 و500 ألف في المديرية العامة للتعليم العالي واستحداث رسوم إضافية لجميع الإفادات.

- تعديل آلية احتساب الرسوم والغرامات المتوجّبة على مؤسسات التعليم العالي على أساس سعر صرف 1507 وضربها بسعر الصرف حسب المنصة الرسمية.

- إقرار رسوم على المعاملات التي يجريها القضاة الشرعيون لدعم صندوق تعاضد القضاة الشرعيين والمذهبيين.

- تعديل الرسوم التي تستوفيها وزارة العمل لا سيّما الموافقات المسبقة وإجازات العمل والمحاضر.

- فرض رسم على خدمة جمع النفايات الصلبة ومعالجتها ويكون رسماً شهرياً يتراوح بين حد أدنى وحد أقصى حسب نوع الوحدة السكنية أو الصناعية أو غيره ويشمل مخيّمات النازحين واللاجئين.

- رفع قيمة طابع المختار من 5 آلاف الى 50 ألفاً لدعم الصندوق التعاوني للمختارين وتشديد العقوبة على المختار الذي يمتنع عن إلصاق الطابع.

- ألغت المادة 62 من المشروع التصديق الحكمي المنصوص عنه في النظام العام للمؤسسات العامة لجهة التصديق الحكمي للقرارات التي تتّخذها المؤسسات العامة، وعبر اشتراط موافقة مجلس الوزراء.

- حظرت المادة 63 على المؤسسات العامة تغطية فروقات الاستشفاء ببوالص استشفاء لمستخدميها المستفيدين من تقديمات الضمان الاجتماعي.

ماذا عقارياً؟

إبقاء استمرار التخمين العقاري طالما لم تتعدّل الظروف والسماح للبلديات بإعادة النظر بالقيمة التأجيرية بعد مرور 3 سنوات على تخمينها عبر تعديل المادة 8 من القانون 60/1988 (الرسوم والعلاوات البلدية) (م.45 من المشروع)

- رفع القيمة التأجيرية للعقارات المعتمدة نسبة للزيادة الطارئة على الحد الأدنى الرسمي للاجور عبر إعادة العمل بالمادة 10 من القانون 60/1988 حيث إنه في كل مرة يزاد فيها الحد الأدنى الرسمي للأجور، ترفع القيم التأجيرية المعتمدة لفرض الرسم بمعدل نصف نسبة الزيادة الطارئة على ذلك الحد الأدنى. مع العلم أنه سبق أن أوقف العمل بالمادة العاشرة بموجب المادة الثانية من القانون 336 تاريخ 24/05/1994.

- تعديل الحد الأدنى لمعدلات الرسم على القيمة التأجيرية بحيث يبقى المعدل:

%5 للأماكن المستعملة للسكن.

%7 للأماكن المستعملة لغير السكن.

- على أن لا يقل مقدار الرسم السنوي المفروض في كل تكليف عن مليون بعد أن كان /25000/ل ل. في الأماكن المستعملة للسكن وعن مليونين بعد أن كان /50000/ل.ل في الأماكن المستعملة لغير السكن.

- رفع قيمة الغرامة على مالك العقار الذي يمتنع عن إعلام البلدية خطياً باشغال البناء سواء شغله بنفسه أو أجّره من الغير وبكل ما يطرأ على هذا الإشغال من تعديل في وجهة الاستعمال وتبديل في الشاغلين وذلك لغاية 31 كانون الأول من السنة التي جرى فيها الإشغال أو حصل فيها التعديل أو التبديل. (كانت 500 ليرة أصبحت ضعف الرسوم المتوجبة على القيمة التأجيرية من كل سنة).

- تعديل رسم الترخيص المقطوع من (10000) عشرة آلاف ليرة لبنانية الى مليون ليرة وهو يتوجّب عن كل ترميم أو تصليح لا تنتج عنه إقامة هيكل حديد (جدران حاملة وسقوفية او أعمدة وجسور سقوفية وعلى إقامة التصاوين)

- اعتبار رسم الأرصفة والمجاري سارياً على المالك بغضّ النظر عن إشغاله للعقار ولو لم يكن العقار مشغول فعلياً.

- رفع الرسم الذي تستوفيه البلدية من (2000 ل.ل.) الى 500 ألف في كل من الحالات الآتية:

1 - إعطاء بيان لمسطح تخطيط عن كل عقار.

2 - إعطاء بيان عن مستويات (شقلات) عن كل عقار.

3 - إعطاء بيان عن المجاري والمناطق الارتفاقية او أحدهما عن كل عقار.

4 - لقاء التدقيق في كل طلب إفراز.

5 - سائر الإفادات والبيانات ذات الطابع الفني.


MISS 3