مرّة جديدة تقارب الحكومة في المراسيم التي تصدرها والتي تتعلق برواتب موظفي الإدارات العامة، مقاربة خاطئة وترقيعية ومشروطة، يجعل منها عبئاً على الموظف العام بدلاً من حلّ عادل وجذري للمشكلات التي يتخّبط بها منذ بدء الأزمة المالية وانهيار الليرة الوطنية. وسيكون التعويض الشهري الذي أُقرّ في جلسة مجلس الوزراء عن شهري أيلول وتشرين الأول 2023 كما يلي: 10 ملايين ليرة لموظفي الفئة الخامسة والأجراء ومقدمي الخدمات الفنية، 12 مليون ليرة لموظفي الفئة الرابعة، 14 مليون ليرة لموظفي الفئة الثالثة، و16 مليون ليرة لموظفي الفئة الثانية، و 18 مليون ليرة لموظفي الفئة الأولى. وبذلك يجدّد مجلس الوزراء العهد للسياسة التي يعتمدها منذ أكثر من عام بوضع شروط على العامل في الإدارات العامة للحصول على التعويض الشهري، إذ ذكر القرار الذي صدر أنه يترتب على الموظف الحضور الفعلي طوال أيام الدوام الرسمي، أما في حال تغيّب الموظف بإجازة إدارية أو إجازة مرضية لا يجوز أن تتجاوز مدّة الغياب الأربعة أيام شهرياً. وفي حال كانت الإجازة تتجاوز مدّة الأربعة أيّام لا يحقّ للموظف الإستفادة من التعويض المذكور آنفاً.
صحيح أن مقترح التعويضات لموظفي الإدارات العامة الذي أقرّه مجلس الوزراء في مرسوم، سيساعد الموظف القريب من مكان عمله، إلا أنه لن يدعم صغار الموظفين البعيدين عن أماكن عملهم، أصحاب الحقوق المهدورة دوماً. فتلك التعويضات التي تتراوح من 10 ملايين ليرة الى 18 مليون ليرة لبنانية، ستشكّل عبئاً على الموظف العام بسبب عدم مراعاتها المشكلات الجمّة التي يواجهها المستخدم العام، أبرزها كلفة النقل خصوصاً وأن المرسوم مشروط بالحضور الفعلي كامل أيام الدوام الرسمي للإدارات خلال شهري أيلول وتشرين الأول 2023.
تجديد عهد الشروط
وتعليقاً على هذه الشروط ومبلغ التعويض الذي يعتبره موظفو الدولة ضئيلاً، أوضحت رئيسة رابطة موظفي القطاع العام نوال نصر لـ»نداء الوطن» أن «بند مشروع المرسوم للتعويضات الذي أقر في مجلس الوزراء، لا يشكّل أدنى حلّ للمشكلات القائمة. لافتة الى أننا نواجه أكثر من مشكلة في ما يتعلق بالرواتب عدا بدل النقل، الطبابة، الإستشفاء والتعليم».
وعلّقت على ان الحكومة لا تزال تشترط على الموظف الحضور لتقاضي هذا التعويض، وذلك رغم أن قيمة التعويض لا تزال زهيدة جداً وبعيدة كل البعد عن أدنى الحاجات. ولا نزال نعاني من مشكلة «مَن معه يُعطى ويُزاد ومن ليس معه يؤخذ منه ويُكبّد الكثير». نحن أمام مشروع مرسوم يعطي 10 ملايين للفئة الدنيا و18 مليونا للفئة الاولى.
مطالب القطاع العام
وأضافت نصر: «جُلّ ما نطلبه هو الحلول لوضع الموظفين القائم حالياً. المشكلة عند الفئات الدنيا هي أكبر بكثير من المشكلات لدى الفئة الأولى. فموظف الفئة الأولى، لديه لجان وعطاءات وتقديمات أخرى، على عكس موظفي الفئة 2 و3 و4 و5، التي تتدرّج حقوقهم نزولاً مع انخفاض الفئة. وقالت نحن أمام مشكلتين:
أولاً، لم يتطرق المرسوم الى مشكلة «المسافات»، فعندما طلبنا بدل نقل يتوافق مع المسافات للوصول الى العمل وسعر المحروقات لم تتمّ الإستجابة لمطلبنا، لذلك نعاني من عدم قدرة الموظفين البعيدين عن مراكز عملهم من الوصول الى مكاتبهم.
لكن من يستطيع الوصول الى إدارات العمل؟ فقط من يتقاضى راتباً من المنظمات الدولية وهم قلّة طبعاً، ومداخيل إضافية مثل اللجان والفئة العليا والأدنى بقليل.
ثانياً، الراتب لا يكفي وجبة طعام واحدة للعائلة. ولم نتطرق بعد الى كلفة النقل خصوصاً وأن الحضور الزامي يومياً. توجد قيود طويلة عريضة لإعطاء التعويض.
وسألت نصر: أين منح التعليم للأهالي غير القادرين على إدخال أولادهم الى المدارس الرسمية ودفع أجرة الـ»أوتوكار» وإعطاء اولادهم حتى «سندويش» يومياً؟
وإذ شكرت الحكومة على منح الموظفين التعويض، اعتبرت أن قيمته غير كافية ولا تراعي لا مبدأ الإبتعاد عن مركز العمل ولا كلفة بدل النقل، تماماً كما حصل في المرسوم السابق الذي منح الموظف 4 رواتب إضافية شرط الحضور 14 يوم عمل. فالوصول الى العمل أمر مستحيل الا للقريبين من مركز العمل أو من لديهم مداخيل إضافية.
إنطلاقاً من تلك المعطيات خلصت الى أن مشروع المرسوم أيضاً لم يراع المحتاجين الى هذا التعويض، إذ وضع خصيصاً لمن لا يحتاجه.
ولفتت الى أن تلك المراسيم والقرارات المالية الصادرة عن الحكومة عموماً ووزارة المال خصوصاً يُعدها كبار الموظفين وهي «تدعس» على الموظف الصغير، مناشدةً وزير المال وسائر الوزراء توسيع دائرة المستشارين الماليين والإقتصاديين لديهم لوضع الحلول الفعلية للموظفين. فبَدلَ أن «تُكحّلها» الحكومة «عِميتها»، إذ إنه رغم زيادة قيمة التعويضات للموظف، إلا أنها «زادت الطين بلّة، باعتبار أنها باتت مقرونة بالحضور اليومي الذي ستتآكله كلفة النقليات، «فتعمقت الهوة بين المغبونين والمستفيدين أكثر، كما ختمت نصر.