رواد مسلم

الوقت ليس لصالح كييف في زابوريجيا

9 أيلول 2023

02 : 01

هل ستضطرّ موسكو إلى إعلان تعبئة جديدة؟ (أ ف ب)

تُحرز القوات الأوكرانية تقدّماً ملحوظاً في الجبهة الجنوبية على محور ميليتوبول، ومن الطبيعي أن يكون التقدّم بطيئاً بسبب التحصينات الروسية الضخمة في الخط الدفاعي الأوّل. لكن على المستوى التكتيكي، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ القوات الأوكرانية التي تمكّنت من إحداث الخرق في روبوتين وتقدّمت بعمق الدفاعات الروسية حوالى 5 كلم جنوباً، يجب أن توسّع هذا الخرق يميناً ويساراً لمنع القوات الروسية من القيام بعملية الإحاطة وحصر القوات الأوكرانية المُهاجمة جنوب روبوتين بعد استرجاع المنطقة. ولتوسيعه، لا بدّ من استقدام تعزيزات كبيرة سبق أن استقدمتها من دبابات ومدفعية، الأمر الذي يتطلّب وقتاً لإعادة تمركزها ما يُعرّضها لخطر الهجمات الصاروخية والمسيّرة.

مسألة حماية هذه الوحدات الأوكرانية المُهاجمة تتطلّب عديداً وعتاداً نوعيّاً لصدّ الهجوم الروسي المعاكس على مجنّباتها الذي لا بدّ من حصوله قريباً، خصوصاً أنّ الوحدات الروسية قد استقدمت تعزيزات ضخمة من ليمان. لذلك، لا بدّ من حدوث معركة تصادمية قريباً فالطرفان يتحضّران. كما أن زيارة وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن كييف في هذه الفترة، مهمّة جدّاً، أوّلاً لرفع معنويات الجيش الأوكراني وتأكيد الدعم الأميركي القوي، وثانياً لأهمّيته في الحرب النفسية والإعلامية على الجيش الروسي، خصوصاً مع الإعلان عن مساعدات عسكرية جديدة وقدرتها على مواجهة الأسلحة الروسية.

المعركة جنوباً تتطلّب بشكل أساسي الدبابات المتطورة وبأعداد كبيرة بسبب طبيعة الأرض المفتوحة، ولحماية هذه الدبابات يجب أن يكون هناك منظومة دفاع جوّي مضادة للصواريخ والمسيّرات الروسية. فعسكريّاً، هذه المعركة تتطلّب تفوّقاً جوّياً كاملاً فوق الدبابات المتقدّمة، لأنّ قوّة الدبابة بمواجهة دبابة روسية لن تكون مسألة مهمّة إذا تعرّضت لهجوم من مسيّرة صغيرة تحمل متفجّرات ومتّجهة إلى برجها، وهذا ما تطلبه أوكرانيا من الغرب.

وعلى الرغم من إعلان الولايات المتحدة أنّها ستُقدّم عدداً قليلاً نسبيّاً من دبابات «أبرامز» (41 دبابة) مع ذخائرها الخارقة للدروع التي تحتوي على «اليورانيوم المنضّب» من عيار 120 ملم في الخريف القريب، إلّا أنّ المدرّعات الأوكرانية تمتلك أعداداً كبيرة من الدبابات الأخرى التي يُمكن استخدامها في الخطوط الخلفية، فتكون «أبرامز» الدبابات الأساسية وتعاونها الدبابات الأخرى، لكنّ الأهمّ هو الحماية الجوية والإستعلام التكتي من خلال المسيّرات وطائرات الإستعلام لمعرفة وضع العدو قبل كلّ تقدّم مفاجئ.

من بين ما يطلبه الجيش الأوكراني من الأسلحة والذخائر من الولايات المتحدة، النسخة المحدّثة والأكثر تطوّراً من الصاروخ جو - جو المتوسّط المدى «إي آي إم 120 دي» (أمرام) الذي يتراوح مداه بين 160 و180 كلم، وتصل سرعة تحليقه إلى 4 مرّات سرعة الصوت، ووزنه 152 كلغ وطوله 4 أمتار، وذلك بهدف استخدامه عند وصول المقاتلات الأميركية «أف 16» مطلع العام 2024. مع العلم أنّ أوكرانيا حصلت مسبقاً على هذا النوع من الصواريخ بنسخة أرض - جو لاستخدامه عبر أنظمة الدفاع الجوي الأميركية «ناسامز». والمميّز في هذا الصاروخ المعدّل أنّه قادر على مقاومة الحرب الإلكترونية والتشويش، ويُمكنه تتبّع هدفه من خلال نظام تحديد المواقع الجغرافية (GPS) في مختلف الأحوال الجوية.

في المقابل، نقلت وكالة «تاس» أنّ المقاتلة الروسية الأكثر حداثة من الجيل الخامس «سو 57» ستتزوّد قريباً بالصاروخ الفرط صوتي «آر 37» الذي يتراوح مداه بين 150 و300 كلم، وتصل سرعة تحليقه إلى 5 مرّات سرعة الصوت. لكن روسيا لم تستخدم بعد المقاتلة «سو 57» في حربها، ربّما خوفاً من إسقاطها ومعرفة الجيش الأوكراني لمدى تطوّر أنظمتها، بيد أن مع هذا الصاروخ ستتمكّن المقاتلة من إطلاقه قبل دخولها الأجواء الأوكرانية.

دبابات «أبرامز» وبمساعدة الصواريخ «إي آي إم 120 دي» ستعمل بشكل متكامل، وبالطبع ستدخل الحرب منعطفاً أكثر خطورة مع تفوّق هذه الدبابات المزوّدة بذخيرة «اليورانيوم المنضّب» على الدبابات الروسية الأكثر تطوّراً. لكن من الطبيعي أنّ القيادة العسكرية الروسية تعمل على إيجاد خطط تكتيكية لصدّ هذه الدبابات، خصوصاً أنّ الهجوم الأوكراني المضادّ سيقف وقتاً عند الخط الدفاعي الروسي الثاني الأقلّ تحصيناً، بانتظار وصول كافة الدبابات الأميركية والعتاد الآخر، والجيش الروسي يستقدم التعزيزات ويزيد الاجتماعات العسكرية، فهل هذا التقدّم الأوكراني الواعد سيقف ليتحوّل إلى حرب استنزاف أخرى؟


MISS 3