جاد حداد

Choose Love... كوميديا رومانسية تفاعلية باهتة

11 أيلول 2023

02 : 04

نظرياً، تبدو الكوميديا الرومانسية التفاعلية، حيث يحصل المشاهد على خيارات متنوعة لانتقاء تصرفات الشخصية الرئيسية، فكرة جيدة لكنّ جوانبها الممتعة تتبخر سريعاً. اختارت شبكة «نتفلكس» فيلم Choose Love (اختر الحب) لخوض هذه التجربة الناشئة، ويحاول صانعو العمل على الأقل انتقاء خيارات منطقية تتماشى مع مختلف أذواق المشاهدين الافتراضيين في مجال العلاقات الرومانسية (علاقة مستقرة وصادقة، أم علاقة قائمة على الشغف والحنين، أم علاقة عفوية ومبنية على الغزل المتبادل؟). مع ذلك، تفتقر القصة المعروضة إلى المصداقية.

لا بد من إنصاف جهود المخرج ستيوارت ماكدونالد وكاتبة السيناريو جوزان ماكغيبون، فهما يعرضان عدداً مبهراً من التحولات والأحداث المشوّقة، لكن يصعب تجاوز الانزعاج الذي ينتابنا حين نضطر لاتخاذ القرارات بدل «كامي» (لورا مارانو)، منتجة الصوت العشرينية التي سئمت من مهنتها وعلاقتها القديمة مع «بول» (سكوت مايكل فوستر). مجدداً، تقتصر شخصية «كامي» على جوانب حيوية مفرطة، وأزياء غريبة لا تتماشى مع زمن الأحداث (أو تبدو أقرب إلى العام 2014 على الأقل)، ووعد من قارئة التارو بظهور ثلاثة رجال مختلفين يمكنها الاختيار بينهم في أقرب وقت.

بغض النظر عن بعض القرارات غير المنطقية (مثل نصيحة بطلة القصة لنسيبتها بالدفاع عن نفسها من أحد المتنمرين أو الرحيل بكل بساطة)، سنقابل هؤلاء الرجال في مرحلة معينة. سنتعرف أولاً على «بول»، محامي طلاق مستقر يجيد التعامل مع الأطفال ومستعد للزواج والارتباط الجدّي، ثم «جاك» (جوردي ويبر)، الشاب الوسيم الذي كان حبيب «كامي» في المدرسة الثانوية وعاد للظهور في لوس أنجلوس بلا سابق إنذار، بعدما كرّس نفسه للقضايا الإنسانية الدولية. أخيراً، سنتعرّف على «ريكس» (أفان جوغيا الذي يستعمل لكنة بريطانية مبهمة في هذا الدور). هو موسيقي مشهور ويبدو أنه الرجل الوحيد الذي تجمعه كيمياء معينة مع بطلة القصة (من الإيجابي أن نجد ولو خياراً مناسباً واحداً!). يمثّل كل واحد منهم قيمة مختلفة: «بول» رمز للالتزام، و»ريكس» رمز للمجازفة، و»جاك» رمز للشغف. لكن تقف خصائص الشخصيات عند هذا الحد، إذ تبدو تركيبة حياة «كامي» وشخصيتها سطحية ومفتعلة.

على صعيد آخر، تبدو الجوانب البصرية والجمالية رديئة، وهي تتماشى مع الأجواء المشحونة والإضاءة الخافتة التي تطبع جزءاً كبيراً من أعمال «نتفلكس» الأصلية. في المقابل، يتماشى التمثيل المبالغ فيه والحالات العاطفية المفرطة مع أفلام «ديزني» التي تستهدف المراهقين أكثر من أجواء الكوميديا الرومانسية النموذجية. يسهل أن نلاحظ الجهود التي تبذلها مارانو لإضفاء شكل من المصداقية على أدائها والقصة ككل، فهي تتنقل بين مشاعر الصدمة القوية، والتجهم الكامل، والغمزات الماكرة التي تدعو المشاهدين إلى اتخاذ القرار عنها. مع ذلك، يفتقر العمل إلى الإقناع ويأتي العنصر التفاعلي بين الشخصيات والمشاهدين ليرسّخ هذا الانطباع.

يمكن الإشادة بجهود صانعي العمل وبالجانب الترفيهي الذي يرافق احتمال أن تختار بطلة القصة البقاء وحيدة في نهاية المطاف، ومع ذلك يخسر مفهوم الكوميديا الرومانسية التفاعلية بريقه منذ البداية، أقله في الأعمال التي تعرضها «نتفلكس». غالباً ما تتطلب هذه القصص الحيوية التخلي عن الأحكام المنطقية والواقعية مقابل التركيز على المراوغات والتشابكات الفوضوية التي تعيشها الشخصية الرئيسية. هل ستبقى «كامي» مع «بول» وتتكل على قوة الحب القديم؟ أم أنها ستَحِنّ إلى حبيبها السابق وتستكشف ما يمكن أن تؤول إليه هذه العلاقة مع «جاك» (تزامناً مع مساعدة بعض الأولاد الفقراء)؟ أو هل يمكن أن تراهن على أحلامها وتخوض تجربة الغناء مع «ريكس»؟ يُفترض ألا يهتم المشاهدون بالنتيجة النهائية لأنهم يشاهدون قصص الكوميديا الرومانسية لرؤية الشخصية الرئيسية وهي تقع في الحب وتتخبط بسبب سلسلة من الخيارات غير المتوقعة بدل ترك مصيرها بيد الآخرين.

في النهاية، يبدو الفيلم مجرّد نسخة رديئة من أعمال مألوفة، رغم محاولاته الواضحة لتقديم أفكار مميزة. ينشغل الناس اليوم باتخاذ القرارات أصلاً، وهم يتعاملون مع خيارات لامتناهية تتأثر بعاداتهم وأذواقهم وتاريخ مشاهداتهم. ها قد أصبحت الخيارات المحدودة واردة الآن أيضاً، وهي لا تبدو ممتعة بأي شكل.


MISS 3