طوني فرنسيس

حلم العودة من مدارس "الأونروا"

12 أيلول 2023

02 : 00

لا معنى لمعارك عين الحلوة غير القتل والتوتير وتسجيل المزيد من الضحايا. لا قيمة سياسية لما يجري في هذه البقعة عندما يتعلّق الأمر بتحرير فلسطين وحق العودة. القيمة الوحيدة هي النزف المستمرّ. وحق العودة يصبح حلماً بالعودة من مدرسة الأونروا إلى حي حطين، أو من المخيّم الملغى إلى البراكسات...

ليس كافياً إلقاء اللوم على الأصابع الإسرائيلية، والقول إنّ ما يجري يخدم إسرائيل. ليس في ذلك اكتشاف جديد ولا إحباط لمؤامرة. المهمّ النتيجة القائمة، ومختصرها أنّ عشرات الآلاف من المواطنين المكدّسين في بقعة عين الحلوة يتحوّلون إلى ضحايا، وبعضهم إلى قطّاع طرق بين الأنحاء اللبنانية، مجاناً ومن دون نتيجة سوى تسجيل المزيد من أسماء القتلى وتعليق المزيد من الصور.

لا يمكن تحميل عين الحلوة مشروعاً حاسماً. فمن يسمّى بـ»الإسلاميين» ليس لديهم ما يقولونه لأبناء المخيّم والجوار، سوى وعود غامضة بالجنّة وارتباطات لا تفسير لها منذ اغتيال القضاة الأربعة قبل ربع قرن.

في المقابل تقود «فتح» وفصائل منظمة التحرير الأخرى، في المخيم، مرحلة «الانتظار» حتى التسوية المأمولة، وذلك بعد تجربة مريرة في استعمال أرض لبنان من أجل تحرير فلسطين، فكاد لبنان يضيع وصارت فلسطين في تونس وجنوب اليمن.

ليس هناك ما يبرر وجود كل هذا السلاح في مخيم عين الحلوة. من أين يأتي ومن يوزّعه وبأي هدف؟ كلها أسئلة ستبقى من دون إجابات. والسلاح عموماً يقتل صاحبه في أوقات الفراغ، في المجتمع العربي في إسرائيل تنتشر الجريمة وتتزايد. لا أحد يتحدّث عن تحرير الجليل هناك. في الأسبوع الأخير قتل عشرة من أبناء العرب، وبلغ عدد الضحايا الإجمالي هذا العام 165 قتيلاً وقتيلة من عرب إسرائيل بسبب مشاكل خاصة وعائلية وأعمال انتقام تبدو وكأنّ لا نهاية لها.

ما يجري في عين الحلوة فيه شيء ممّا يحدث من جرائم في الوسط العربي داخل إسرائيل، وفيه أيضاً ملامح ممّا جرى في غزة لدى طرد «حماس» لـ»فتح» من القطاع وانفرادها في السيطرة عليه...

لكن الفارق الأساسي في المشهد أنّ عين الحلوة ليست في عكا، وليست شطراً من غزة، إنها ببساطة كتلة بشريّة تستحقّ العيش على مفترقات الانتظار بين صيدا وأنحاء لبنان الأخرى المشبعة معارك وضحايا وتحريراً.


MISS 3