كشفت دراسة جديدة أن إضافة كميات بسيطة من زيت جوز الهند إلى حمية الفئران طوال ثمانية أسابيع أدّت إلى تغيّرات في أيضها وسهّلت إصابتها بالبدانة ومشاكل صحية ذات صلة.
أضعف زيت جوز الهند قدرة الفئران على استعمال اللبتين والأنسولين بالشكل المناسب، علماً أنهما هرمونان أساسيان لتنظيم طريقة حرق السعرات الحرارية، والجوع، وكيفية تعامل الجسم مع الدهون والسكريات.
تدعم هذه الاستنتاجات الفرضية القائلة إن الحمية الغنية بالأحماض الدهنية المشبعة قد تُسبّب مشكلة مقاومة اللبتين. تزامناً مع تطوّر هذه المشكلة، يصبح نسيج تخزين الدهون في الجسم، أي الأنسجة الدهنية البيضاء، أقل تجاوباً مع اللبتين. ترتكز الدراسة الجديدة على نتائج أبحاث سابقة حيث استنتج الباحثون أن زيت جوز الهند أطلق استجابة التهابية مركزية ومحيطية وكان مسؤولاً عن اكتساب الوزن، وزيادة نسبة الدهون، وتراجع حرق السعرات، وتفاقم القلق لدى الفئران، ما يشير إلى اختلال توازن أنظمة الجسم.
انقسمت 60 فأرة في الدراسة الجديدة على ثلاث مجموعات تلقّت مكمّلاً سائلاً. حصلت المجموعة المرجعية الأولى على المياه، وتلقّت الثانية 100 ميكروليتر من زيت جوز الهند البكر التجاري، وأخذت المجموعة الأخيرة 300 ميكروليتر من الزيت نفسه.
كانت السعرات اليومية في زيت جوز الهند مشابهة لتلك الموجودة في 13 غراماً من الدهون المشبعة أو 5% من سعرات الدهون المشبعة لدى أي إنسان راشد بصحة جيدة. في نهاية التجارب، قام الباحثون بتخدير الفئران وقطعوا رأسها لدراسة منطقة الوطاء في أدمغتها.
نُشرت نتائج الدراسة في «مجلة الأغذية الوظيفية».
تأثير زيت جوز الهند على الجسم
يقول عالِم التغذية تايلور والاس: «تفترض الدراسة أن زيت جوز الهند يُصعّب على الجسم التجاوب بالشكل المناسب مع الهرمونات الضرورية للتحكم بالجوع وحرق السعرات الحرارية. هذا ما يحصل مع الفئران على الأقل. هذا الوضع قد يسبّب مشاكل مثل البدانة ومقاومة الأنسولين التي تؤثر بشدة في مرض السكري. قد يكون الاستنتاج الجديد مقلقاً بعض الشيء: يبدو أن زيت جوز الهند يؤثر سلباً في مسارات الإشارات الطبيعية في الدماغ وأنسجة أخرى تستعملها تلك الهرمونات لنقل رسائلها». اكتشف الباحثون أيضاً أن زيت جوز الهند مسؤول عن الإجهاد في الشبكة الأندوبلازمية. يصنّع الجسم البروتينات ويفكّكها في هذه المنطقة الخلوية.
تتطرق خبيرة التغذية كريستين كيركباتريك إلى دراسة من العام 2022، حيث يدعو العلماء إلى إجراء دراسات إضافية على البشر لتقييم آثار زيت جوز الهند، لكن يجب أن تكون الكمية المستهلكة وطريقة معالجة الزيت بحد ذاته جزءاً من العوامل المأخوذة في الاعتبار.
انطلاقاً من نتائج الدراسة، يدعو والاس الناس إلى عدم استهلاك زيت جوز الهند لتحسين صحّتهم لأنه ليس نوعاً من الأغذية الخارقة.
ماذا عن آثار زيت جوز الهند لدى البشر؟
لم تتضح بعد أهمية نتائج الدراسة الجديدة بالنسبة إلى البشر بالكامل. تعليقاً على الموضوع، تقول كيركباتريك: «لا يمكن التأكيد على أي فرضية بعد، لكن تكشف الدراسات عموماً أن الفئران والبشر يحملون خصائص وراثية متشابهة، وهي بداية ممتازة».
طرح والاس من جهته مجموعة عوامل تستدعي التفكير قبل إطلاق أي استنتاجات، فتكلم عن الاختلافات البيولوجية، واختلاف الجرعات المستعملة، والبيئات التجريبية الضيقة التي تفتقر إلى المتغيّرات الموجودة في دراسات البشر، والتوحيد الجيني، وأنظمة القوارض الأكثر بساطة، والاختلافات بين أجناس القوارض، والمخاوف الأخلاقية.
يضيف والاس: «بسبب هذه العوامل، تبقى الدراسات على القوارض تمهيدية، مع أنها تطرح أفكاراً قيّمة أو توجّه الأبحاث اللاحقة. يمكنها أن تسلّط الضوء على مخاوف أو منافع محتملة تستحقّ المزيد من الاستكشاف عبر إجراء دراسات على البشر. في إحدى المراجعات المنهجية، اقتصرت نسبة الدراسات الحيوانية التي تكرّرت لدى البشر على 37%، وتوصّل 20% منها إلى نتائج متناقضة. لا بدّ من التأكد من أي نتائج محتملة عبر إجراء تجارب بشرية مدروسة قبل طرح أي استنتاجات جازمة».
أي زيوت أفضل من جوز الهند؟
تقول كيركباتريك: «عند البحث عن مراجع حول الزيوت الغذائية، غالباً ما تتمحور معظم الدراسات المفيدة حول زيت الزيتون البكر، فضلاً عن زيوت الأفوكادو، والسمسم، وبذور الكتان، والجوز، وهي تدعو المستهلكين إلى استعمال تلك الزيوت أكثر من الأنواع التي تحتوي على دهون مشبعة أو متحوّلة. تكشف أبرز الدراسات البشرية منافع على مستوى التحكم بضغط الدم، وتخزين الدهون، وتخفيف الالتهابات، عند استهلاك دهون غذائية أحادية عدم الإشباع ومتعددة عدم الإشباع، بما يشبه محتوى الحمية المتوسطية. تشير البيانات أيضاً إلى منافع استبدال الدهون المشبعة بأنواع غير مشبعة.
من بين مصادر الدهون الغذائية الشائعة، يشمل زيت جوز الهند أعلى نسبة من الدهون المشبعة، تليه الزبدة، وزيت النخيل، وزيت نوى النخيل، وزيت الكاكاو. قد يكون السمن شائعاً في المطابخ، لكنه يحتوي على زيوت نباتية مهدرجة وهو مُصمّم كي يشمل كمية كبيرة من الدهون المشبعة.
يقول والاس: «أنا شخصياً لا أحبّذ زيت جوز الهند لأن الحملات التسويقية المكثفة تعتبره غذاءً صحياً مع أنه أسوأ من الزبدة، وشحم الخنزير، ودهون حيوانية أخرى. لكني أفضّل في المقابل زيت الكانولا الذي يحتوي على أقل كميات من الدهون المشبعة».
تؤكد التوصيات العلمية التي تصدرها جمعية القلب الأميركية، القيمة الصحية المتزايدة للدهون غير المشبعة، وتشير إلى ارتفاع مستويات الكولسترول السيئ بسبب زيت جوز الهند.
إذا كنت مصاباً أصلاً بمرض في القلب أو معرّضاً لهذه الأمراض، يوصيك الخبراء بأن تقتصر نسبة السعرات اليومية المشتقة من الدهون المشبعة على 6% كحد أقصى، أي ما يساوي حوالى 13 غراماً في الحمية المؤلفة من ألفَي سعرة. يمكن الحصول على نسبة قريبة من هذه الكمية عبر تناول ملعقة كبيرة من زيت جوز الهند.