جاد حداد

Spy Ops... نظرة على أشهر عمليات التجسّس

16 أيلول 2023

02 : 00

يغطي المسلسل الوثائقي الجديد Spy Ops (عمليات التجسّس) على شبكة «نتفلكس» قصصاً من داخل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وجهاز الاستخبارات البريطاني، ووكالات أخرى تُعنى بجرائم شهيرة مثل هجوم 11 أيلول، وحركة «طالبان»، وغزو بنما. يشارك فيه عدد من الضباط والمسؤولين لسرد قصصهم عن أحداث هزّت العالم. يتعاون ماكس سيريو، وماريا واي بيري، وإيزابيل جندر، لإخراج الحلقات المتتالية. يتألف الوثائقي من ثماني حلقات، وتتراوح مدة كل حلقة منها بين 40 و55 دقيقة، ويمكن إيجادها بلغات متنوّعة.

قد لا تكون الأعمال الوثائقية التي تكشف تفاصيل جرائم كبرى صدمت العالم ظاهرة جديدة، لكن لا يكتفي هذا الوثائقي بعرض الوقائع حول جريمة معيّنة، بل يتطرّق إلى جرائم عدة لا تزال محط جدل حتى اليوم.

يعرض صانعو العمل الصور الحقيقية لعناصر من وكالة الاستخبارات المركزية وشهاداتهم والتفاصيل الكامنة وراء العمليات بطريقة تسمح للناس بجمع معلومات لا يمكن إيجادها في أي مكان آخر. وفي بعض الحلقات، تُعرَض عمليات وقصص إضافية عن عدد من الحكام الدكتاتوريين. كانت الحلقة التي تتطرّق إلى إطلاق النار على البابا مثيرة للاهتمام، فهي تكشف أن الشخصيات الدينية أيضاً قد تصبح مستهدفة.

تعرض جميع الحلقات جرائم بارزة ومهام خفية بتفاصيل دقيقة، لكنها ليست لافتة بالقدر المطلوب. يكثر الكلام عن هجوم 11 أيلول في مناسبات متكرّرة مثلاً. كذلك، قد تشمل عملية غزو أفغانستان معلومات جديدة، لكنها تبدو منحازة أكثر من اللزوم. كان يمكن التحدث عن أحمد مسعود بتفاصيل إضافية، لكن يصوّره الوثائقي من وجهة نظر ضباط وكالة الاستخبارات المركزية بكل بساطة. من الممتع أن نشاهد كيفية إتمام مهمة كبرى بنجاح، لكن توحي المقاربة المستعملة بأن الولايات المتحدة كانت مسؤولة عن إثارة المشاكل.

في الحلقات الأخرى، كتلك المتعلّقة بغزو بنما، تتمحور الأحداث مجدّداً حول المسؤولين الأميركيين. تُركّز ستّ حلقات من أصل ثمانٍ على عمليات وكالة الاستخبارات المركزية التي ينفّذها مسؤولون أميركيون. كان من الأفضل أن يحمل الوثائقي إذاً عنوان «عمليات التجسس الأميركية». لو تطرّق الوثائقي إلى مجموعة من الأحداث العالمية، كانت مشاهدته لتزيد متعة، لكن يصعب ألا نشعر بأن المسؤولين الأميركيين يعبّرون عن حجم الجهود التي بذلوها على مرّ المسلسل. هم يستحقون الاحترام طبعاً على تضحياتهم وجهودهم، لكن لا تبدو القصة المنحازة مكتملة من دون عرض وجهات نظر الأطراف الأخرى. على صعيد آخر، يبلي فريق المونتاج حسناً حين يضيف صوراً ولقطات أصلية لمساعدة المشاهدين على رؤية جميع الأدلّة الممكنة في إطار كل حلقة. لن يضطر أحد للبحث عن أي فيديوات على الإنترنت، إذ تكثر الأدلة المصوّرة التي أضيفت إلى الحلقات. كذلك، طلب المخرجون من الممثلين أن يعيدوا تمثيل بعض السيناريوات الحقيقية لعرض القصة بأعلى درجات المصداقية.

جرى تمويه بعض الوجوه لأسباب على صلة بالحفاظ على خصوصيتهم، وهي مسألة مثيرة للجدل. ما سبب تمويه وجوه أشخاص عملوا لصالح الحكومة ولطالما كانوا يقفون أمام الكاميرات لالتقاط صورهم؟ هل يواجهون أي نوع من المخاطر أم أنهم يريدون تجنّب المشاكل؟ كان من الأفضل أن يذكر فريق المونتاج سبب إخفاء وجوههم على الأقل لأن هذه المقاربة قد تجعل الناس يفكرون بجميع الأسباب المحتملة، كأن يتعرّض المشاركون لمخاطر وتهديدات كبرى، أو ربما يحاول المعنيون بكل بساطة إخفاء معلومة معينة.

من الناحية الإيجابية، لم يدبلج صانعو العمل أصوات المشاركين من بلدان أخرى. في الحلقة المتعلقة بتهديدات القتل التي تلقّاها البابا مثلاً، يدلي أشخاص إسبان بشهاداتهم عن هذه القضية من دون دبلجة أصواتهم، ما يعطيهم درجة إضافية من المصداقية. في الحالات العادية، تدبلج المسلسلات الوثائقية أصوات المشاركين، لكن امتنع هذا الوثائقي عن الدبلجة وهذا ما يجعل الحلقات واعدة. من المزعج دوماً أن نشاهد شخصاً وهو يتكلم من دون أن تتطابق حركة فمه مع صوته. إنه عامل سلبي، لا سيّما في الأعمال الوثائقية.

بشكل عام، تصطحبنا الحلقات إلى عمق عمليات المغاوير التي كانت السبب في نهايات وبدايات متنوّعة. أخيراً، تستحقّ الجوانب التقنية الإشادة حتماً، لكن يطرح المغزى الحقيقي للوثائقي علامة استفهام كبرى. إذا كان العمل يهدف بكل بساطة إلى توعية الناس حول التضحيات التي قدّمها مختلف الضباط والمسؤولين، يمكن القول إنه حقّق هدفه.


MISS 3