الخرطوم تشهد أعنف اشتباكات "حرب الجنرالين"

02 : 00

في إطار المعارك الطاحنة المستعرة في السودان منذ أشهر، هاجمت قوات الدعم السريع لليوم الثاني توالياً مقرّ القيادة العامة للجيش السوداني في وسط الخرطوم، حيث تصاعدت ألسنة اللهب من أبراج عدّة في قلب العاصمة، أبرزها البرج الذي يضم مقرّ ومكاتب شركة النيل، أكبر شركات النفط في البلاد.

وفيما غطّى الدخان الأسود الكثيف سماء الخرطوم، أفاد شهود لوكالة «فرانس برس» باستخدام «كلّ أنواع الأسلحة» في الاشتباكات الأعنف منذ بداية الحرب. وأطلقت «الدعم السريع» قذائف مدفعية وصاروخية بشكل مكثّف في اتجاه القيادة العامة، بينما ردّ الجيش بالمدفعية الثقيلة واستهدف نقاط تمركز «الدعم السريع» في مناطق أبو آدم وجنوب الحزام جنوب الخرطوم. وتصاعدت أعمدة الدخان من مواقع تابعة لـ»الدعم السريع» شمال مدينة أم درمان وجنوبها وشرقها.

وفي هذا الصدد، أشار الناطق باسم الجيش السوداني نبيل عبدالله إلى أن «الميليشيا المتمرّدة» حاولت الهجوم على بعض المواقع المتقدّمة في محيط القيادة العامة، لافتاً إلى أن قوات الجيش صدّت المُهاجمين وكبّدتهم خسائر بلغت عشرات القتلى والجرحى وتدمير عدد من المركبات القتالية. واتهم عبدالله «الدعم السريع»، باستهداف الأحياء السكنية بالقصف العشوائي، مدّعياً أنها قصفت أحياء بانت، والعباسية، والموردة، وما حولها، جنوبي أم درمان، ما أدّى إلى جرح 40 مدنياً.

وفي السياق، تعرّضت مواقع «الدعم السريع» في منطقة المدينة الرياضية المجاورة لحي مايو جنوب الخرطوم لقصف مدفعي كثيف. وفي مدينة الأُبيّض تجدّدت الاشتباكات بين الطرفين، إذ شنّت الفرقة الخامسة مشاة هجوماً على قوات تابعة لـ»الدعم السريع» تتمركز في الاتجاه الجنوبي الشرقي للمدينة بولاية شمال كردفان.

وفي متابعة لآثار «حرب الجنرالَين» المدمّرة على الشعب السوداني، ينتظر مئات السودانيين أيّاماً طويلة أحياناً تحت الشمس الحارقة أمام مكتب جوازات السفر الذي أُعيد فتحه أخيراً في بورتسودان شرق البلاد، حيث المطار الدولي الوحيد الذي ما زال يعمل والمقرّات الرئيسية لمسؤولي الحكومة والأمم المتحدة، سعياً منهم إلى الفرار من الحرب أو تلقي عناية طبية غير متوفرة في البلاد أو مواصلة الدراسة في الخارج بعد تعطّلها بسبب المعارك.

وتقول مروة عمر التي هربت من الخرطوم تحت القصف وتسعى الآن إلى الحصول على جوازات سفر لأبنائها الأربعة: «نُريد السفر إلى أي مكان، فهنا ليس لنا أي حق، ليس لدينا ما يكفي للأكل ولا لتعليم أولادنا»، فيما أبدت السيدة عمر أسفها لأنّه «دون واسطة، لا يُمكن إنجاز أي شيء». وداخل المبنى، يُخيم حرّ شديد رغم أجهزة التكييف والمراوح التي تعمل بكامل طاقتها محدثة جلبة كبيرة، إذ يؤكد المواطن شهاب محمد أن «القاعة ضيّقة وليس فيها مقاعد، فكبار السنّ يجلسون على الأرض».

غير أن كلّ ذلك لا يُثني طالبي جوازات السفر الساعين بأي ثمن إلى مغادرة البلاد هرباً من القصف الذي يستهدف أحياءها السكنية والرصاص العشوائي وانقطاع الكهرباء والمياه لفترات طويلة. وهم مستعدّون لسداد مبلغ 120 ألف جنيه سوداني (قرابة 190 يورو) للحصول على جواز السفر، وهو مبلغ يُعادل متوسط الراتب في السودان، الدولة التي كانت قبل الحرب من أفقر دول العالم، وتواجه الآن كارثة حقيقية، بحسب الأمم المتحدة.


MISS 3