ريتا ابراهيم فريد

النادي اللبناني في أوتاوا: طاقة شمسية لمن يعانون أمراضاً تحتاج أجهزة متّصلة بالكهرباء

22 أيلول 2023

02 : 01

أمام أحد المنازل التي تمت إضاءتها
رغم أنّهم يعيشون في الخارج، لكنّ قلوبهم وأرواحهم لا تزال هُنا. مغتربون لبنانيون لم يتوانوا لحظة عن مواكبة ودعم وطنهم منذ بداية الأزمة قبل أربع سنوات. من بينهم، النادي اللبناني في أوتاوا LCO الذي نشط في إرسال المساعدات الغذائية، وتأمين الأقساط لطلاب مدارس خاصة، وها هو يطلق اليوم مبادرة لتركيب ألواح الطاقة الشمسية لمن يعانون من أمراض تضطرّهم إلى استخدام أجهزة متّصلة بالكهرباء. «نداء الوطن» تواصلت مع مؤسّس النادي أحمد عراجي، الذي شدّد على أهمية الحفاظ على الهوية اللبنانية لدى المغتربين، ودورهم الأساسي في الوقوف الى جانب أهلهم في هذه الظروف الصعبة.

سبق أن أطلقتم مبادرات وقدّمتم المساعدات لأهلكم في لبنان. لكن لماذا وقع اختياركم اليوم على تركيب ألواح الطاقة الشمسية بشكلٍ خاص؟

إرتأينا هذا العام أن نطلق مبادرة تؤمّن مساعدة طويلة الأمد، بحيث تطال إحدى الأزمات الكبيرة التي يعاني منها لبنان. فوقع الاختيار على الكهرباء، وحاولنا العثور على جزء من الحلّ للمرضى المجبرين على الاستعانة بآلات طبية تحتاج الى الكهرباء، مثل آلة الأوكسجين. هؤلاء المرضى الذين يُفترض أن يصلهم التيار الكهربائي 24 ساعة في اليوم، كانوا هم السبب الذي دفعنا الى إطلاق هذا المشروع. فبدأنا من منطقة زحلة، ثم انتقلنا الى طرابلس، ثمّ صور، فبيروت وضواحيها وغيرها.

على أيّ أساس يتمّ اختيار الأشخاص الذين يحتاجون الى المساعدة، وكيف تتواصلون معهم؟

نحن نسعى قبل كل شيء الى تغطية مختلف المناطق اللبنانية. من هُنا، تواصلنا مع المستشفيات والبلديات في مناطق عدّة لتزويدنا بأسماء وأرقام مرضى وأشخاص يعانون من حالات صعبة تتطلّب أجهزة طبية تحتاج الى طاقة كهربائية مستدامة. بعدها قمنا بزيارة للمنازل بهدف التأكّد من هذه الحالات.

ماذا عن فريق العمل؟

فريق العمل مقسّم بين لبنان وكندا. في لبنان يوجد متطوّعون يساعدوننا على التواصل مع البلديات والمستشفيات. كما انضمّ الى المبادرة عدد من المؤثّرين والناشطين على مواقع التواصل الإجتماعي، ومن خلالهم استطعنا أيضاً التواصل مع عدد من المرضى. وخلال تواجدنا على الأرض، نحاول التصوير في المنازل التي لا يمتنع أصحابها عن ذلك، من أجل المصداقية والشفافية تجاه المتبرّعين، والتأكيد على أنّ تبرّعاتهم وأموالهم ذهبت الى المكان الصحيح.

كيف تصف شعورك خلال زيارتك للمنازل وتواجدك على الأرض أثناء تركيب ألواح الطاقة؟

حين نسمع عبارات الشكر أو الدعاء، مثل «الله يحميكن ويردّ عنكن»، في هذه اللحظة بالذات يتلاشى التعب. وحين تضيء الكهرباء في منازل المرضى، ونلمس التأثّر على وجوههم الذي يصل أحياناً حدّ البكاء، نشعر براحة كبيرة وبأنّنا بالفعل وصلنا الى هدفنا. وهذا بحدّ ذاته يعطينا دفعاً قوياً للاستمرار.

الحفاظ على الهوية اللبنانية من أبرز أهداف النادي. ما المقصود بذلك؟

بالنسبة إلي، لا يقتصر لبنان على كونه وطناً أنتمي إليه، بل تحوّل الى شغفٍ وهوس. أنا بالفعل أعشق هذا الوطن. وهو كل شيء بالنسبة إلي. لهذا السبب أسّستُ النادي اللبناني في أوتاوا. فحين غادرتُ لبنان شعرتُ بحزنٍ شديد رغم أنّ والدي يعيش في كندا منذ 40 سنة. وأحسستُ أنّ هويتي اللبنانية تزعزعت في بلاد غريبة لا أعرف فيها أحداً. لذلك أحاول من خلال النادي أن أهتمّ بالأشخاص الذين غادروا بلادهم مثلي، لأساعدهم على ألا يشعروا بثقل الغربة. وفي الوقت نفسه، نحاول التواصل مع المغتربين اللبنانيين في كندا الذين لا يزورون لبنان كثيراً، ولا يعرفون الكثير عنه، بهدف تنمية الحسّ الوطني لديهم، وبناء صلة متينة بينهم وبين لبنان. من هُنا، يتشجّعون أكثر على إطلاق المبادرات وتقديم المساعدة لوطنهم في هذه الظروف الصعبة التي يمرّ بها.

كيف ينمو حسّ المسؤولية لدى المغترب حين يشاهد وطنه يتخبّط بين الأزمات، وهل يمكن القول إن الأمر يتحوّل الى واجب؟

كثيرون لا يعلمون مدى الصعوبات النفسية التي يواجهها المغتربون في بُعدهم عن وطنهم. وحين يمرّ هذا الوطن بأزمةٍ ما، سيشعر المغترب بخوفٍ كبيرٍ من أن يخسر وطنه. حيث أنّ معظمنا يحلم بالعودة الى لبنان، يكبر خوفنا عليه، ونخشى من خسارة حلمنا بالعودة. حينها نشعر بمسؤولية أكبر وواجب أيضاً، يدفعنا الى تقديم المساعدة قدر الإمكان، خصوصاً في ظلّ غياب السلطة عن تأمين أبسط المتطلّبات.

تصرّح دوماً بأنك تحلم بالعودة إلى لبنان. من خلال تجربتك، ماذا تقول للشباب اللبناني الذي يسعى بكلّ طاقاته للهجرة؟

سأكون صريحاً. أنا بالطبع لا ألومهم في ظلّ هذه الحالة الإقتصادية الصعبة. وكلّ من لديه فرصة للهجرة وتقديم المساعدة لوطنه من الخارج، فليفعل. لكن في الوقت نفسه، المهم ألا ينسوا وطنهم. فالبلد الذي يهاجرون إليه قد يؤمّن لهم الاستقرار والبحبوحة والأمان، لكنّه قد يسرق منهم الروح. وهذه الروح لن يجدونها إلا في وطنهم.


MISS 3