سيلفانا أبي رميا

أكبر مكتبة للموسيقى العربية شبه يتيمة

حمادة خويص: الإمكانات خجولة ومئات القطع لم تُعرض

23 أيلول 2023

02 : 01

المؤرخ الموسيقي الراحل وليد خويص

منذ أقلّ من سنتين، رحل المؤرخ الموسيقي وليد خويص صاحب أكبر وأضخم مكتبة موسيقية في الشرق الأوسط، تاركاً وراءه إرثاً من الأسطوانات النادرة لكبار الفنانين العرب بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الصور والآلات النادرة. ولطالما حلم خويص بعرض كل هذه القطع أمام العامة وبالمجان حفاظاً منه على التاريخ الموسيقي العربي العريق في عيون الأجيال المقبلة. إلا أنّ مكتبته اليوم تقف شبه يتيمة تنتظر بخجل إلتفاتةً ما تحقق ما حلم به مؤسّسها الراحل. وفي حديث لـ «نداء الوطن» تحدث نجله حمادة خويص عن النضال اليومي الذي تعيشه العائلة لمنع هذا المتحف العريق من التحوّل إلى ملف آخر من ملفات الإهمال المتروكة للغبار.



كيف تختصر وليد خويص؟

هو إبن بتاتر الذي ترجم شغفه بالموسيقى العربية وجعل لها مكانةً راقيةً تليق بها واحتضنها داخل منزله الخاص عندما أسّس أكبر مكتبة لها في الشرق الأوسط في العام 1986. فمنذ نعومة أظافره، شغف والدي بالموسيقار الراحل فريد الأطرش، وعندما سافر لحضور دورة الألعاب الأولمبية في موسكو، فوجئ بسماع معزوفات أغاني الأطرش «يا زهرةً في خيالي» و»بنادي عليك»، إلى جانب موسيقى باخ وبيتهوفن، على خشبة المسرح القومي الروسي الشهير «البولشوي».

عاد بعدها إلى لبنان فخوراً بما شهده في موسكو، فقرّر إطلاق مشروع المكتبة الموسيقية التي تحتضن الأعمال العربية العريقة، فراح يجمع الأيقونات الموسيقية، ساهراً مواظباً، منقّباً عن الفن الأصيل. فسافر وجمع وأرشفَ، سعياً وراء تحف موسيقية نادرة من أسطوانات وآلات ومراجع.



آلات تصوير قديمة ونادرة



ماذا تحتوي المكتبة؟

أولى القطع التي انطلقت المكتبة بها كانت أسطوانات وأعمالاً موسيقية لكل من فريد الأطرش وأسمهان. أمّا المكتبة فتحتوي على 38 ألف و519 قطعة، تتوزع ما بين أسطوانات حجرية «فينيل» وبكرات وكاسيت وأشرطة وصور قديمة بالأسود والأبيض، بالإضافة إلى آلات التصوير الفوتوغرافي والعرض السينمائي وتلك الخاصة بسماع الموسيقى قديماً والإذاعة والراديو. كما تضمّ أرشيفاً واسعاً جداً ونادراً من الموسيقى الكلاسيكية الغربية ومعزوفات المشاهير أمثال بيتهوفن وتشايكوفسكي وموزارت وباخ وغيرهم، مع وجود ألبومات تحتوي على النوتات الموسيقية الخاصة بهم. كذلك، تحتضن إرثاً موسيقياً عربياً لكل من سيد درويش وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وغيرهم. أما الصور فتنقل مشاهد من بلدان العالم ومتاحفها وأعمالها الفنية وشخصياتها الشهيرة.



تاريخ موسيقي مفصّل



كيف تصف المكتبة وما دورها الثقافي؟

تحكي المكتبة تاريخاً مفصّلاً منذ بداية التصوير الفوتوغرافي وصولاً إلى الرقمنة، ومنذ سماع الأسطوانات الكلاسيكية وصولاً إلى الطرق الأكثر تطوراً. هي تؤرّخ مرحلة طويلة مرّت بها الموسيقى العربية والفنون السمعية والبصرية، ونجحت في جذب كبار الباحثين الموسيقيين والمؤرخين والطلاب الشغوفين.



عمالقة مكتبة خويص



هل تلقيتم أي دعم؟

للأسف، لم تتلقَ المكتبة حتى اليوم أي دعم أو تمويل بأي شكل كان. فالمعنيون لم يلتفتوا لهذا الصرح العريق ولا يزال المكان يعتاش ويتنفس ويحارب الإقفال والغبار بجهودنا الفردية، نحن عائلة الراحل خويص. وكان وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى زار المتحف مبدياً إعجابه بما يحتويه، وأبلغنا أنه سيحاول نقل المقتنيات كلها إلى مكان أكبر وأوسع، من دون أي نتيجة حتّى الساعة.

هل تعتبر المكتبة متحفاً معترفاً به رسمياً؟

لم يتمّ تسجيل المكتبة كمتحف رسمي معترف به من الدولة، لكنها اكتسبت صفتها هذه من كل من زارها ومن وسائل الإعلام التي غاصت في تفاصيلها وعرفت ما تحويه من إرث وتاريخ نادر لم يأخذ حقه بعد. يمكننا القول إنّ متحفنا المجاني هذا فرض وجوده ودخل قلوب زواره من مختلف البلدان العربية من مصر والجزائر والمغرب وتونس والسعودية والإمارات. هؤلاء انبهروا بما تركه وليد خويص مبدين تقديرهم الذي يساوي ألف اعتراف رسمي من المعنيين. وما زلنا نستقبل يومياً زواراً متلهّفين لمعرفة ما تحتوية أكبر مكتبة موسيقية في العالم العربي، كما تشرّفنا بزيارة الكثير من الشخصيات والمشاهير منهم الفنانة أنوشكا وسفير تونس وسفير بلغاريا وغيرهم الكثير.

هل تفكرون في ترميمها أو توسيعها؟

يشكّل هذا الموضوع واحداً من أولوياتنا وهاجسنا الدائم خصوصاً وأنّ المكان لا يتّسع لعرض جميع القطع التي جمعها والدي. لكن الموضوع رهن الأوضاع المادية في غياب أي دعم من أي جهة كانت.





من يهتم بتنظيم المكتبة وفتحها واستقبال الزوار؟

أتناوب وإخوتي أدهم وإياد وميرنا، بمساعدة والدتنا نورا على تنظيم جميع أمور المكتبة من الألف إلى الياء. وفي ظل الحاجة إلى الدعم المادي للاستمرار، لجأت وإياد إلى العمل في بلاد الإغتراب وإرسال التمويل على أن يهتم الباقون بالتفاصيل اليومية من ترتيب وتنظيف وترميم واستقبال الزوار الوافدين.

هل من وصية تركها الراحل وليد خويص تخص المكتبة؟

رحل والدي فجأة من دون سابق إنذار، لكن لطالما كانت أمنيته الوحيدة أن يبقى هذا المتحف مكاناً مشرّع الأبواب أمام الجميع من دون استثناء، بالمجان. أراد أن يرى العالم كله هذا الإرث الذي دأب على جمعه لسنوات طويلة. هذا المكان بمثابة حلم يجب أن يعيش بعد غياب وليد عنّا.

ماذا يعني لكم هذا المكان؟ وماذا تخطّطون له في المستقبل؟

هنا طاقتنا الإيجابية وذكرياتنا الجميلة مع والدي. هنا يخاطبنا وليد خويص في كل نغمة وموسيقى تركها. ويبقى الحلم أن نتمكن من شراء أرض أكبر وبناء متحف يتّسع لكل ما تركه والدي ويُدرج على الخارطة السياحية.










MISS 3