فضل الله: لحوار صادق وشفّاف بعد سقوط كلّ الحلول المطروحة

16 : 16

أُقيمَ حفل تكريم حاشد للعلامة علي فضل الله، بدعوةٍ من رجل الأعمال ربيع حيدر أحمد في دارته في بلدته رأس أسطا في جبيل، حضره حشد من الفاعليات الدينية والسياسية والحزبية والعسكرية والبلدية والثقافية والاختيارية، تقدمه النائب نقولا صحناوي، قائمقام جبيل نتالي مرعب الخوري، المطران جورج صليبا، رئيس دير مار شربل الاباتي طنوس نعمه، المفتي مالك الشعار، امام بلاد جبيل الشيخ جهاد اللقيس، العميد شامل روكز، رئيس بلدية عنايا بطرس عبود، رئيس بلدية مشمش سمعان الخوري، رئيس بلدية علمات محمد عواد، مدير مكتب النائب نعمة فرام السيد ميشال شاهين، مسؤول "حزب الله" في جبيل وكسروان الشيخ حسين شمص، مسؤول إقليم جبل لبنان في حركة "امل" سعيد نصر الدين وفاعليات.


إستهلّ الحفل بكلمة معاون مفتي جبيل وكسروان الشيخ محمّد حيدر مرحبا بفضل الله، مُؤكّداً "تميز هذه المنطقة بهذا التعايش والتلاقي والتواصل"، داعياً إلى "ضرورة تعزيزه ورفض كل الأصوات والخطابات التي تدعو عكس ذلك".


فضل الله

ثمّ ألقى العلامة فضل الله كلمة شكر في بدايتها للأستاذ ربيع حيدر احمد وعائلته "هذا التكريم وهذا اللقاء الجامع العابر للطوائف، والذي يعبر عن رسالة وروحية تربى عليها أبناء هذه المنطقة"، معبرا عن سعادته "للقاء بهذه الكوكبة من الفاعليات المتنوعة في هذا البيت الكريم الذي كان وسيبقى عنواناً للقاء وجامعاً لكلّ أطياف الوطن والمضحي من اجله، وفي هذه البلدة الطيبة رأس أسطا التي تعبق حباً وتواصلاً وتشع خيراً لأهلها ولجيرانها وفي هذه المنطقة العزيزة من مناطق لبنان، التي شكلت في كل المراحل وحتى في الأيام الصعبة نموذجاً للتعايش والمحبة والتواصل بين جميع أبنائها".


أضاف: "اجتمعنا هنا، ليس لتكريم الذات أو الشخص بحد ذاته، بل لنكرم القيم والمبادئ التي تحقق للإنسان معنى وجوده في هذه الحياة، وحيث لا معنى للوطن إلا إذا بُني على أساسها، القيم التي تجعل الإنسان يعيش إنسانيته في إنسانية الآخرين، يحمل همومهم وآلامهم، إنسان الحوار والانفتاح على الآخر بالمحبة والخير".


واعتبر أن "التنوع في هذا الوطن هو جوهرة ثمينة ومن مسؤوليتنا الأخلاقية والوطنية والإنسانية الحفاظ عليه وعدم التفريط فيه وتحويله من نعمة إلى نقمة، فلا نسمح لمن لا يريد خيراً لهذا الوطن أن يُخربه أو يعبث به أو يجعله حقل تجارب لتمرير مشاريعه وخططه"، داعياً إلى "التوحد على هذه القيم الّتي تجمعنا"، معتبراً أنّ "من يتغنون بالإسلام او المسيحية، عليه أن يكون صادقاً في انتمائه وحمله لقيم هذه الأديان".


واكد ان "القيم لا يمكن أن تقسم، فليس هناك صدق إسلامي غير الصدق المسيحي أو فساد مقبول وآخر غير مقبول، فهذه القيم لا يمكن لنا أن نجزأها أو نقبلها أو نرفضها حسب مصالحنا الشخصية والفئوية".


ولفت إلى ان "الوطن يمر بمرحلة صعبة ومعقدة، ومن واجبنا أن نحفظه، ونحن لسنا عاجزين عن ذلك، ولكن يتوقف ذلك على تغيير هذه العقليّة التي تتحكّم بواقعنا وتفكيرنا وأن نخرج من أنانياتنا واطماعنا ونعمل لحساب هذا الوطن وليس لحساب هذه الطائفة او هذا المذهب أو ذاك الموقع السياسي".


أضاف: "حرام أن نضيع هذا الوطن في مهبّ رياح الآخرين حتى بتنا ننتظر هذا الموفد أو ذاك ليساعدنا لحل مشاكلنا. قلتها سابقاً وأكرّرها اليوم أمامكم: الدول ليست جمعيات خيرية ولا تعمل بالمجان لها مصالحها وحساباتها".


وأردف: "إن اجتماعنا اليوم هو تعبير حقيقي عن تجليات هذا الوعي الوطني والوحدوي، ودورنا اليوم، وكلٌ من موقعه المساهمة في إبقاء هذا الوعي حارّاً تمدّه شعلة العقل والضمير المتوقدة بطاقة لا تتوقف، تحررنا من هذه الكهوف الفئوية والطائفية المظلمة وتعيدنا إلى إيماننا.. إيماننا بالله... إلى أدياننا السماوية، إلى أحضان الوطن الجامع التي تجتمع طوائفه وإنسانه تحت راية دولة المواطنة والعدالة، حيث يُطمئن كلّ مكوّن على مستقبله ومصيره".


وتابع: "نقولها اليوم في ظلّ المعاناة الّتي يعيشها هذا الوطن وإنسانه، تعالوا إلى الحوار، الحوار الجاد والبعيد من منطق الغلبة والفرض والاكراه أو الاستعانة بالخارج، الحوار الذين لن يكون بديلا عن مؤسسات الدولة، فلذلك، علينا ألّا نُفوّت أي فرصة أو نهدر الوقت بانتظار الخارج حتّى لا يضيع الوطن وعلى هذا الأساس، فإنّنا نستطيعُ إنجاز الاستحقاق الرئاسي وغيره من الاستحقاقات المقبلة".


وأكد ان "الحوار الشفاف والتواصل الصادق والتفاعل المشترك بين اللبنانيين يُعدّل من القناعات ويبدد من الهواجس، ما يجعلنا نتيقّن من ألّا مستقبل لنا كأفرادٍ وكطوائف إلّا بحفظ مستقبل الوطن، وبالعيش المشترك بيننا، والذي نريده أن يتَّسعَ على طريق بناء عالم أكثر إنسانية، لا عن طريق الانغلاق والتفكير بالمزيد من التفتيت لهذا الوطن الصغير بما يشوه جماله ويهدد أركانه كتلك الدعوات إلى الفدرلة والتقسيم وغير ذلك من العناوين التي أثبتت فشلها وعدم واقعيتها".


وختم فضل الله بالدعوة إلى "ألّا نكون الأكثرية الصامتة عن كل هذا الواقع المؤلم وهذا الفساد، بل نتحوّل إلى الأكثرية الناطقة والأكثر فعالية، وأن يكون صوتها مرتفعاً في وجه هذه الحالة، وإلّا لن نستطيع ان نغير واقعنا للأحسن، وسنبقى نرى طاقاتنا الشبابية تهاجر وتترك هذا الوطن، بحثاً عن مكانٍ يقدرها ويؤمّن لها سبل الحياة الكريمة".


وفي الختام، تم تكريم العلامة فضل الله من قبل عائلة ال حيدر احمد بتقديم درع على جهوده الحوارية والإنسانية والاجتماعية.

MISS 3