موجات الحرّ الشديد تستمرّ في أعماق المحيطات لفترات طويلة

02 : 00

يظنّ الباحثون أن موجات الحرّ البحرية قد تدوم لفترات أطول من المعتاد وتشتدّ قوّتها في أعماق المياه، ما قد يطرح تهديداً على أجناس حسّاسة في ظلّ تكرار الأحداث المتطرّفة في هذه الفترة بسبب التغيّر المناخي.



تمتصّ المحيطات 90% من فائض الحرارة الذي ينتجه تلوّث الكربون المرتبط بالنشاطات البشرية منذ بداية العصر الصناعي.

أصبحت موجات الحرّ البحرية متكرّرة وقوية اليوم أكثر من أي وقت مضى، وهي عبارة عن فصول من ارتفاع درجات حرارة المياه بمستوى غير طبيعي.

قد ينعكس هذا الوضع سلباً على الأجناس التي تعجز عن الرحيل هرباً من المياه الساخنة بدرجة غير مقبولة، بما في ذلك الشعاب المرجانية في «الحيّد المرجاني العظيم» وغابات أعشاب البحر قبالة جنوب أستراليا وشمال شرق المحيط الهادئ.

في دراسة جديدة نشرتها مجلة «طبيعة التغيّر المناخي»، حلّل الباحثون آثار ارتفاع درجات الحرارة في عمق المياه. تقول المشرفة الرئيسية على البحث، إليزا فراغكوبولو: «إنها أول محاولة لتحليل موجات الحرّ البحرية تحت سطح المياه. سبق وخضعت هذه الموجات وآثارها للدراسة على سطح المحيطات في معظم الأوقات، ولم نكن نعرف معلومات كثيرة عن خصائصها في أعماق المحيط».

استعمل الباحثون ملاحظات جمعوها من موقع التجربة مباشرةً ونماذج من تصميمهم لتحليل موجات الحرّ البحرية العالمية بين العامين 1993 و2019، بما في ذلك بيانات يصل عمقها إلى ألفَي متر تحت السطح.

تبيّن أن تلك الموجات تبلغ ذروتها على عمق يتراوح بين 50 و200 متر تحت سطح المياه، وهي تصبح أحياناً أقوى من موجات الحرّ السطحية بنسبة تصل إلى 19%. كذلك، زادت مدّة الموجات عمقها، فاستمرّ أثر التسخين لمدة سنتين بعد عودة درجات الحرارة إلى مستواها الطبيعي على سطح المياه.

استعمل العلماء مقياساً بديلاً للإجهاد الحراري، وهو يُعرَف باسم «القوة التراكمية»، وقارنوه بتوزيع التنوّع البيولوجي عند بلوغ عتبة الحرارة القصوى لتحديد المناطق التي تكون فيها الكائنات البحرية أكثر عرضة للتغيّرات المؤثرة.

بدت ظروف الإجهاد الشديد متداخلة في 22% من المحيطات العالمية. لكنّ التقلبات الإقليمية لموجات الحرّ البحرية تزيد صعوبة قياس نسبة التعرّض للتنوّع البيولوجي، وتتفاوت مدّتها بحسب الموقع نتيجة اختلاف الظروف في المحيطات.

بشكل عام، تظنّ فراغكوبولو، التي تعمل في مركز العلوم البحرية في جامعة ألغارف في البرتغال، أن تأثير هذا الوضع على التنوّع البيولوجي يصبح الأقوى على الأرجح انطلاقاً من السطح وصولاً إلى عمق 250 متراً.

تبيّن أن أكبر مساحات المحيطات التي تُعتبر الأكثر عرضة للمخاطر تقع في شمال المحيط الأطلسي والمحيط الهندي، على عمق يتراوح بين ألف وألفَي متر.

تحسين المراقبة حاجة مُلحّة

تذكر دراسة أخرى نشرتها مجلة «ناتشر» في الشهر الماضي أن بعض الكائنات البحرية تستطيع تحمّل الحرّ أكثر من غيرها، وتستنتج أيضاً أن أسماك المحيطات تتحمّل موجات الحرّ البحرية من دون أن تتأثر أعدادها بدرجة كبيرة.

تدعو فراغكوبولو إلى إجراء أبحاث أخرى حول موجات الحر في أعماق المحيطات لاستكشاف آثارها المحتملة على السياحة ومصايد الأسماك، فتقول: «بما أن عواقب موجات الحرّ البحرية على التنوّع البيولوجي في عمق البحار لا تزال مجهولة في معظمها، ثمة حاجة مُلحّة إلى تحسين طرق مراقبة المحيطات العالمية لفهم آثارها».


MISS 3