جنى جبّور

"نفسانيون" في مؤتمرهم الثالث

"ميلينيا: مرآة الإنسانية"...حين يجتمع الفن بعلم النفس في "نابو"

27 أيلول 2023

02 : 05

يحتضن متحف «نابو» المؤتمر الثالث السنوي لمركز «نفسانيون» في الأول من تشرين الأول من العاشرة صباحاً حتّى السابعة مساءً، جامعاً داخل جدرانه محاضرات تفاعلية غير تقليدية تدور حول الفن وعلم النفس يقودها فنانون ومعالجون على حد سواء لفهم العلاقة الغنية والمعقدة بين هذين المجالين، بالإضافة إلى عروض فنية متنوعة، في تجربة إستثنائية جذبت إليها عدداً كبيراً من المهتمين الذين فاق عددهم التوقعات والقدرة الإستعابية للمكان. وللتعرف أكثر على «نفسانيون» وبرنامج نشاطهم هذا، التقت «نداء الوطن» مؤسسة المركز هبة خليفة في هذا الحديث.



عرّفينا على «نفسانيون»...

أسسنا المركز «اللبناني للعلوم النفسية والاجتماعية - نفسانيون» في 2016، لتغيير نظرة المجتمع الى علم النفس وعدم حصره بالمرض فحسب. مركزنا ليس تقليدياً أو نمطياً، ونسعى الى اظهار أنّ هذا الاختصاص هو أداة يمكن استعمالها في كل جوانب حياتنا لتحقيق طموحاتنا وتجاوز صراعاتنا وأزماتنا ومحاربة الظواهر المرضية المجتمعية، كالتعصّب والطائفية وغيرها.

يقسم عملنا الى اثنين؛ الأول دعم طلاب علم النفس والمعالجين وربطهم بأهم الاختصاصيين المحليين والعالميين لمساعدتهم في عملهم. والثاني، توسيع آفاق علم النفس عبر نشر المعرفة والثقافة النفسية لكلّ شرائح المجتمع من خلال تنظيمنا ورش العمل والمؤتمرات التي حققت اقبالاً كثيفاً واهتماماً واسعاً فاق توقعاتنا.

تنظمون مؤتمركم الثالث بعد أيام. ما موضوعه؟

ننظم سنوياً مؤتمراً خاصاً بمركزنا، وفي كل نسخة نتناول موضوعاً مختلفاً يعالج القضايا الراهنة التي يعيشها المجتمع ولا سيما القلق الناتج عن الأزمات المتتالية مثل جائحة «كورونا»، الأزمة الإقتصادية، إنفجار «٤ آب»... قررنا هذه السنة أن نخرج قليلاً من السواد الذي يكبلنا وان نظهر صورة مختلفة عن علم النفس من خلال تبيان التقاطع بينه وبين الفن وقوة هذين المجالين في التغيير عبر العصور.

«ميلينيا: مرآة الإنسانية»... ماذا يعني هذا العنوان؟

يشير مصطلح Millenia إلى «الألفية» (آلاف السنوات)، واخترناه لاظهار العلاقة التاريخية بين الفن وعلم النفس. يظهر هذا الإطار الزمني الطويل تطور الكثير من الحضارات والثقافات التي ساهمت جميعها في تشكيل العالم الذي نعيش فيه اليوم.

في الفن، يمكن استخدام مفهوم «الألفية» لاستكشاف كيفية تطور الأساليب والتقنيات وكيفية تأثرها بالسياقات الثقافية والتاريخية المختلفة. مثلاً، قد يدرس مؤرخ الفن الطريقة التي أثر بها الفن المصري القديم على الحضارة المصرية القديمة وأعمال الفنانين اللاحقين في منطقة البحر الأبيض المتوسط، أو كيف تشكل عصر النهضة في أوروبا من خلال إعادة اكتشاف الفن الكلاسيكي والفلسفة من اليونان القديمة وروما.

أمّا في علم النفس، فيمكن استخدام مفهوم «ميلينيا» لاستكشاف تطور السلوك البشري، والادراك والمعرفة مع مرور الوقت. فقد يدرس علماء النفس كيفية تغيّر الأعراف والقيم الاجتماعية على مدى آلاف السنين، وكيف شكّلت الأحداث والتطورات التاريخية المختلفة الطريقة التي يفكّر فيها الناس اليوم وتأثيرها على تصرّفاتهم.

ما هدف المؤتمر؟

هدفه إبراز أهمية دمج الفن وعلم النفس ولا سيما أنّنا بتنا نستخدم الفن في عملنا المباشر مع الناس عند تقديم الدعم النفسي والاجتماعي. وفي هذا الاطار، كشفت لنا رئيسة المعهد الوطني العالي للموسيقى الدكتورة هبة القواس أنّ «الكونسرفاتوار» يسعى الى خلق قسم للعلاج بالموسيقى... وهذا الأمر يسعدنا جدّاً. ويرمي المؤتمر أيضاً الى تعزيز طرق جديدة لفهم دور علم النفس في الأعمال الإبداعية وتوفير منصّة لتبادل المعرفة والأفكار حول هذا الموضوع. كما الترويج لأساليب جديدة لاستخدام الفن على اعتباره أداةً علاجية، وتوفير منصّة للفنانين وعلماء النفس لعرض أعمالهم وأفكارهم، والإسهام في الحوار العالمي حول دور الفن وعلم النفس في تعزيز ازدهار الإنسان، وإلهام الطلاب والمهنيين الشباب وتثقيفهم في هذا المجال.

برنامجكم تفاعلي بعيد عن العروض التقليدية. ماذا عن مضمونه؟

صحيح، برنامجنا منوع وغير تقليدي يشارك فيه 22 اختصاصياً من علم النفس والمثقفين والفنانين ولن يتعدى وقت مداخلة كلٍ منهم الربع ساعة.

أفْتَتِحُ المؤتمر مع المؤسس علي الأطرش، ثمّ الكلمة الافتتاحية مع عميدة كلية الآداب والعلوم الانسانية في «الجامعة اللبنانية» د. هبة شندب يتبعها كلمة مؤسس متحف «نابو» جواد عدرا. بعدها نكون مع مداخلات متنوعة حول «سيكولوجيا الإبداع: تعريفاً وعمليات وبعض التطبيقات» مع البروفيسور مصطفى حجازي، «فعالية اللعب، الفن والإبداعية في تحصين الوعي والنهوض المستدام» مع البروفيسور جان داوود، «وجع الإنسان ما بين الأركيولوجيا والتاريخ: التعبير بالفن وعلى الأريكة» مع البروفيسور عباس مكّي، «عن الرسم في زمن الحمقى والحرب» مع سبهان آدم، «ضرورة الشعر في عصر الذكاء الاصطناعي» مع زاهي وهبي، «قوة تأثير الصوت» مع د. هبة القواس، حوارية حول «إشكالية الإبداع في المجتمعات العربية» مع الشاعر أدونيس، «الإبداع الفني في بُعده الفلسفي» مع د. جان بيار نخلة، «الموسيقى بين الترفيه والعلاج» مع د. لينا رياشي، والكلمة الختامية عن «أهمية تطوير الحس الجمالي في تطوير النفس البشرية ومساهمته في التعبير عن النزاعات الداخلية والتفوّق عليها» مع د.ليلى عاقوري ديراني...

يرافق المحاضرات برنامج فني نقدم من خلاله تحيةّ الى فيروز، كما سنستمع الى مداخلة د. أنطوان نجل وديع الصافي، اضافةً الى عرض مجموعة منتقاة من مقاطع الفيديو والأفلام الوثائقية، وجولة في «متحف نابو» لاختبار الفن التاريخي والمعاصر عن قرب.

لماذا اخترتم متحف «نابو»؟

لأن موضوعنا هذا السنة يدور حول الفن، أردنا تنظيم نشاطنا في متحف «نابو» للخروج من الأماكن النمطية لانعقاد المؤتمرات. وبالفعل، أبدى المشاركون حماسةً واضحة في تمضية يومهم في المتحف والاستفادة من برنامجنا. وهنا لا بد أن أشير الى أنّ الحجوزات اكتملت في اليومين الأولين من فتح باب التسجيل، فحجزت الـ350 كرسياً المخصصة للمؤتمر، وفي يدنا لائحة انتظار واسعة. وهذا الأمر أكثر من رائع بالنسبة لنا.




هبة خليفة



برأيك، كيف يؤثر الفن على نفسية الفرد؟

في لبنان مثلاً، نتيجة الأزمات المختلفة التي نعيشها، نشجع المراهقين على المشاركة بكل أنواع الفنون كالعزف أو الرسم وغيرها... لانها تنمي الحس الابداعي للفرد وتخفف عنه شعور الغضب والعدوانية.

فهذه اللغة العالمية، تهذب النفوس وتدخل في كل المجالات والدليل على ذلك أنّه خلال الأزمات تخلق الحركات الفنية والأناشيد وغيرها...




ملصق المؤتمر


MISS 3