ألان سركيس

رسائل

"ريمون" نبع الثقافة و"العيون"... "دمعة" تنورين في أول تشرين

2 تشرين الأول 2023

13 : 02

حزين جرد تنورين وحزينة الضيعة كما يحلو لأهلها تسميتها أيضا. صحيح نعيش زمن الإنهيار لكننا نعيش أيضا زمن رحيل الكبار وفي كل شيء.


إذا كانت الأضواء تسلط على رحيل رجال السياسة والفن والمشاهير، إلا أنه يوجد في كل بلدة رجال حفرو الصخر وناضلوا وتعبوا ليصل المجتمع الى ما هو عليه.



نعم لقد كان جرد تنورين او منطقة حريصا ومحيطها حزينة هذا الصيف وسط اشتعال لبنان بالمهرجانات والسياح. الأغلبية العظمى من أهالي المنطقة "ما طلعت عالصيفية". لكن الأبشع أن الجيل المؤسس لازدهار هذه المنطقة وعمرانها يرحل الواحد تلو الآخر.



بالأمس رحل الاستاذ غطاس سركيس الملقب بريمون على غفلة من دون ان يختم موسم الصيف والتفاح. رحل وهو الذي كان مدير مدرسة تنورين الرسمية لسنوات. رحل والمدرسة الرسمية والجامعة اللبنانية تنهار. رحل مربي الأجيال وقسم كبير من هذا الجيل بات له العلم ترف بسبب الاوضاع الاقتصادية.



لم يقتصر دور الاستاذ ريمون على التربية فقط. فكان كان سفير عائلته، اي ال سركيس المنتشرة في الكورة والبترون، في قلب تنورين المركز، كان المطلع على ملفات تنورين كافة وخصوصا في المجال الزراعي عبر التعاونية.



كان حافظ الذاكرة، ومن يريد ان يعرف شجرة عائلات تنورين سواء داخل بيت حرب او بقية العائلات يلجئ اليه.

جمع بشخصه الناشط التربوي والاجتماعي والسياسي والزراعي، وكان المشهور بالكشف عن المياه بعوده واستخراجها في منطقة تتميز بشح المياه. وبفضله سالت عيون المياه باراض كثيرة مثلما يسيل دمع العين على رحيله.



تودع تنورين الرجل المثقف الذي يقرأ الكتب وبقي لاخر يوم يقرأ الجريدة في زمن غياب الثقافة وسيطرة الجهل، تودع تنورين مدير مدرستها وهي ليست في أفضل أحوالها، تودع تنورين من كان يتابع ملفاتها وملفات المزارعين في زمن انهيار القطاع الزراعي، تودع تنورين الاستاذ ريمون والخطر يطرق حدود البلدة التي يعرفها شبر وشبر ويعلم حدود جردها المسيطر على قسم منه بسبب قوة الامر الواقع.



ألم الرحيل كبير جدا، لكن التحديات اكبر، التحدي الاول للجيل الشاب ليكمل ما بدأه الجيل المؤسس، التحدي الثاني بعدم ترك جرد تنورين والدفاع عن قضاياه. والتحدي الاهم للعائلة ببقاء هذا البيت مفتوحا مثلما كان على ايام الاستاذ ريمون واكمال المسيرة في تنورين.

MISS 3