إحتضن مسرح «الجمعية اللبنانية للفنون- رسالات» أمسيةً كوميديةً تحاكي قضايا وقيماً إجتماعية بأسلوب هادف وجاذب، تحت عنوان «ستاند أب عمومي»، أحياها 4 فنانين بينهم محجّبة تُدعى ملاك بزي. وفور الإعلان عن العمل، إنقسم روّاد مواقع التواصل الإجتماعي، بين ممتعضين لمشاركتها كونها محجّبة، وداعمين لها متشوقين لمشاهدة دورها ومعرفة مضمونه، رافضين الشخصنة والأحكام المسبقة في حقها، في مشهدية تعكس مشكلة المجتمع مع المرأة والحواجز المفروضة عليها رغم كل الإنفتاح الحاصل.
يُعدّ «ستاند أب عمومي» الذي قدّمه كلّ من ملاك بزي وعلي منصور وابني الجنوب عبد النبي سليمان وحسين نصر الدين الذي انضمّ إلى المجموعة في العام 2015، العرض الأول من نوعه في الضاحية التي تقلّصت مسارحها ومساحاتها الفنية بشكلٍ ملحوظ. وعكست ليلة الأربعاء 4 الجاري حباً وشوقاً للفن والضحك في المنطقة، إذ امتلأت مقاعد المسرح بالكامل ونفدت البطاقات قبل العرض بأيام.
حصة الأسد من هذا العمل كانت من نصيب ملاك بزي ابنة الـ24 ربيعاً المتحدّرة من عائلة ملتزمة دينياً. هي درست المسرح في معهد الفنون في «الجامعة اللبنانية» بدعم كامل من أهلها. وفي حديث لـ»نداء الوطن» أكدت أنّها خاضت على مسرح «رسالات» أول «ستاند أب كوميدي» لها، على الرغم من تقديمها عروضاً كوميدية عدة من قبل، قائلةً: «لم أتردّد أبداً في خوض التجربة كون النصّ والمضمون راقيين جداً وأهلاً لأن أعتلي المسرح بطريقة سلسة وفكاهية ولا سيّما أنني تناولت تجربتي في التعليم. الحجاب لا يحدّد ماهية الأشخاص، فنحن كنساء محجبات يمكننا أيضاً تقديم فنّ ناجح وملتزم وراقٍ جداً بطريقة فكاهية على المسرح»، مضيفةً: «دعم عائلتي كان كبيراً وكافياً. سمعت الكثير من الانتقادات اللاذعة لكنها زادتني عزماً وإصراراً على المضيّ في تقديم العرض. كبر قلبي ولم أصدّق الأعداد التي رأيتها في القاعة، وكل ذلك زادني حماساً فأعطيت كل ما لدي في تلك الأمسية»، متوجّهةً الى الممتعضين بالقول: «أنا أحترم آراء الجميع انطلاقاً من تربيتي. لكن كنت أتمنّى على هؤلاء لو أنّهم انتظروا مشاهدة عرضنا قبل إطلاق الأحكام التي لم توصل إلى أي مكان».
وختمت حديثها داعيةً كل محجّبة الى اتّباع حلمها من دون الخوف من نظرة المجتمع، قائلةً: «لا عيب في تقديم أمور لا تسلك طرقات خاطئة وغير مقبولة، بالحجاب أو من دونه، فكل ما نؤمن بأنه صحيح ومقبول وغير مؤذٍ لا يمكنه أن يهين الحجاب الذي نرتديه».
من جهته، أشار علي منصور (44 عاماً) الذي يعمل أساساً في التجارة بالإضافة إلى تعليم المسرح، إلى أنّه دخل عالم الكوميديا في العام 2010 حيث قدّم حتى اليوم ما يفوق 10 أعمال مسرحية كوميدية إلى جانب مشاركته في برامج فكاهية شهيرة منها «كتير سلبي شو». وتطرّق في العرضَين اللذين قدّمهما تلك الليلة على مسرح «رسالات»، إلى الشهرة بإيجابياتها وسلبياتها وقال إنّ: «عنوان العرض «ستاند أب عمومي» تمّ اختياره كونه يتناول الكثير من المواضيع وليس واحداً محدداً. وأظهر الجمهور الذي فاق عدده 650 شخصاً، تفاعلاً كبيراً مع عروضنا ولم تتوقف الضحكات لدقيقة في القاعة... فعلاً كانت ليلة استثنائية».
وعن الحملة التي وُجّهت ضد زميلته بزي اعتبر أنه «كان من الأفضل أن ينتظر المنتقدون حتّى يشاهدوا ويسمعوا ما ستقدّمه قبل الشروع في انتقادها، ولكن لمواقع التواصل شياطينها المتربّصة التي تنتظر أي حدث لتجرّح وتؤذي»، مؤكداً أنّ «ملاك موهوبة جداً ومحترمة ولم تقدّم سوى محتوى راقٍ وهادف بلمسة كوميدية أقرب ما تكون إلى طريقة الحكواتي السردية».
ويرى منصور أنّ للكوميديا أربابها وخيوطها الرفيعة قبل أن تتخطّى حدود الرقي، فهو يتّخذ من ستيف هارفي مثالاً عالمياً في هذا المجال، ومن فادي رعيدي مثالاً لبنانياً ومن المصري علي قنديل آخر عربياً، وختم مردفاً: «كي ينجح الكوميدي يجب أن يكون بالدرجة الأولى عفوياً وصادقاً بالإضافة إلى امتلاكه حسّ الفكاهة بالفطرة وحب المسرح بالتأكيد».
