رفيق خوري

سؤال السباق الرئاسي والمسألة مصير الجمهورية

16 أيار 2020

10 : 00

الصراع الجيوسياسي في الشرق الاوسط وعليه يقترب من مرحلة الحسم في التحولات الدراماتيكية. ولبنان المثقل بالأزمات في صدام المشاريع ليس خارج الصراع. لا كملعب مستمر منذ القرن التاسع عشر. ولا كلاعب في حسابات طرف قوي يلعب دوراً بالوكالة على جبهات الصراع ضمن مشروع اقليمي. حتى هاوية الأزمات التي نبحث في الداخل ومع الخارج عن مخرج منها، فانها على خطورتها وأهمية الخروج منها تبقى على سطح أزمة وطنية مصيرية. ولا مرة كان مصير لبنان، والجمهورية بالذات، على المحك كما هي الحال في هذه المرحلة.

ذلك ان السؤال الحقيقي ليس لمن الرئاسة بل لمن الجمهورية ومن يتحكم بها. والمسألة هي ان تكون الجمهورية او لا تكون. لكن معركة الرئاسة دائرة كأن مخاطر الصراع الجيوسياسي والأزمة المصيرية والأزمات المالية والاقتصادية والفوضى غير موجودة، ودائماً بحجة الاستعداد لمواجهة المخاطر. ولو القيت قنبلة نووية على لبنان لما توقف زعماء الموارنة عن الصراع على الرئاسة.

والمعركة مفتوحة منذ بدايات العهد الحالي، خلافاً لتقاليد فتحها في السنتين الأخيرتين من الولاية. مفتوحة على يد أهل البيت، لا على ايدي خصوم العهد ومفتوحة في تجربة جديدة للاستثناء من القاعدة التي قوامها: لا رئيس يأتي برئيس اذ كل عهد جاء نقيض العهد السابق حتى عندما كان الوصي السوري هو الناخب الوحيد. والتاريخ ناطق: الاستثناء الوحيد كان حين جاء الرئيس فؤاد شهاب بالرئيس شارل حلو الذي تحيّن الظروف للخروج على الشهابية.

والمفارقة انه لم يعد في لبنان من زمان معارك رئاسية كالتي تدور في البلدان الديموقراطية التي ندعي اننا منها. المتنافسون هناك يعلنون ترشحهم وبرامجهم. والناخبون معروفون. والسباق يدور على السعي لكسب أكثرية الناخبين. وهنا، المتنافسون لا يترشحون رسمياً ولا يعلنون ترشحهم وبرامجهم. والناخبون الخارجيون مجهولون ومعروفون. بعضهم ثابت، وبعضهم متغير. بين الاقوياء من يضعف، وبين الضعفاء من يقوى. والناخبون في الداخل يميلون مع الرياح. والقدرة على التعطيل اكبر من القدرة على التوصيل.

فضلاً عن اننا صرنا في لعبة المرشح الوحيد الذي لا منافس له. فالسباق الرئاسي ليس قائماً على التنافس بل على حرق المنافسين واخراجهم من السباق قبل الانتخابات. واكثر ما ينطبق علينا قول دومينيك شوفالييه "اللبنانيون مصابون بعقدة: من جهة ،هم مركز الكون، ومن جهة اخرى، يشعرون بعقدة نقص تجاه جيرانهم الأقوياء". والأقوياء في هذه الايام ليسوا الجيران.