تجربة جامحة تستعمل الليزر لبناء الطرقات على سطح القمر

02 : 00

قد لا يكون التجول على سطح القمر من الرحلات الأكثر أماناً. لا تتعلق المشكلة الأساسية بالمساحات الوعرة، بل بانتشار مسحوق الغبار الناعم هناك. تنشط هذه الجزيئات الضئيلة والمشحونة في بيئة ذات جاذبية منخفضة، وهي تَعْلَق في الفضاء وتطرح مخاطر كبرى على العمليات الدقيقة التي تقوم بها الآلات على كوكب الأرض.



إذا أراد البشر أن يعيشوا يوماً على سطح القمر لفترة مطوّلة، يكشف بحث جديد أن تحويل ذلك التراب، أو الثرى القمري، إلى طرقات ناعمة ونظيفة ممكن. كل ما نحتاج إليه هو استعمال عدسة كبيرة.

تُستعمل عملية التلبيد في هذا المجال، وهي تشير إلى إنشاء كتلة صلبة انطلاقاً من جزيئات صغيرة عبر استعمال الضغط أو الحرارة من دون تسييل المادة.

أثبتت نتائج الدراسة الجديدة إمكانية استعمال هذه التقنية لتصنيع عيّنات كبيرة ذات قدرات متشابكة في موقع العملية، علماً أن تصنيعها بطريقة مباشرة على سطح القمر وترتيبها لبناء الأرصفة ممكن.

لوضع الخطط التي تسمح بإنشاء قاعدة للعمليات البشرية على سطح القمر، من الأفضل أن تتراجع المعدات التي نحتاج إلى نقلها من الأرض.

لكن يبقى القول أسهل من الفعل طبعاً. في نهاية المطاف، يفتقر القمر إلى المعدات ويقتصر على الصخور والغبار، وطبقة سطحية من الثرى القمري، بالإضافة إلى بعض الجليد على الأرجح، والكثير من أشعة الشمس، ودورة قمرية تتنقل بين النهار والليل وتدوم طوال 28 يوماً.

أراد الباحثون أن يعرفوا إذا كانوا يستطيعون استعمال المواد الموجودة على سطح القمر لابتكار مادة يمكن استخدامها لبناء الطرقات. هم افترضوا أنهم يستطيعون استعمال عدسة لتركيز أشعة الشمس بطريقة تضمن إنتاج شعاع ساخن بما يكفي لتذويب الغبار القمري، ما ينتج بلاطاً متشابكاً يمكن استعماله لرصف الطريق.

جرت هذه التجارب عبر استعمال غبار رقيق ورمادي ومسحوق اسمه EAC-1A. يحاكي هذا العنصر الثرى القمري الذي طوّرته وكالة الفضاء الأوروبية، وهو خليط من المعادن الموجودة بكميات مشابهة على سطح القمر.

لجأ الباحثون أيضاً إلى ليزر عامل بثاني أكسيد الكربون، حيث يتم تفريغ التيار الكهربائي عبر ثاني أكسيد الكربون لإنتاج شعاع من الضوء ضمن قطر 45 ميليمتراً. ركّز العلماء ذلك الشعاع على غبار EAC-1A، وتعقبوا أنماط الغبار لتذويب أشكال معينة قد تصبح متطابقة وفق نمط متداخل. هم جرّبوا مستويات مختلفة من قوة الليزر لتحديد الحرارة القصوى التي تسمح بإنتاج البلاط.

نجحت العملية على أكمل وجه. اكتشف الباحثون أن قوة الليزر تتماشى مع ما يمكن تحقيقه عبر استعمال أشعة الشمس على سطح القمر. هم يقولون إن البلاط المشتق من هذه العملية يمكن تصنيعه على القمر عبر استخدام الغبار القمري وعدسة «فرينل» ضمن مساحة 2.37 متر مكعب لتركيز أشعة الشمس المتاحة هناك. إنها قطعة صغيرة جداً من المعدات.

اختبر الباحثون أيضاً قوة البلاط المستعمل، وكانوا يعرفون أن المعدات القمرية ستكون ثقيلة على الأرجح. تبيّن أن المادة الملبّدة تتمتع بقوة موازية للإسمنت.

يستطيع مستكشفو القمر بهذه الطريقة أن يبنوا البلاط على مساحة 250 ميليمتراً تقريباً، تمهيداً لبناء طرقات مرصوفة ومنصات هبوط، ما يسمح بتقليص كمية الغبار الضارة فوق سطح القمر، علماً أن هذا الغبار قد يستنزف المعدات ويسدّ الآلات الدقيقة.

تقضي الخطوة المقبلة بتحسين صلابة المادة. كانت المادة المبتكرة قوية لكنها قابلة للكسر، وقد تنجم هذه الخاصية عن عيوب مجهرية رصدها الباحثون حين استعملوا المجهر وتقنيات المسح. قد يسمح تقليص تلك العيوب بتقوية الطرقات على سطح القمر.

نُشرت نتائج البحث في مجلة «التقارير العلمية».


MISS 3