بسام أبو زيد

بين الخسارة والربح

24 تشرين الأول 2023

02 : 00

لا أحد يهتم حالياً بلبنان إلا من باب ألّا يوسّع «حزب الله» حال الحرب القائمة مع إسرائيل، ويبدو من القراءة بين سطور تصريحاتٍ لمسؤولين في «الحزب» ومسؤولين إيرانيين أنّ الحرب الشاملة التي يفترض أن تشمل كل لبنان مؤجلة حالياً، ولكن ذلك لا يعني النوم على حرير طالما أنّ حال الحرب على خط التماس الحدودي مستمرة وأي خطأ فيها قد يخرج النار عن قواعدها.

في هذا الوقت تكتفي حكومة تصريف الأعمال ورئيسها نجيب ميقاتي ووزير خارجيتها عبدالله بو حبيب بمحاولة تبرير العجز أمام المجتمعين العربي والدولي، ويبدو أنّ كل المكونات اللبنانية عدا «حزب الله» في حيرة من أمرها.

المسيحيون لم يتحركوا كما يفترض بهم من أجل إعلاء الصوت بأنهم لا يريدون للحرب أن تشمل لبنان، فـ»التيار الوطني الحر» لا يؤيّد الحرب ولا يرفضها ولا يريد إغضاب «حزب الله» ولا استرضاءه، وتنسحب هذه الحيرة أيضاً على جمهوره، فمنهم من هو مع المواجهة وربما المشاركة في قتال إسرائيل ومنهم من ينشد الهدوء والسكينة ويضغط باتجاه إعلان موقف جريء يرفض زج لبنان في أتون الحرب.

«القوات اللبنانية» يبدو أنّها قد أدّت قسطها للعلى عندما أعلنت رفضها أن يتم جرّ لبنان إلى حرب شاملة، ولكنها توقفت عند هذا الحد ولم تفعِّل مع حلفائها في المعارضة هذا الرفض لا على الصعيد الشعبي ولا على الصعيد السياسي وكأنّ هناك خوفاً من أن تُتهم القوات بما هي متهمة فيه لجهة أنها تعترض على ممارسات «حزب الله» وتتهمه بالخيانة، علماً أنّ الضغط في سبيل عدم زج لبنان في الحرب لن يلقى معارضة من الأكثرية الساحقة للبنانيين، فوحدهم من لا يدركون عواقب الحرب قد يطلقون العنان لتخوين القوات اللبنانية.

الكنيسة أيضاً لا يختلف وضعها عن وضع «التيار» و»القوات»، فمع كل تطور سلبي في منطقة الشرق الأوسط ولبنان تحديداً تعود الخشية من مسألة هجرة المسيحيين الذين أصبحوا يعيشون في ظل صراع دائم بين متطرفين لا مكان لهم فيه وحتى من يؤيد منهم المقاومة ضد الإحتلال الإسرائيلي، وكل الخشية التي يبدو أنّ الكنيسة والأحزاب المسيحية الكبرى التي لم تدركها بعد هي أن الحل في المنطقة ومن ضمنها لبنان قد يأتي على حساب الحلقة الأضعف: وهي المسيحيون.

لن يدفع السنة والدروز الثمن، فحركة «حماس» أصبحت في قلب الوجود السني في لبنان والمنطقة، ولن يدفع الدروز الثمن لأنّ زعيمهم وليد جنبلاط عرف كيف يتعامل مع ما يجري، فهو يعلن من لبنان أنّه مع الكفاح المسلح ويتشدد في إدانة السياسات والهجمات الإسرائيلية، وعلى ضفتيه، يقاتل دروز في الجيش الإسرائيلي ويهاجم دروز آخرون نظام بشار الأسد في سوريا، فهو في كل ذلك ومع طائفته يعرف كيف يخسر وكيف يحول هذه الخسارة إلى ربح.


MISS 3