ريتا ابراهيم فريد

رودريغ سليمان: تستهويني الأدوار التي أتحدّى بها نفسي

27 أيار 2020

02 : 00

يتميّز بقدرته على تجسيد الأحاسيس من خلال نظرة، من دون أن يضطرّ الى الكلام. فهو يملك موهبة لافتة على التعبير من خلال عينيه. يتنقّل بخفّة بين أنواع مختلفة من الأدوار، ولا يقبل إلا بتأدية الشخصيات الصعبة. بين المسرح والتلفزيون والسينما، أثبت الممثّل رودريغ سليمان حضوره بين نجوم الصف الأول. يحلّق بموهبته بجنون مبدع، ويذهب في شغفه بالتمثيل حدّ التقمّص الفعلي للشخصيات التي يؤديها.



في مسلسلي "العودة" و"الساحر"، أدّيت أدواراً شريرة في هذا الموسم الرمضاني، ألا تخاف أن تصبح مكروهاً من الجمهور وأن يتمّ ربـط صورتك بالشرّ؟


على العكس. فبحسب ردود الفعل التي وصلتني، تفاجأ الناس بأدائي كممثّل. ومن ناحية أخرى أصبح واضحاً جداً أننا نؤدي الدور. وبالتالي أنا لن أكون مكروهاً، إنّما الكره سيكون للشخصيات، وهذا مؤشّر جيّد جداً.

قلت أنك زرت طبيباً نفسياً لتأدية دور ريان في مسلسل "العودة". كيف تحضّر لأدوارك عادة؟

أحاول أن أخلق تاريخاً للشخصيّات، وأن أكتشف من هم بالأصل ولماذا يتصرّفون بهذه الطريقة. كما أهتمّ كثيراً بدراسة حالاتهم النفسيّة. بعدها أركّز على تفاصيل الجسد والصوت، والتفاصيل الصغيرة الخاصة بكل شخصيّة. فـ"ريان" مثلاً يتميّز بضحكته الشرّيرة التي اتفقنا عليها أنا والمخرج إيلي السمعان، لأنّنا شعرنا أنّها تناسبه، كونه رجلاً يتلذّذ بتعذيب الآخرين، وبالتالي هو شخص مريض. قبل أداء شخصية "ريان"، قرأتُ عن امرأة مسنّة (غير لبنانية) كتبت في مذكراتها عن شخص كان يتصرّف بالطريقة نفسها، وروت كيف كان يتلذّذ بتعنيفها. وكانت تصف المشاهد وقد أخبرتُ الكاتب طارق سويد والمخرج إيلي السمعان عنها. لكن كان خطيراً جداً أن نعرض هذه الأمور.

تعمد غالباً الى تأدية أدوار شخصيات تعاني من عقد نفسية. لماذا تختار هذا النوع؟

التمثيل هو تحدٍّ. وهذه الأدوار تغريني لأنّها تجسّد شخصيات تدفعني الى تحدّي نفسي كممثّل، ولأنّها لا تشبهني. التمثيل في النهاية هو هروب من العالم الواقعي الى العالم الخياليّ. والشخصيات التي تجعلني أعيش حياة لا يمكن أن أعيشها في الحياة الواقعية، هي الأدوار التي تستهويني.

لماذا لا نرى رودريغ سليمان في أدوار بطولة مطلقة في المسلسلات؟ ما هي الموانع؟


لو أسندت إليّ أدوار بطولة مطلقة لما سنحت لي الفرصة كي ألعب دور "ريان" مثلاً في مسلسل "العودة"، أو أيّة شخصيّة أخرى أدّيتها. مع العلم أنّني منذ فترة تلقّيت عروضاّ لأربعة مسلسلات، لكنّي شعرتُ أنّ الشخصيّات كلّها متشابهة، ولم تغرني، فرفضتُها. لكن ما هو تعريف البطولة المطلقة؟ بالنسبة لي أهمّية الدور هي من أهمّية مساحته. ففي مسلسل "الساحر" مثلاً، كان دوري كبيراً ومهمّاً. كذلك الأمر في مسلسل "الشهر السابع". أنا أهتمّ أكثر في الشخصيّة وفي قدرتها على محاكاة شغفي كممثّل.


كيف تقيّم مستوى الممثل اللبناني اليوم نسبة الى الممثلين السوريين والمصريين؟


ما قام به الممثلون اللبنانيون هذا العام كان جميلاً جداً. فتطوّر الأداء كان واضحاً وهو أمر يفرحني، علماً أنّني لست مخوّلاً أن أحكم على الآخرين. وأخصّ بالذكر الممثّلين المتخرّجين حديثاً من الجامعات، فهؤلاء لا يمكن أن يقال عنهم كلمة سيئة لأنّهم يتقنون عملهم بطريقة مذهلة.





هل من الممكن أن نرى عملاً درامياً من إخراج رودريغ سليمان قريباً؟


الأمر مستبعد. فبعد أن أنهيتُ دراسة المسرح، درستُ الإخراج السينمائي لأفهم الممثل أكثر، ولأفهم كل الأمور التي تحدث في موقع التصوير، إضافة الى وجهة نظر المخرج كي أتمكّن من مناقشته. درستُ الإخراج من أجل الممثل الموجود في داخلي وليس لأكون مخرجاً.

بين التلفزيون، السينما، والمسرح. أين تجد نفسك أكثر؟


هم مثل الحلقة الموصولة ببعضها، والتي لا يمكن فصلها. ففي المجالات الثلاثة هناك تحضير للشخصية وأبحاث وتركيب شخصيات. إنّما الفارق الوحيد في المسرح هو أنّ الشخصية التي نؤدّيها تتطلب تمارين لمدة أربعة أشهر تقريباً، ما يمنحنا لذّة أكبر لأنّنا نشعر أنّنا متمكّنون أكثر، بالإضافة الى عامل التفاعل المباشر مع الجمهور. ففي نهاية إحدى المسرحيّات التي قدّمتها كنت أستمدّ البكاء والنفس من الجمهور، وشعرتُ أنني أطير نحو مكان آخر. هذا التفصيل ليس موجوداً في التلفزيون والسينما.


هل هناك مُخرج معيّن عملت معه، وترك أثراً مميّزاً في مسيرتك؟


لكلّ شخص أسلوبه الخاص. وأنا إنسان سلس ومن السهل أن أتماشى مع أسلوب أي مخرج. لكن أكثر ما يهمّني قبل المباشرة بالتصوير، أن أخلق عاملي الثقة والصداقة مع المخرج، لأن هذا الأمر يمنحني راحة أكبر. ففي اللقاء الأول مع المخرج أقول له دائماً إنني أريد أن تكون الثقة متبادلة، وعندها إذا "فلتتُ" كممثّل، يكون دور المخرج أن يضبطني.


بعيداً عن التمثيل، كتبت بعد أيام قليلة من انطلاقة انتفاضة 17 تشرين أنّ "تاريخ بعد الحرب يُكتب اليوم". كيف ترى مستقبل لبنان في ظلّ الإنهيار الذي نعيشه؟


كنّا نأمل أن يتغيّر كل شيء. وكنت أقول: "إذا ما مشي حالنا هلّق ما رح يمشي حالنا ولا مرّة". لكنّني اليوم أشعر أننا عدنا الى الوراء للأسف، والناس تعبت كثيراً. لذلك من الضروري أن يتغيّر شيء ما، فقد شبعنا من الخطابات والوعود. وأتمنى لو لمرة واحدة أن يتمّ تحقيق أمر مفيد لي كمواطن. فأنا أقوم بكلّ واجباتي تجاه دولتي، لكني في المقابل لا أحصل على ما أحتاجه منها، وهو قبل كل شيء حقّي وكرامتي.

كيف ترى وضع الثورة اليوم؟

إذا تمّ تصويبها نحو المكان الصحيح لا بدّ أن يتغيّر شيء ما. لكن للأسف ما يحصل هو وجود ثورات عدّة داخل ثورة واحدة. أنا أشعر أنه لن يتغيّر شيء ما لم تحصل ثورة جياع حقيقية، وما لم يقم الحزبيون بثورة على أحزابهم.


MISS 3