شربل داغر

هشّك بشّك... إمبريالية

1 حزيران 2020

02 : 00

لم أتردد، في معرض القاهرة للكتاب الاخير، في الحصول على كتاب الكاتبة المصرية شذى يحيى: "الإمبريالية والهشك بشك...". فطالما شغلني موضوع "الفنون" في هذه البلاد، ومنها الرقص، وهو ما انتهى في كتابي: "مذاهب الحسن...".

حينها، لم أجد، في "كتاب العين" للفراهيدي، مادة كتابي الاساسية، سوى نبذة مقتضبة للغاية عن الرقص، ولم أجد في غيره من المصادر القديمة مواد مفيدة.

كيف حدث هذا، فيما الرقص قديم، منذ العهود الوثنية، ولم ينقطع؟ كيف حدث، وهناك رسوم جدارية قديمة حفظت رسوماً لراقصات؟

كيف يحدث، والشاعر ابن الرومي يكتب: "ورقاصةٌ بالطبل والصنج، كاعبٌ/

لها غنجُ مخناثٍ وتكريهُ فاتك"؟

الكاتبة يحيى تفيد في غير أمر، في كتابها، ومنها أن التركيب: هشّك بشّك، عربي فصيح، بالعودة الى كثير من المعاجم، ويشير إلى الهز والتنقل الخفيف. إلا ان الكاتبة تشير إلى أن المعروف من الرقص الشرقي حالياً مختلف عما كان عليه رقص "الغوازي" و"العوالم المغنيات" في عموم مصر٠

تقوم الكاتبة باستعراض تاريخي، مصري، لهذا الفن الواقع بين الهواية والاحتراف، متنبهة الى ان صيغة الرقص الحالية انتظمت في علاقة استجابت للعين الغربية في عروضها.

الكتاب رحلة مستقصية في الرقص، في تحولاته الاخيرة، حيث اصبح صناعة غربية، على وزن "استشراقية" عند إدوار سعيد.

والغريب الأغرب في هذه الرحلة، هو أن عدد ممارساتها في بلدان العالم يفوق بكثير تعدادها في موطنها الأصلي. بل يحدث لأي سائح، مثلي، أن يتفرج على عرض للرقص، في القاهرة، فوق سفينة في النيل، تؤديه راقصة... غربية.

ما يصيب الرقص، أصاب الصورة الفنية قبله، وهو اننا نعايش حالة إنكار، إن جاز القول: ننكر صورة هيئاتنا، اجسادنا، ونتنقب، ونتحجب، فيما نصبح لصوص نظر إلى الأقربين منا، وغاصبين لهن في عتمة شارع...


MISS 3