نوال نصر

فلسطينيو الأنفاق: تعاونّا مع "حزب الله" في سوريا وعدنا إلى ربوعنا!

هنا قاعدة جبريل العسكرية في قوسايا

29 تموز 2019

09 : 20

"نداء الوطن" تتحدث الى أحد مقاتلي "الشعبية- القيادة العامة" (فضل عيتاني)

هناك دائما حديث عن مشكلة جوهرية تتمثل بالسلاح غير الشرعي اللبناني منه والفلسطيني. واذا كان الاول يجد تبريراته في معادلة داخلية معقدة، فإن السلاح الآخر يعجز عن اي تفسير منطقي لمسببات وجوده.
"نداء الوطن" زارت قاعدة قوسايا العسكرية وتحدثت الى اصحاب الارض ومسلحين اجابوا عن سؤالنا البديهي: لماذا وجود أنفاق "الجبهة الشعبية" لتحرير فلسطين في جرد البلدة ووديانها؟ فقالوا انه لزوم حماية المخيمات الفلسطينية. 

قصدنا الأنفاق وحاورنا عناصر فيها حكوا بالتفصيل عن "سرّ" الوجود والأجور التي تبلغ 40 ألف ليرة سورية شهرياً للفرد الواحد، والطبابة في مستشفى الخميني ومؤازرة عناصر الجبهة في قوسايا للنظام السوري وقتالهم في الزبداني ومخيم اليرموك بالتكافل والتضامن مع "حزب الله".


هو السلاح الفلسطيني في قوسايا، وقوسايا في البقاع الأوسط، والبقاع الأوسط على الحدود السورية لا على حدود "إسرائيل"، لكن هذا السلاح، سلاح "الجبهة الشعبية"، يلزم حيث هو.

لماذا؟ حتى عناصر "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" يجهلون مضمون هذا اللزوم مئة في المئة. "

هنا قوسايا. الأمين العام لـ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" أحمد جبريل، أبو جهاد، الرجل الثمانيني، قد يكون أيضاً هنا. إبنه أحمد يُقال انه هنا. حكايات كثيرة تُروى عن هنا. لكن ماذا عن تطور هذه القصة في أراض لبنانية مئة في المئة؟ ماذا عن ذاك القرار الذي اتخذته هيئة الحوار الوطني اللبناني العام 2014 في ملف السلاح الفلسطيني خارج المخيمات؟ قيل سنسحب السلاح. وقيل يومها ما قيل وليس كُلّ ما يُقال في بلادِنا يتمّ. فلماذا تستمر قوسايا في قبضة مسلحي "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين؟". أسئلة حملناها الى قوسايا.


نحو الأنفاق (تصوير فضل عيتاني)


تبعدُ قوسايا عن شتورة مسافة 35 كيلومتراً. نعبر رياق. نمرّ في الفاعور. الجرود قاسية. كفرزبد ترحب بالبطريرك يوسف العبسي الكلي الطوبى. أشجار الزنزلخت لها شكلٌ مختلف هناك. قوسايا التي تهدر سماؤها بأصوات طيران ما، والتي تقصفها إسرائيل كلما أرادت، جميلة. نعبر حاجز الدرك. مفاتيح الأبواب متروكة في الخارج. الأهالي إما يشعرون بأمانٍ كبير أو تخلوا لكثرة ما عانوا عن ماديات هذه الحياة. المختار طانيوس، مختار قوسايا، رجل طيّب يبيع في محل السمانة الذي يملكه ما يحتاجه الصامدون من الأهالي في هذه الأرض. ماذا عن الفلسطينيين الذين باتوا، لطول ما مكثوا في الديار، من أهل البلد؟ هل يقصدون دكان المختار؟ لا يُسهب المختار، مثله مثل كثير من الأهالي، في الكلام عن جيران الأرض الواحدة ويقول: يشترون إذا احتاجوا علبة دخان لا أكثر.


فلسطينيو "الجبهة الشعبية"، نادراً ما يجولون على الزفت في قوسايا لكنهم "ينغلون" في الجرد والوادي. موقعان للجبهة الشعبية في تلك الأرض، موقع في الجرد، يسمى باب المزراب، وموقع في الوادي المسمى "حشمش". نقف على شرفة. نُمسكُ بمنظار، كما يفعل الأهالي الذين يملكون أراضي في الجرد، ونراقب حراك الفلسطينيين فوق. 10300 دونم من الأراضي الجردية مملوكة من أهالي قوسايا والأهالي ممنوع عليهم الصعود الى هناك وما عدا هذا لا يتعاطى الفلسطينيون مع السكان.


الأهالي يعرفون "حدودهم"! اللبنانيون باتوا ينصاعون الى "حكم الأقوى"! و"الجبهة الشعبية" فوق من الأقوياء على الأرض. وهي تساهلت بالأمس مع المواطن حبيب الكعدي الذي زرع أرضه الجردية باللوز والكرز لكنها ارسلت وراء مواطن من قوسايا أراد فتح مقلع في الجرد. هذا مسموح وهذا ممنوع. هي خطوط حمر فلسطينية في أرض لبنانية مئة في المئة.


أنفاق "الجبهة" بعد العلم اللبناني مباشرة


لا أحد يعرف ماذا في الجرد "القوسايي" الواسع. حاجز الجيش اللبناني يراقب من بعيد. وماكينات الحفر لا تتوقف في الجرد الذي يطل من الجانب السوري على الزبداني والكفير وسرغايا. هناك حارب "حزب الله" الذي لطالما عبر عناصره، في الدهاليز، بأسلحتهم. هم استعانوا بأنفاق "الجبهة الشعبية" وافتتحوا خطوطاً إضافية في الجرد، تحت الأرض، تمتد من اللبوة الى الأرز.



شباب قوسايا كانوا يصعدون الى الجرد ويجمعون "العكوب" وهو مثل الشوك لكنه لذيذ. الفلسطينيون يحبون، هم أيضاً، "العكوب باللبن". والجرد، الذي "يستضيف" عناصر "الجبهة الشعبية" منذ 37 عاماً، مليء بخنادق لا يتصورها عقل.



ممنوع الدخول الى المواقع الفلسطينية، في اتجاه الجرد، إلا بإذن من الجيش اللبناني "للغريب" و"للقريب". لكن، ماذا عن الموقع الآخر من خنادق "الجبهة" في الوادي؟ يهمسُ شبان من البلدة في أذاننا بتمنّ ونصيحة: لا تقتربوا منهم لأن لا شيء يثنيهم عن رميكم بالرصاص. نتراجع؟ نتقدم؟ توجهنا الى مقر "الجبهة الشعبية" لتحرير فلسطين. علم لبناني وعلم فلسطيني يرتفعان ومقرّ يوصل الى دهاليز الوادي المملوك أساساً من بيت رزق. حاجز "نقال" للجيش قبالة المقرّ. ندنو أكثر. نطلق زموراً خافتاً. نحرك أيادينا في كلِ الإتجاهات دلالة على أننا بلا سلاح. يخرج رجل بلباسٍ مدني. نلقي عليه التحية ونسأله عن هذا القلق الذي يتراءى في عينيه؟ يجيب: أخذوا رفيقي للتوّ الى المستشفى بسبب إصابته بالتسمم. تسمم؟ كيف؟ لماذا؟ يجيب: أكلنا البارحة كوسى مع كثير من التوابل وهذا ما أضرّ به، على الأرجح.



يبدو هذا العنصر المشلوح في الجرد من قبل "الجبهة الشعبية" لتحرير فلسطين بريئاً جداً. لا يُخيف لكنه يخاف. فلماذا هو هنا؟ كيف يعيش؟ كم يتقاضى؟ يجيب: مضى على وجودي في قوسايا أكثر من عشرة أعوام، غادرت خلالها الى دمشق وحاربت في معركة مخيم اليرموك وعدت الى هنا. كثيرون من عناصر "الجبهة" هنا فعلوا مثلي. أتينا الى هنا لمحاربة إسرائيل. إسرائيل؟ من قوسايا؟ من الحدود اللبنانية- السورية؟ يجيب: ننتظر هزيمة إسرائيل لنعود الى أراضينا.

هل هزيمة إسرائيل تكون من جرد قوسايا؟



هو قرار سياسي لا نتدخل به، نحن كعناصر.

لكن، ألم تسألوا أنفسكم هذا السؤال؟



وجودنا حماية للمخيمات الفلسطينية.


آخر بلدة حدودية مع سوريا


العديد قد يصل إلى 500

وماذا عن الأنفاق؟ أليس الحرّ فيها شديداً؟ كيف يعيشون فيها بين تموز وآب؟



الأنفاق مبردة. والليل في الجرد بارد جداً فلا تعوزنا مبردات. والتهوئة موجودة. وهناك دهاليز فوق، في الجبل، ودهليزان هنا، في الوادي.


كم عنصر موجود في النفق؟



هناك نفقان في الوادي وعددنا يتراوح بين عشرة ومئة ويصل أحيانا الى 500 إذا ساءت الظروف الأمنية أكثر. الظروف تحكم. أما الأنفاق العالية، في الجرد، فوجود العناصر فيها أكثر لأنها مفتوحة على المناطق السورية.



هل يزور أحمد جبريل أنفاق قوسايا؟



لم أره ولا مرة في الأعوام العشرة.



ماذا عن ابنه أحمد هل يزور الأنفاق؟



أحياناً.

وكيف يتم تأمين الغذاء والسلاح الى العناصر العسكرية الفلسطينية هنا؟


تؤمن لنا "الجبهة" كل ما نحتاج إليه من غذاء وسلاح.



أيّ أسلحة يحوزونها في الأنفاق؟



سلاح روسي و"كلاشنيكوف" وليس في حوزتنا مضادات للطائرات.



وماذا يفعلون حين "تقصف" إسرائيل؟



نغادر الأنفاق الى الجرد والوديان لأنها تملك خرائط تفصيلية بالأنفاق والمداخل والتحركات.



من يدفع لعناصر "الجبهة الشعبية" لتحرير فلسطين المشلوحين في جرد قوسايا؟



يأتي عنصر تابع للجبهة كل آخر شهر، عنصر مالي، ويدفع أجورنا.



وكم تتقاضى أنت شخصيا؟



40 ألف ليرة سورية.



والى متى سيصمد في الجرد مع رفاقه؟



ننتظر دائما "الأمر العسكري" وحين يدعونا الواجب نذهب "مؤازرة" الى سوريا ونعود. في حرب داعش ذهبنا مع عناصر "حزب الله"، ودافعنا عن سوريا، وعدنا.



ومن هو المسؤول عن هذه الأنفاق في قوسايا؟



أبو أحمد صابر.



وقبل أن نغادر نسأله عن رفيقه: الى أي مستشفى نقل في لبنان؟ أجاب: الى مستشفى الخميني. مستشفى الخميني؟ أين يقع؟ يجيب عنصر "الجبهة": أنتم أدرى في لبنان...



نبحث عن مستشفى الخميني في "غوغل" فنجد مستشفيين بهذا الإسم. واحد في سوريا وواحد في إيران.

غريبٌ حقا لبنان!


MISS 3