الياس عطالله

وصيّته الانتصار على الخوف

2 حزيران 2020

02 : 00

حكاية سمير قصير حكاية رجل مثقف منتمٍ، وهي بخاصة حكاية شجاع انخرط في قضية الحرية في وجه أنظمة المخابرات في لبنان، فلسطين ودمشق.

في بداية لقاءاتنا التنسيقية قبل ان نبلور مشروع اليسار الديموقراطي بسنوات كان لسان حاله دوماً: المعضلة هي الخوف واذا كسبنا معركة كسر جدار الخوف كل شيء يصبح ممكناً.

سلاحه كان ريشته الذهبية التي تصطاد الفكرة بوضوح واختصار ودون تهيب من أي جهة او احد.

كل نهار جمعة يوم مقالته على الصفحة الاولى في النهار كانت لبنة اضافية في مشروعه المتجرئ على الخوف والقمع.

مبكراً تنبه له رجل المخابرات وحاول كسر ريشته. ولما عجزوا عن إعادة البوليس الى رأسه حولوا البوليس الشبح الى بوليس فعلي يطارده أينما ذهب.

كانوا يطمعون ان يراقب هو نفسه فزاد جرأته حينها.

وضعوا له البوليس على الطاولة ولم يستطع اي مرجع من ردعهم عن مطاردته. فتابع دربه ورسالته الهادفة الى كسر جدار الخوف. لم يكن وحيداً في هذه المهمة ولكنه كان الالمع. تحول الى مثال يحتذى.

لم يخل اعلان او بيان او وثيقة تطلب شجاعة في التوقيع الا وكان مبادراً ومشاركاً.

سنة الفين في ايلول صدر بيان المطارنة برئاسة البطرك صفير المطالب بانسحاب الجيش السوري من لبنان. توافقنا مع المجموعة المنسقة مع اللقاء الشهري للمطارنة والمسماة قرنة شهوان برئاسة المطران يوسف بشاره على ان نعلق بالتتابع نحن المنبر الديموقراطي برئاسة حبيب صادق ومشاركة شخصيات ديموقراطية طبعاً سمير في مقدمتها وكنا نحضر وكانت الدائرة تتسع.

الى ان حصلت كارثة جريمة اغتيال رفيق الحريري فاجتمعنا جميعاً واعلنا انتفاضة الاستقلال. سمير لم يكن يرغب في الصفوف الأولى.

ولكنه كان المطبخ والمبدع مع عدد محدود من الاشخاص ذوي الامزجة المشابهة.

في يوم ستة وعشرين نيسان رحل الجيش السوري أخيراً.

في ساحة الحرية عصر ذلك اليوم تعانقنا وقال زال الكابوس ولا نزال احياء.

ولكن أذرع الطغيان المزروعة كانت تدرك ان هذا الشراع لن يكف عن الابحار فكان شراع انتفاضة الاستقلال الهدف الثاني بعد مركب رفيق الحريري وتم الاغتيال في الساعة العاشرة والنصف صباحاً من يوم الثاني من حزيران.

سمير! الوصية الانتصار على الخوف. والوعد هو الوعد والعهد هذا العهد ولن اكلمك عما آلت اليه الامور اليوم لانه يعادل الموت / لكنني ارى في الافق مشاعل قادمة.


MISS 3