أحمد عياش

"الحزب" بعد حرب غزّة

16 تشرين الثاني 2023

02 : 00

لا يجري «حزب الله» منذ اندلاع حرب غزّة أية مناقشة لمستقبل عمله العسكري بعد هذه الحرب. وفي المقابل، لا يمرّ يوم تقريباً، منذ 8 تشرين الأول الماضي عندما انفتحت جبهة الجنوب، من دون أن تجد في إسرائيل من يتحدث عن هذا الموضوع. فهل يجب الاكتفاء بصمت «الحزب» وتجاهل هذا الاهتمام الواسع في إسرائيل بمصير المقاومة لا سيّما في الجنوب؟

ربما يكون الصمت مجدياً لو كانت أوضاع الجنوب على ما كانت عليه قبل حرب غزّة. أمّا وأنّ تصعيد المواجهات مستمرّ على امتداد الحدود اللبنانية الإسرائيلية وبعمق بلغ أحياناً عشرات الكيلومترات، فالأمر بات مختلفاً. حتى لو أنّ «الحزب» اختار لأسباب يقدّرها، أن يضع المسألة جانباً، فإنّ من مصلحة لبنان أن يبادر إلى تحضير نفسه لما بعد هذه الحرب. ومن أهم الاعتبارات التي تملي هذه المبادرة أنّ ما تروّج له إسرائيل، كما صرّح وزير دفاعها هو «أن تلقى بيروت مصيراً مشابهاً لغزة»!

هل يكفي أن يتم التعامل مع كلام الوزير الإسرائيلي باعتباره «جزءاً من حرب نفسية»، كما بيّنت بعض ردود الفعل في أوساط «الحزب»؟ أو أن يتمّ وصف المواقف الإسرائيلية عموماً كما اعتبر «الحزب» أيضاً بأنّها ناجمة عن «فشل إسرائيل في حرب غزة»، وعجز الدولة العبرية في القضاء على حركة «حماس»؟

إذا كان الجواب إيجاباً، فهناك احتمال أن يكون لبنان دخل مرحلة الرهان على حسن الخاتمة التي يبشر بها «الحزب». وظهر ذلك جلياً في الإطلالتين الأخيرتين لأمينه العام حسن نصرالله. ولكن مثل هذا الرهان، حصل ما يشبهه عام 2006، عندما طمأن نصرالله شخصياً القادة السياسيين في ذلك الوقت أنّ لبنان سيمضي صيفاً واعداً قبل شهر تقريباً من حرب تموز. فكان صيف ذلك العام من أشدّ وأدهى فصول الصيف في تاريخ لبنان.

من البديهي القول إنّ على لبنان، ولو لم يرد «الحزب» استباق «العاصفة» التي تلوّح بها إسرائيل ضد هذا البلد، أن يطرح على كل المستويات سبل الوقاية التي تغني عن العلاج عندما تقع الواقعة. وهنا لا بدّ للمعارضة أن تتحمّل المسؤولية لتكون نذيراً عالي النبرة قبل وقوع المحظور.

ما يهم الإشارة إليه، هو أنّ إسرائيل بدأت تعدّ العدة لكي يعود النازحون من المستوطنات الشمالية ولا يكون في الجانب المقابل من الحدود أي تهديد من «حزب الله»، حتى ولو كان في حدود التهديد المعنوي. وفي المقابل، لا بدّ من التذكير أنّ آخر نزوح للجنوبيين من ديارهم كان في صيف 2006. ولم يعودوا مجدداً إلى أماكن سكنهم إلا بعد صدور القرار 1701.

تشاء الأقدار، أنّ الإسرائيليين وبعد مرور 17 عاماً على تلك الحرب، يربطون عودة نازحي مناطقهم الشمالية بتنفيذ هذا القرار من الجانب اللبناني.

إذاً، هي مصلحة مشتركة كي يعود السلام إلى جبهة الجنوب التي تتدهور سريعاً لكي تصبح حرباً. أليس هو ثمن معقول يدفعه لبنان، ولا منّة له في ذلك، ليتجنّب الحرب، من خلال الالتزام الكامل بالـ1701؟ أليس هذا هو خشبة الخلاص في طوفان العنف الذي نرى ما حمله إلى غزة؟ لم نمت بعد، لكن ألم نرَ من مات؟


MISS 3