خضر حلوة

دياب والوقت الضائع

4 حزيران 2020

02 : 00

على الرغم من اشتداد الأزمة الإقتصادية والمالية والنقدية الناتجة عن أصلها، أي الأزمة السياسية، وعلى الرغم من النكسات المتتالية التي مُنيت بها الحكومة كمؤسسة حكم دستورية تتفيذية، فإن رئيسها لا يزال يوحي بأنه رئيس فعلي للوزراء، من خلال تخبّطات عشوائية ولكمات مؤلمة طاولته خلال المئة يوم التي جردها للبنانيين ببيان هلامي، فيه من التخيلات الدون كيشوتية والألعاب اللفظية كالتي يُمارسها السحرة أمام الجهلاء، وكأنه يستهزئ بذكاء المواطن، أو كأنّه يُخاطب فئة من المواطنين، الذين يُناسبهم هذا النوع من رؤساء الحكومات الذين مرّ أمثالهم ونسيهم التاريخ، كي لا نقول قد نبذهم، فمرّوا مرور غير الكرام، لأنهم كانوا "كاللعبة بين يديه".

أما وأنه راضٍ عن نفسه وعن أدائه، فهذا لا يعني أنه قد أثبت أنه رئيس لحكومة مستقلّة كما ادّعى، ولا لحكومة مستقلّين كما ادّعوا، والدلائل أكثر من كثيرة على عجزها، وعلى قرارها، وعلى تبعيتها السياسية التي لا يستطيع رئيسها التملّص منها، وهو الذي أظهر تهالكاً وشهيةً للحكم بأي ثمن، ولو على حساب الهيبة والسلطة، كي لا نقول الكرامة بالمعنى السياسي والشخصي.

أمام هذه اللوحة القبيحة لحكومة مُسيّرة، ولرئيس مُدار، ولقرار مُمْلى، وأمام انهيار متسارع، وبؤس يتّسع، وغضب يتنامى، وبشر خُويت بطونها وفرغت جيوبها وتعطّلت حركتها بكل نواحيها، وأمام ظلم وكمّ أفواه، واهتزاز اجتماعي سيؤدّي الى خلل أمني بدأت ملامحه تظهر، وأمام تضارب الأرقام، والتباطؤ بإعلان الحقائق، والتعنّت بأمور المال والإدارة والقضاء. أمام كل هذه اللوحة، ألا يخطر ببال الرئيس دياب أن يقف وقفة فيها من الإعتذار عمّا كان يتمنّاه وما حال دونه؟ ألا يخطر بباله أن وقفة كهذه تمحو الخطأ "غير المقصود" الذي ارتكبه، ليُصبح بعدها بطلاً، وربّما رئيساً يذكره التاريخ بالايجاب بدل أن ينبذه؟

القرار ليس بيده، والبلد يحترق والأسباب معروفة، فهل يستهين بالبلاد كُرمى لعيون من أتوا به ليكون حصان طروادة الخشبي؟

دولة الرئيس حسان دياب، انت لا تُمثّل نفسك ولا تُمثّل التوافق الوطني ولا تُمثّل غالبية الشعب، والثقة التي حصلت عليها ثقة فئوية مُدوزنة تُفقدك قيمتك وقيمة منصبك، وتُضعف إدارتك لشؤون الدولة. ولذا، فأنت لست حراً في خياراتك، بل وحتى لست أكاديمياً، لأن العلم والمعرفة والثقافة تحتّم على من يشغل منصب رئيس حكومة أن يمارس السياسة، لا أن ينبذها أو يستهزئ بها.

بإمكان دولتك أن تستدرك قبل فوان الأوان لتخرج أكثر حرية ووطنية، وأعلى قيمة وترفّعاً، لأنّك ستكون الضحية، على الرغم من حاجتهم اليك أكثر مما تحتاجهم، والتضحية بدولتك آتية حتماً وبالتوقيت المناسب، لمن أتوا بك على مضض ومن دون اقتناع، قبل مَن عارضوك، فكم نريد أن تترك بصمة سياسية يذكرها التاريخ بالإيجاب لرئيس حكومة دخل ضعيفاً وخرج قوياً.

MISS 3