رمال جوني

نَعيمَة صامدة في حولا ونِعمَة على أهلها

18 تشرين الثاني 2023

02 : 01

نعيمة تخبز وتوزّع على أبناء بلدتها

منذ بداية الحرب، أي قبل أكثر من شهرٍ، تمضي نعيمة شبيب «الحاجة الستينية» في صناعة خبز الصاج، الأم والجدة التي رفضت مغادرة بلدتها حولا، تواصل عملها في الأرض وفي خبز الرغيف. متجذّرة في بلدتها التي لم تغادرها حتى في حرب تموز 2006، فهي المزارعة الجنوبية التي عرفت معنى الدفاع عن الأرض والتمسّك بها، لا ترى سبباً أو دافعاً للهجرة، تقول: «لوين بدّي روح ع بيروت وموت بالردم تحت سابع طابق... أُفضّل الموت في بيتي».

لنعيمة 16حفيداً، جميعهم معها في المنزل، في حين بقيت بناتها في منازلهن في البلدة.

منذ نعومة أظفارها ترعرعت نعيمة في الأرض، كان والدها يزرع القمح والبقليات في أراضي هوين المحتلة، كان قد ضمنها من أحد أبناء هوين، ومذ ذاك والسيّدة المسنّة مرتبطة بالأرض التي حوّلتها إمرأة مكافحة ترفض الذل أو سرقة حقّها.

أمام صاجها الموقد، تجلس نعيمة برفقة شقيقتها، «ترقّان» العجين وتفردانه قبل أن تتولى نعيمة لصقه على الصاج. تخبز كميّة وافرة يوميّاً وتوزع قسماً منها لمن بقي صامداً في حولا، قائلة: «إذا لم نهتمّ ببعضنا من سيهتم بنّا».

وترى في عملها جزءاً من المواجهة، «الحرب طويلة، وعلينا أن نعتاد أصوات القصف التي باتت سمفونية يومية نسمعها». ترفض الحديث عن المغادرة، فهذه الفكرة بمثابة انتحار لها «هذه أرضنا وتعبنا ورزقنا كيف نتركه ونغادر، المحتلّ هو من عليه ان يُغادر»، وترفض في المقابل، أن يصيبها ما حصل مع الفلسطينيين الذين «تركوا أرضهم وهربوا وبعدها قرّروا محاربة إسرائيل لاسترجاعها، وهذا لن نفعله نحن، لن نترك أرضنا ما بقينا أحياء».

في حرب تموز دُمّر منزل شبيب، غير أنها أعادت بناءه من جديد، ووسّعت نشاطها الزراعي لتزرع التبغ والخضار وتقطف مواسم الزيتون إلى جانب عملها في الخبز الذي تعلّمته من والدتها، التي علّمتها أيضاً «مساعدة الناس في أزماتهم، وليس استغلالها، كما يفعل اليوم بعض اللبنانيين».

من لا يعرف نعيمة في حولا؟ فهي أشهر من أن تُعرّف، وزادت شهرتها أكثر بمساعدتها أبناء بلدتها على توفير الخبز لهم، خصوصاً أنّ الخبز لا يتوافر يومياً بسبب القصف.

ورغم تعبها لا تفارقها الابتسامة، ولا حتى التفاؤل، وتكرّر على الدوام «صاحب الأرض قويّ ونحن أصحاب هذه الأرض». يكاد لا يمر يوم من دون أن تتعرّض حولا وأطرافها للقصف المتواصل، فهي تقع على خط تماس، ومع ذلك لا تزال هناك نسبة من أبنائها فيها، ومن جرّب النزوح وصعوبته، قرر العودة حتى لو كان في قلب الخطر.


MISS 3