مشتقّات الحليب تحمي من السكّري وارتفاع ضغط الدم؟

02 : 00

اكتشفت دراسة جديدة أن زيادة استهلاك مشتقات الحليب،

لا سيما الأنواع كاملة الدسم، ترتبط بتراجع مخاطر السكري وارتفاع ضغط الدم.



أصبحت مشتقات الحليب محط اهتمام العلماء بعد بحثٍ مفاده أن استهلاك هذه المنتجات قد يسهم في تخفيض ضغط الدم. ذكرت دراسات أخرى أيضاً أن تناول كميات إضافية من مشتقات الحليب يرتبط بتراجع مخاطر السكري.

لكن شملت تلك الأبحاث في معظمها مشاركين من أوروبا وأميركا الشمالية، ما يعني استحالة تعميم النتائج.

في الفترة الأخيرة، استنتجت دراسة دولية كبرى شملت حوالى 150 ألف شخص أن زيادة استهلاك مشتقات الحليب ترتبط بانخفاض احتمال الإصابة بالسكري وارتفاع الضغط.

تبيّن أيضاً أن تناول مشتقات الحليب كاملة الدسم يرتبط بتراجع معدلات متلازمة الأيض (إنها مجموعة أعراض تزيد مخاطر أمراض القلب). نُشرت نتائج هذه الدراسة في نشرة "أبحاث السكري والرعاية المفتوحة" التابعة لمجلة الطب البريطانية.

دراسة عالمية

ارتكز البحث الجديد على بيانات 147812 فرداً من 21 بلداً في آسيا وأميركا الجنوبية والشمالية وإفريقيا وأوروبا. تراوحت أعمار المشاركين بين 35 و70 عاماً.

حصل الباحثون على معلومات عن حمية المشاركين طوال سنة عبر استبيانات متكررة. سجّل المتطوعون عدد المرات التي يستهلكون فيها أغذية محددة من لائحة حصلوا عليها، ثم راقبهم العلماء طوال تسع سنوات.

شملت مشتقات الحليب في تلك اللائحة الحليب والألبان والأجبان وأطباقاً مصنوعة من مشتقات الحليب. لكن لم يُضِف الباحثون بيانات عن استهلاك الزبدة والكريما إلى تحليلهم لأن هذه المنتجات ليست شائعة في عدد كبير من مناطق المشاركين. لكنهم قيّموا الروابط بين الكميات المستهلكة والنتائج الصحية بشكلٍ منفصل.

صُنّفت مشتقات الحليب كدهون كاملة (مثل الحليب كامل الدسم) أو دهون محدودة (مثل الحليب قليل الدسم).

راجع العلماء أيضاً معلومات عن أدوية المشاركين، وتاريخهم الطبي، ومستوى تعليمهم، وضغط دمهم، ومحيط خصرهم، ومستويات الغلوكوز والدهون في دمهم. تُعتبر هذه المعدلات الأخيرة ضرورية للتأكد من إصابة الفرد بمتلازمة الأيض أو النوع الثاني من السكري.

حصتان على الأقل يومياً

كشفت نتائج الدراسة أن المشاركين تناولوا ما معدله 179 غراماً من مشتقات الحليب يومياً، أي أقل بقليل من محتوى كوب حليب أو لبن يحتوي على 244 غراماً. تناول سكان أوروبا وأميركا الشمالية والجنوبية مشتقات الحليب أكثر من سكان آسيا وإفريقيا بشكل عام، وكانوا أكثر ميلاً إلى اختيار المنتجات قليلة الدسم. في المقابل، استهلك سكان المناطق الأخرى أصنافاً كاملة الدسم.

عند تحليل الروابط، اكتشف الباحثون تراجعاً في احتمال الإصابة بمتلازمة الأيض بنسبة 24% لدى مستهلكي حصتين يومياً من مشتقات الحليب على الأقل، مقارنةً بمن لم يتناولوا أي كمية منها.

في الوقت نفسه، برز رابط بين تناول حصتين على الأقل من مشتقات الحليب كاملة الدسم وتراجع مخاطر متلازمة الأيض بنسبة 28%. لكنّ الاكتفاء بالمنتجات قليلة الدسم لم يتزامن مع تراجع نسبة الخطر.

صحيح أن استهلاك الزبدة ارتبط أيضاً بتراجع مخاطر متلازمة الأيض، لكن بقيت الكميات المستهلكة صغيرة (3 غرامات يومياً) وكانت البيانات عنها محدودة.


المنتجات قليلة الدسم ليست الأفضل دوماً

لوحظ أن تناول حصتين على الأقل من مشتقات الحليب من أي نوع ارتبط أيضاً بتراجع خطر الإصابة بالسكري وارتفاع ضغط الدم بنسبة 11 أو 12%. زادت قوة هذا الرابط لدى مستهلكي مشتقات الحليب كاملة الدسم.

يقول الدكتور أندرو مانتي، أحد المشرفين على الدراسة وباحث في "معهد أبحاث الصحة السكانية" في "هاميلتون"، أونتاريو: "ثمة رابط بين زيادة استهلاك مشتقات الحليب كاملة الدسم، مثل الألبان والأجبان والحليب، وتراجع إصابات متلازمة الأيض وارتفاع الضغط والسكري".

قد لا تبدو هذه النتائج منطقية جداً لأن الناس يظنون عموماً أن المنتجات كاملة الدسم لا تكون صحية بقدر البدائل قليلة الدسم. لكن يريد الباحثون تبديد هذه الفكرة المغلوطة. يوضح مانتي: "تشمل مشتقات الحليب ودهونها بروتينات عالية الجودة ومجموعة واسعة من الفيتامينات والمعادن الأساسية، منها الكالسيوم، والمغنيسيوم، والبوتاسيوم، والزنك، والفوسفور، والفيتامينان A وB12، والريبوفلافين".

لا أحد يعرف بعد كيف تحمي مشتقات الحليب الناس من هذه المشاكل الصحية، لكن يأمل الباحثون في التأكد من نتائجهم عبر إجراء تجارب كبيرة وطويلة الأمد.

إذا تأكدت هذه الاستنتاجات، قد تصبح زيادة استهلاك مشتقات الحليب برأي العلماء "مقاربة عملية وقليلة الكلفة" لتقليص حالات متلازمة الأيض وارتفاع ضغط الدم والسكري عالمياً.