طوني فرنسيس

غزة تعدّل مواصفات الرئيس!

21 تشرين الثاني 2023

02 : 00

ستزيد حرب غزة في حجم العقد التي تمنع انتخاب رئيس للجمهورية واستعادة الحد الأدنى من انتظام عمل المؤسسات بدءاً من تشكيل حكومة جديدة تنال ثقة مجلس النواب.

أزمة الفراغ الرئاسي اندلعت قبل «طوفان الأقصى»، وقبل الحرب الإسرائيلية على القطاع وانخراط «حزب الله» التضامني في المعركة المحدودة والمضبوطة حتى الآن على الحدود الجنوبية. كانت شروط «الحزب» وحلفائه الإتيان برئيس «لا يطعن المقاومة». وتحت هذا المطلب صاغ فريق «الممانعة» (8 آذار سابقاً ولاحقاً) موقفه وحدّد مرشحه ولم يتراجع البتة عنه. لم يؤثر فيه موقف الشريك التاريخي في العهد السابق، ولا جلسات المجلس النيابي المتتالية، ولا انسحاب مرشح الخصوم ميشال معوض وانخراط الكتل المسيحية في ترشيح جهاد أزعور، في شبه إجماع «مسيحي» لم يتوفر الاّ للعماد ميشال عون!

لم تمشِ نظرية أفضلية الذي يحوز الأكثرية في طائفته هذه المرة. وتبيّن أنّ مثل هذه النظريات استنسابية يحدد وجهة استعمالها «الأقوى على الطوائف» لا الأقوى في الطائفة. هكذا استمرت المراوحة، وبقي البلد من دون رئيس إلى أن جاءت حرب غزة.

ستنعكس مجريات هذه الحرب على لبنان بأشكالٍ عدة. «حزب الله» الذي كان يريد رئيساً لا يطعنه في ظهره، بات اليوم يريد رئيساً يتبنى ويدافع عن قرار فتح جبهة الجنوب أمام صواريخ «حزب الله» و»حماس» و»الجهاد الاسلامي» وربما لاحقاً فصائل « فاطميين» و» زينبيين» و «الإمام الحسين» القادمين من العراق وسوريا.

لم تعد تكفي صفة الامتناع عن الطعن في الظهر في المرشح العتيد، صار مطلوباً من المرشح (الرئيس) أن يحمل الخنجر ويطيح كل من ينتقد أو يهاجم مبدأ الجبهة الجنوبية المفتوحة أمام جميع فصائل الحشد الإيراني، بهدف إطلاق النار على جيش عدو لا يتوقف عن تهديداته بتحويل بيروت إلى غزة ثانية بعد أن كان جعلها قبل 41 سنة غزة أولى.

ستبتعد الرئاسة مرة أخرى، ومع ابتعادها تنهار مقومات مؤسسات الدولة، لكن شيئاً لن يتغير، إذ لا صوت يعلو الآن فوق صوت قذائف التضامن مع غزة.


MISS 3