تزداد قضية التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون سخونة كلّما اقترب موعد 10 كانون الثاني. ويقود البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي معركة عدم إسقاط العماد عون والجيش وقيادته، وتعمل «القوات اللبنانية» على الجبهة نفسها مع سيّد بكركي، في حين يُصرّ رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل على ضرب العماد عون وشطبه من القيادة... ومن الرئاسة.
إذا كان البطريرك الراعي يُصنّف معركة التمديد لعون مسألة وجودية وميثاقية وتمسّ الوجود الماروني في الدولة وتؤثّر في استمرارية الكيان، فإنّ باسيل يعتبر مسألة إسقاط قائد الجيش سياسيّاً قضية حياة أو موت، فاستمرار عون على رأس المؤسسة العسكرية يعني بقاء اسمه كمرشّح أول في حسابات بكركي والداخل والولايات المتحدة الأميركية وقطر والدول الغربية والعربية، وبالتالي إسقاطه واجب باسيلي لا مفرّ منه.
وبينما تستمرّ «القوات اللبنانية» في حصد ما تبقّى من جامعات مسيحية وتصدّيها لمحاولة ضرب العماد جوزاف عون والجيش، يتفرّغ باسيل لمعركة قيادة الجيش، لكن الجوّ العام المسيحي مع قائد الجيش وضدّ باسيل.
وكانت «القوات اللبنانية» أول من طرح مسألة التمديد لقائد الجيش، وقدّمت اقتراح قانون للتمديد في المجلس النيابي وتواصلت مع عدد من الكتل والتقت رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي وعد خيراً. وهذا الأمر أثار غضب باسيل الذي فتح النار على «القوات» ولم يردّ على رغبات بطريرك الموارنة.
ووفق معلومات «نداء الوطن»، لم توقف «القوات» باب التواصل مع «التيار الوطني الحرّ»، وحاولت الوصول إلى نقاط مشتركة لكي يتراجع باسيل عن موقفه، لكن «التيار» كان حازماً، إذ إنّ باسيل يرفض رفضاً قاطعاً التمديد لقائد الجيش ولا يريد النقاش في هذه النقطة، وهذا أدّى إلى نسف أي فكرة حوار مسيحية حول قيادة الجيش وإمرار هذه المرحلة بأقل خسائر ممكنة ووقف استنزاف المواقع المارونية في الدولة وتفريغها بعد الفراغ في رئاسة الجمهورية وحاكمية مصرف لبنان.
وتشير المعلومات إلى استمرار التواصل بين «القوات» و»التيار الوطني الحرّ» حول مسألة رئاسة الجمهورية بين نائبَي الكورة فادي كرم وجورج عطالله، وهذا التواصل يحصل «على الخفيف» بسبب ما خلّفته أزمة التمديد لقائد الجيش من مواجهات وجبهات عادت واشتعلت بين الطرفين. والمفارقة هي تأكيد «التيار» لـ»القوات» الاستمرار في رفض ترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية والبقاء على التقاطع مع «القوات» والمعارضة ومستقلّين حول اسم المرشح الوزير السابق جهاد أزعور في حال دعا برّي إلى جلسة انتخاب قريبة.
ولم يؤدِ التقاطع على أزعور إلى فتح حوار أو قنوات تواصل حول قضية الفراغ في قيادة الجيش. ويتملّك الخوف باسيل من التمديد لجوزاف عون، إذ إنه سيؤثّر سلباً على باسيل داخل الشارع المسيحي بعدما بات رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون غير قادر على شدّ عصب الجمهور العوني بعد عهد وُصف بأنه من أسوأ عهود لبنان.
يعمل باسيل وفق إطار عدم حصر مسألة التمديد لقائد الجيش بالشقّ الأمني فحسب، بل يعالجها من زاوية سياسية، ولهذا السبب ارتفع الصراخ الرافض للتمديد. ويحاول باسيل ابتزاز «حزب الله» في هذا الموضوع، فلا مشكلة لدى «الحزب» في التمديد لعون، لكن باسيل يهدّده بالخروج النهائي من «اتفاق مار مخايل» في حال بارك هذا الخيار. ولا يرغب «الحزب» في خسارة الغطاء المسيحي في وقت يُقاتل على جبهة الجنوب، من هنا يُفهم هذا التردّد أو إعلان موقف ضبابي من هذه القضية على الرغم من علمه بعدم قدرة باسيل على تأمين أي غطاء مسيحي، لأنّ قوّته استنفدت وبات الشارع المسيحي بأغلبيته ضدّ خيارات باسيل و»التيار».