جاد حداد

Netflix Corner

Jeffrey Epstein: Filthy Rich... وثائقي مروّع عن ضحايا الاعتداء الجنسي

6 حزيران 2020

02 : 00

يصعب أن نشاهد مسلسل Jeffrey Epstein: Filthy Rich (جيفري إبستاين: الثري القذر) عن مرتكب الجرائم الجنسية جيفري إبستاين الذي توفي منذ أشهر من دون الشعور بغضب عارم. هل كان يجب أن يعاني هذا العدد كله من الفتيات قبل أخذ القضية على محمل الجد؟ وإلى أي حد لا يزال نظام العدالة الأميركي ملتوياً لدرجة أن يتمكن ملياردير معروف بصداقاته مع شخصيات قوية، مثل بيل كلينتون والأمير أندرو ودونالد ترامب، من دفع المال مقابل إفلاته من العقاب مع أنه كان يستحق بكل وضوح حكم السجن المؤبد بتهمة الاعتداء الجنسي على الفتيات والاتجار بهنّ؟

يمتد المسلسل الوثائقي على أربع ساعات، وقد صدر على شبكة "نتفلكس" بعد أقل من عام على موت إبستاين عن عمر 66 عاماً. وفق المعطيات الرسمية، انتحر إبستاين في أحد سجون نيويورك في أواخر آب الماضي. في الحلقة الأخيرة من المسلسل، تقول شونا ريفيرا التي تتكلم علناً للمرة الأولى عن تعرضها للاعتداء الجنسي على يد إبستاين حين كانت في عمر الرابعة عشرة: "ما حصل ليس عادلاً. تكثر المسائل التي تستحق الحديث عنها لكنها لن تنكشف بعد اليوم".

يتمحور المسلسل حول تجارب الناجيات التي تعود إلى العام 1996 على الأقل، حين اتصلت الرسامة ماريا فارمر وشقيقتها المراهقة آني بمكتب التحقيقات الفدرالي لاتهام إبستاين وحبيبته السابقة غيسلاين ماكسويل بالتحرش الجنسي. لكن لم يتحرك أحد حينها. بعد مرور سنوات، في العام 2005 تحديداً، أطلقت شرطة "بالم بيتش" تحقيقاً عن شبكة جنسية مزعومة في قصر إبستاين الشاطئي، حيث قيل إن إبستاين وماكسويل أجبرا فتيات في الثانوية، معظمهن في عمر الرابعة عشرة وفي ظروف مادية سيئة، على القيام بأفعال جنسية بحجة "التدليك" مقابل 200$. لكن أنكرت ماكسويل تورطها بهذه الممارسات. لم تقف الجرائم المزعومة عند هذا الحد، بل تشير الادعاءات إلى المتاجرة بأفضل الفتيات وبيعهنّ لأصدقاء أثرياء ونافذين خلال الحفلات في قصر إبساتين الذي يبلغ ثمنه 77 مليون دولار في الجانب الشرقي الأعلى من مدينة نيويورك، وفي منزل ريفي في لندن، وفي جزيرة إبستاين الخاصة في الكاريبي.





تتكلم مجموعة من الناجيات أمام الكاميرا للمرة الأولى. لكنّ أخريات، من أمثال فيرجينيا غوفر، يطالبن بالعدالة منذ سنوات. تزعم غوفر، داخل الوثائقي وخارجه، أنها أُجبِرت على ممارسة الجنس مع الأمير أندرو، لكن أنكر هذا الأخير تلك المزاعم وشكك بصحة صورة له وهو يلف ذراعه حولها وتظهر وراءهما ماكسويل وهي تبتسم. تقول فيرجينيا غوفر إنها لم تكن تبلغ 18 عاماً في تلك الصورة، بل 17.

يعبّر المسلسل عن غضبٍ مبرر مع عرض قصة كل ضحية، فيشرح كيف وصل تحقيق شرطة "بالم بيتش" إلى مكتب التحقيقات الفدرالي، ثم تغيّر مساره بسبب "اتفاق عدم المقاضاة" (وصفته صحيفة "هيرالد" بـ"صفقة العمر"). عُقِد الاتفاق في العام 2008، عن طريق المدعي العام للدولة ثم وزير العمل في عهد ترامب، أليكس أكوستا، وفريق إبستاين المؤلف من محامين مرموقين، لكنه بقي خفياً عن الضحايا. منح ذلك الاتفاق إبستاين ومتآمرين معلنين وغير معلنين حصانة ضد أي اتهامات جنائية. هو اعترف بالذنب في قضيتَي دعارة وسُجِن طوال 11 شهراً من أصل 13 في سجن "بالم بيتش"، وكان يخرج لستة أيام أسبوعياً "بداعي العمل".

يقول المنتج التنفيذي جو بيرلينغر عن فترة "احتجاز" إبستاين: "كان لا يزال يقابل الفتيات ويكسب الأموال ويتابع أعماله حينها. إنه أمر مشين"! تضيف المخرجة ليزا براينت: "أثبت تهرّب إبستاين من العدالة لعشر سنوات إضافية أن نظام العدالة الجنائية في الولايات المتحدة يرتكز على المال والسلطة والمكاسب السياسية. يتّضح هذا الواقع مراراً وتكراراً في هذه القضية".

يتطرق المسلسل أيضاً إلى نظريات المؤامرة حول سبب وفاة إبستاين، لكنه لا يدعمها. أكّد الطبيب الشرعي حصول انتحار عن طريق الشنق، مع أن خبيراً آخر استعان به شقيق إبستاين طرح شكوكاً غير مثبتة عن وجود كسر غير مألوف في عنقه. توضح براينت: "أظن أن هذا الموضوع قابل للنقاش ويجب أن يحلل المعنيون الأدلة ويتخذوا القرار بأنفسهم".

يقول بيرلينغر: "لا شيء من الأدلة التي نعرفها يثبت بشكلٍ قاطع أنه تعرّض للقتل. لكننا شعرنا حتماً بضرورة التطرق إلى هذه النظريات. أنا شخصياً أصدّق أنه انتحر".

بعد موت إبستاين، حُرِم الضحايا من تحقيق العدالة في المحكمة، مع أن عدداً منهنّ تكلم خلال جلسة استماع بعد وفاته. لكن يمكن مقاضاة المرتبطين بإبستاين، على غرار ماكسويل التي توارت عن الأنظار ورفعت حديثاً دعوى ضد الصندوق الذي يُفترض أن يقدم التعويضات لضحايا إبستاين للمطالبة بأتعابها القانونية. تضيف براينت: "أظن أن الضحايا سيتلقَيْنَ تلك الأموال وأتمنى أن يُعاد النظر بقوانين التقادم، مع تفهّم الصدمة المرافقة للاعتداءات الجنسية في الطفولة ومدة التحقيقات وصعوبتها، تمهيداً للتكلم علناً عن هذه المشكلة".

يختم بيرلينغر قائلاً: "لن تتجاوز الضحية هذه القضية إلا بعد محاسبة كل من سهّل تلك الأفعال المشينة ومكّن رجلاً ثرياً أبيض من استعمال السلطة والنفوذ لتغيير معايير العدالة لمصلحته".


MISS 3