لستَ مريضاً إذا سمعتَ أصواتاً غير موجودة

02 : 00

قد نربط تلقائياً بين سماع الأصوات وأمراض عصبية مثل انفصام الشخصية. لكن تبيّن الآن أن معظم الأدمغة قد تتعرّض للخداع وتسمع أصواتاً غير موجودة في ظروف معيّنة.



أراد باحثون من مدرسة لوزان الاتحادية للفنون التطبيقية في سويسرا وجامعة «سافوي مونت بلانك» في فرنسا استشكاف طريقة تفاعل الهلوسات السمعية اللفظية في العقل: نسمع في هذه الحالة صوتاً من دون وجود أي متكلّم من حولنا.

ذكرت دراسات سابقة أن تلك الهلوسات ترتبط بعجزنا عن التمييز بين الذات والبيئة المحيطة، أو ربما تتعلّق بقناعات راسخة أو فرضيات سابقة تتفوق على حقيقة ما يحصل في محيطنا. أراد العلماء أن يختبروا هاتين الفرضيتَين.

يكتب الباحثون في تقريرهم: «لقد طوّرنا هذه المرة طريقة جديدة لافتعال الهلوسات السمعية اللفظية في بيئة مخبرية خاضعة للسيطرة عبر دمج أساليب من إدراك الصوت مع تقنية التحفيز الحسي الحركي، ما سمح لنا باستكشاف الفرضيتَين الأساسيتَين حول الهلوسات السمعية اللفظية».

عدّل الباحثون تقنية استعملوها سابقاً، حيث كانت ذراع آلية تلكز ظهر المشاركين حين يضغطون على زر أمامهم. شملت هذه التجربة الجديدة 48 مشاركاً، وكان تأخير حركة اللكز مختلفاً بين حالة وأخرى. استعمل المتطوعون سماعات رأس كانت تُشغّل خليطاً من «الضجة الزهرية» المشابهة لصوت الشلال، بالإضافة إلى مقاطع صوتية متقطعة أخرى تعود إليهم أو إلى أشخاص آخرين.

كما حصل في اختبار الضغط على الزر سابقاً، اعترف المشاركون بأنهم شعروا بوجود أحد وراءهم بسبب حركة اللكز، لكن ذكر بعضهم أيضاً أنه سمع أصواتاً غير موجودة عبر سماعات الرأس.

كانت ظاهرة سماع الأصوات أكثر شيوعاً إذا سمع المتطوعون صوت شخص آخر قبل صوتهم، أو إذا وُجِدت فترة فاصلة بين الضغط على الزر ولكز الذراع، وكأن المشاركين في الاختبار كانوا يخترعون الصوت بأنفسهم تماشياً مع شعورهم بوجود من يقف وراءهم.

يظنّ الباحثون أن هذه الاستنتاجات تكفي لاعتبار النظريتَين المرتبطتَين بالهلوسات صحيحتَين: فشل المشاركون في مراقبة محيطهم بالشكل المناسب، وتأثروا أيضاً بقناعاتهم الراسخة حول ما يحصل من حولهم.

على صعيد آخر، لوحظ ارتفاع في تردّد أصوات الهلوسة حين طالت مدة الاختبارات، ما يعني أن يصبح المشاركون أكثر ميلاً إلى سماع أصوات وهمية مع اقتراب نهاية الجلسة التجريبية.

من الضروري أن نعرف آلية نشوء هذه الهلوسات لفهم ارتباطها بحالات مثل مرض الباركنسون. لكن عندما تسمع أي صوت في رأسك، يجب ألا تفترض فوراً أنه مؤشر تحذيري (من الأفضل أن تستشير الطبيب في مطلق الأحوال إذا كنت تشعر بالقلق).

في النهاية، يستنتج الباحثون: «بالإضافة إلى رصد هذه الآلية الجديدة واستكشاف آثارها المنهجية البارزة، تسلّط النتائج الضوء على ظاهرة الهلوسات السمعية اللفظية، وتدعم التجارب الحاصلة نظريتَين قد تبدوان متناقضتَين ظاهرياً، فتصبح الهلوسات السمعية اللفظية في هذه الحالة خليطاً من العجز عن مراقبة الذات والتمسّك بقناعات مسبقة وفائقة الدقة».

نُشرت نتائج البحث في مجلة «الطب النفسي».


MISS 3