الراعي: نأسف لإدخال الدين في الانقسام السياسي

12 : 56

 ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداس عيد الثالوث الأقدس في بكركي، عاونه فيه المطارنة بولس الصياح، حنا علوان، بيتر كرم، انطوان عوكر، ولفيف من الكهنة، في حضور الوزير السابق يوسف سلامه ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بيتر جرمانوس وعائلة الراحل برنار عادل نادر.

بعد الإنجيل، ألقى الراعي عظة بعنوان: "أعطيت كل سلطان في السماء وعلى الأرض. إذهبوا: تلمذوا وعمدوا وعلموا". 

وقال: "ما أحوج مجتمعنا اللبناني ودولتنا إلى ثقافة تعكس وجه الله في العمل السياسي بكل أبعاده، التشريعية والإجرائية والإدارية والقضائية، وبكل مآله الاقتصادية والمالية والمعيشية والإجتماعية. لا يمكن القبول بعد الآن بدولة مجزأة بين أطراف سياسيين وطائفيين يحتمون وراء مجموعة من الأنظمة الخاصة بكل واحد منهم، بهدف حماية مصالحهم المشروعة وغير المشروعة، التي تفرغ الخزينة، وتملأ جيوب أربابهم والنافذين. فكيف يمكن أن تعيش الدولة وتلبي حاجات مواطنيها الذين أصبحوا بنصفهم في حال الفقر والجوع والبطالة والهجرة، فيما المال العام يهدر في عمليات التهريب عبر المطار والمرافئ والمعابر العديدة غير الشرعية بين لبنان وسوريا؟ وكيف نطالب دولة جعلوها أفقر من شعبها بنهبهم أموالها، من دون حسيب أو رقيب، واليوم من دون أي محاسبة من أجل استرجاع المال المنهوب؟"

أضاف: "أنتم على حق، أيها الشباب والشابات، في ثورتكم، التي نريدها صوتا واحدا، مستقلا وغير مسيس، محصنة بوجه المندسين، حضارية ورفيعة في أهدافها ومطالبها الواعية والمحقة. نطلقها معكم صرخة ضد الفساد والهدر المتناميين، وضد الغلاء الفاحش، وانهيار النقد الوطني، وحجز رؤوس الأموال في المصارف. ونطلقها معكم صرخة بوجه كسل أجهزة الرقابة وتلكؤ القضاء، تحت تأثير التدخل السياسي، عن محاسبة الرؤوس الكبيرة والمسؤولة مباشرة عن عمليات الفساد. معكم نطالب بالإسراع في إجراء التعيينات الإدارية والقضائية والمصرفية، واتباع معايير الكفاءة والنزاهة، رافضين المماطلة مهما كانت أسبابها. ومعكم نطالب الحكم والحكومة بوضع خطة إصلاحية تنهض عمليا بالاقتصاد وتحسين معيشة المواطنين".

وسأل: "أليست هذه المطالب مشتركة بين الشباب اللبناني، من دون أي ارتباط بدينه أو طائفته أو حزبه أو منطقته؟ لقد أسفنا لما جرى بالأمس بوضع هذه المطالب المشتركة جانبا، وتحويل التعبير عن الرأي بالشكل الديموقراطي إلى مواجهة بالحجارة وتحطيم المؤسسات والمحلات واستباحة ممتلكات الناس وجنى عمرهم، وتشويه وجه العاصمة، والاعتداء على الجيش والقوى الأمنية التي من واجبها حماية التظاهرات السلمية. هذا كله يعني، وبكل أسف، أن ما زالت تعشعش في القلوب مشاعر الضغينة والحقد والبغض. وهذا لا يتآلف وميثاق العيش المشترك. وأسفنا بالأكثر لإدخال المعتقد الديني في الانقسام السياسي وجعل هذا المعتقد وسيلة للنزاع بالأسلحة. لماذا نعطي الأسرة العربية والدولية هذه الصورة المشوهة عن لبنان؟ وهل بهذه الممارسات النزاعية نساند الحكم والحكومة في توطيد الاستقرار الضروري للنهوض من حضيضنا؟ أما من جهة المسؤولين السياسيين عندنا، فلا يحق لهم أن يحكموا بذات الذهنية والأسلوب، بعيدا من الخط الذي يرسمه الدستور والميثاق الوطني ووثيقة اتفاق الطائف نصا وروحا. فكيف يمكن أن تأتينا المساعدات العربية والدولية من دون تأمين الاستقرار السياسي، وتصحيح الحوكمة، واعتماد سياسة الحياد، وشبك الأيادي وتوحيد الجهود؟"

وختم الراعي: "الكنيسة، من جهتها ماضية في تنفيذ خطتها الإنقاذية، الغذائية والزراعية والصحية، وقد نسقت نشاطها بين الأبرشيات والرهبانيات والرعايا والأديار، ومع كاريتاس لبنان، والبعثة البابوية، والصليب الأحمر، وجمعية مار منصور دي بول، والمؤسسة المارونية للانتشار، والمؤسسة البطريركية للانماء الشامل، وسواها من المؤسسات والجمعيات الإنسانية. والكل بهدف خلق شبكة تشمل كل المناطق. أود هنا أن أوجه تحية شكر وتقدير لكل ذوي القلوب المحبة والأيادي السخية، الذين يمدون يد المساعدة للاخوة والعائلات في حال الفقر والعوز، سواء بطريقة مباشرة أو بواسطة المؤسسات الاجتماعية والإنسانية. وإنا بإيمان وثقة نواصل خدمتنا شاكرين وممجدين ومسبحين الثالوث القدوس في عيده".

MISS 3