متغيّرة جينية واحدة تحميك من ألزهايمر والباركنسون

02 : 00

تكشف دراسة واسعة أن متغيرة جينية على صلة بالاستجابة المناعية تسمح سراً بحماية مليارات الناس من الزهايمر والباركنسون.



تحمل هذه المتغيرة اسم DR4، وهي جزء من عائلة جينية تساعد جهاز المناعة في الحالات العادية على رصد العناصر الدخيلة، مثل الجراثيم والفيروسات، والقضاء عليها.

يقول الطبيب النفسي وعالِم الوراثة، إيمانويل مينيو، من جامعة «ستانفورد» في الولايات المتحدة: «في دراسة سابقة، اكتشفنا أن وجود متغيرة DR4 يحمي الناس على ما يبدو من مرض الباركنسون». لكن يبقى مرضا الزهايمر والباركنسون مختلفَين، فهما يحملان مؤشرات حيوية مَرَضية مختلفة في الدماغ: أجسام ليوي لدى مرضى الباركنسون، وتشابكات غير طبيعية لبروتين اسمه «تاو» لدى مرضى الزهايمر. لهذا السبب، كان رصد متغيرة DR4 كعامل مشترك بين الحالتَين اكتشافاً مبهراً.

يوضح مينيو: «لقد تفاجأنا بوجود هذا الأثر الواقي نفسه لدى مرضى الباركنسون والزهايمر في آن. أنا شخصياً عجزتُ عن النوم في الليلة التي تلت هذا الاكتشاف».

جمع العلماء معلومات طبية ووراثية من عشرات بنوك البيانات حول العالم، فحصلوا بذلك على قاعدة بيانات متنوعة شملت مشاركين من أوروبا، وآسيا، وأميركا اللاتينية، وعدداً من الأميركيين من أصل أفريقي. بعد مقارنة 176 ألف مصاب بالباركنسون أو الزهايمر بمليونَي حالة مرجعية تقريباً، تبيّن أن من يحملون متغيرة DR4 كانوا أقل عرضة لأي من المرضَين بنسبة تفوق العشرة في المئة.

في المرحلة اللاحقة، حلل الباحثون البيانات الخاضعة للدراسة بعد تشريح 7 آلاف دماغ مصاب بالزهايمر، فاكتشفوا أن من يحملون الطفرة الجينية DR4 يتأخر لديهم ظهور الأعراض ويسجلون عدداً أقل من التشابكات الليفية العصبية التي ترتبط بحدّة المرض.

المؤشرات الحيوية للزهايمر هي عبارة عن بروتينات خبيثة ومعقودة، وهي تشمل نسخاً متبدلة ومليئة بالأسيتيل من بروتين «تاو». يُعتبر جزء منها أساسياً لتشكيل تلك الكتل ويُعرف باسم أسيتيل PHF6.

تكشف التجارب المخبرية أن بروتينات DR4 تلتصق بهذا الجزء بإحكام. وبفضل هذا الرابط المتين، يتعرّف جهاز المناعة على تشابكات «تاو» ويعتبرها عنصراً دخيلاً، ثم ينشط بقوة كما يفعل عند الاحتكاك بأي فيروس أو جرثومة.

قد لا تشير تلك التشابكات إلى الآلية الكامنة وراء الباركنسون، لكن يرتبط وجود متغيرة DR4 بظهور الأعراض في مراحل متقدمة من المرض أيضاً. إنه جانب إيجابي آخر لهذه المتغيرة.

يكتب الباحثون في تقريرهم: «هذه الاستجابة المناعية قد تحمي من أمراض الزهايمر، والباركنسون، والتنكس العصبي».

أشرفت جامعة «ستانفورد» على هذا البحث، لكنه يبقى جهداً عالمياً شارك فيه حوالى 160 باحثاً آخر من 25 بلداً. في النهاية، يدخل أبرز نوعَين من اضطرابات التنكس العصبي في خانة الأمراض العالمية.

يصاب عشرات ملايين الناس حول العالم بمرض الزهايمر، بينما يتعايش 10 ملايين آخرين مع الباركنسون. من المتوقع أن ترتفع هذه الأرقام تزامناً مع زيادة عدد السكان فوق عمر الخامسة والستين.

أخيراً، قد يتلقى 20 أو 30% من حاملي متغيرة DR4 خبراً ساراً آخر. يبدو أن تلقي لقاح الأسيتيل PHF6 يقوي مفعول تلك المتغيرة ويحسّن قدرتها على حماية المصابين بالأمراض العصبية. يمكن استعمال فحص دم بسيط لتحديد الفئات التي تحمل متغيرة DR4.

نُشرت نتائج البحث في «وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم».


MISS 3