رواد مسلم

لماذا لم تتصدَّ "مايسون" لصاروخين حوثيين؟

29 تشرين الثاني 2023

02 : 00

المدمّرة الأميركية «يو أس أس مايسون» (أرشيف)

إنتهت مغامرة القراصنة الصوماليين الخمسة، وفق المؤشرات الأوّلية للبنتاغون، الذين حاولوا اختطاف ناقلة الكيماويات الدولية «سنترال بارك» من خليج عدن أثناء عبورها الممرّ الدولي على بُعد نحو 54 ميلاً بحريّاً من سواحل الصومال، بوقوعهم في قبضة قوات «المارينز» الأميركية، حيث يجري التحقيق معهم. وبالرغم من عدم تبنّي أي جهة مسؤوليّتها عن الهجوم، لكنّه من المؤكّد أنّ عملية إطلاق صاروخين باليستيَّين إنطلقا من المناطق اليمنية، التي تُسيطر عليها جماعة الحوثي المدعومة من إيران في إتجاه المدمّرة الأميركية «يو أس أس مايسون» التي توجّهت لإغاثة السفينة التجارية التي استولى عليها المسلّحون، يقف وراءها الحوثيون، إمّا ردّة فعل طبيعية إستكمالاً للعمليات العدائية ضدّ المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، وإمّا بتنسيق مسبق مع القراصنة لمساندتهم في حال فشل مهمّتهم.

لكنّ الأمر الأهمّ في هذه العملية أنّ المدمّرة لم تُطلق أي صواريخ لإعتراض الصاروخَين اللذين سقطا على بُعد نحو 10 أميال بحرية من السفينتين. والمدمّرة «مايسون»، جزء من المجموعة الهجومية التابعة لحاملة الطائرات «دوايت دي أيزنهاور» التي أُرسلت إلى الشرق الأوسط لردع التنظيمات أو الدول التي ستُهاجم المصالح الأميركية في المنطقة ولمنع توسيع نطاق الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس»، كما لضمان حرّية الملاحة في الممرّات المائية الدولية الرئيسية، خصوصاً مضيقَي هرمز وباب المندب. وتواصل المجموعة الهجومية دعم مهمات القيادة المركزية الأميركية من خلال القيام بدوريات مستمرّة، وترافق حاملة الطائرات الأميركية قوّات بحرية تابعة للتحالف الدولي للحفاظ على أمن المجال البحري، وقد تلقّت المدمّرة الأميركية دعماً من مدمّرة يابانية أثناء عملية إغاثة السفينة التجارية.

الصاروخان الباليستيّان اللذان أطلقا من مناطق سيطرة جماعة «أنصار الله» في اليمن في اتجاه المدمّرة الأميركية، يختلفان عن الصواريخ الموجّهة بالليزر وصواريخ «كروز» الدقيقة جدّاً، فالصواريخ الباليستية التي يمتلكها الحوثيون، هي معدّلة عن الصواريخ السوفياتية من طراز «سكود سي» التي يبلغ وزنها 6400 كلغ وتحمل رؤوساً متنوّعة، من الرأس المتفجّر إلى الرأس الكيماوي والمتشظّي، ويصل مدى الصاروخ الأقصى إلى 600 كلم بسرعة أقصاها 5 أضعاف سرعة الصوت (ماخ 5) ويدخل مسار تحليقه الغلاف الجوي الخارجي، ولكن تعتبر دقّة هذا الصاروخ ضعيفة، بحيث تستعمل ضدّ الأهداف البقعية ضمن هدف قطره 700 متر. لذلك، من المؤكّد أنّ الحوثيين لا يُريدون إصابة المدمّرة، بل إرسال رسالة عدائية وإزعاج القوات البحرية الأميركية وإنذارها بأنّ أي محاولة إقتراب من السواحل اليمنية ستواجه بصواريخ باليستية أو صواريخ مجنّحة دقيقة يمتلكها الحوثيون.

أمّا بالنسبة إلى المدمّرة «يو أس أس مايسون دي دي جي 87»، فهي منظومة عملياتية متكاملة مهمّتها حماية حاملة الطائرات التابعة لها، ولديها قدرة نارية هائلة (رشاش عيار 127 ملم، رشاش «فالانكس» عيار 20 ملم، رشاشان عيار 25 ملم و4 رشاشات عيار 12.7 ملم)، وتكنولوجيا قتالية هجومية ودفاعية هي عبارة عن منصّتي إطلاق صواريخ من طراز «أم كي 41» تتألّف من 96 صاروخاً للدفاع الجوي والبحري والأرضي يُمكن إطلاقها حسب نوع الخطر، كصواريخ «توماهوك» بحر - أرض وصواريخ «آر يو أم 139» المضادة للغواصات.

وبالنسبة للدفاع الجوي فهي تُغطّي كافة الأمدية، من صواريخ قصيرة المدى «أس أم 6»، ومتوسطة المدى «آر أي أم 66 أي»، و»آر أي أم 161»، وبعيدة المدى «آر أي أم 156»، كما تحمل أنظمة مضادة للصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، مثل الذي أطلقه الحوثيون واسمه «آر أي أم 162»، فضلاً عن أنّها تحتوي منصّتي إطلاق «توربيدو» مضادة للسفن، وتحمل طوافتَي «أم إيش 60 آر سي هوك» المتعدّدة المهام والتي لديها القدرة على إطلاق صواريخ «هالفاير» و»توربيدو»، ويمكنها نقل العناصر وتستخدم للبحث والإنقاذ البحري.

من الواضح أنّ قدرات المدمّرة النارية هائلة، حيث يُمكنها بالتأكيد التصدّي للصواريخ الحوثية، لكن عدم رصد الصاروخين الباليستيَّين، وبالتالي عدم التصدّي لهما، يفتح باب الشكّ عمّا إذا كان هناك خلل راداري أو تشويش إلكتروني من الحوثيين عطّل عمل الرادارات، أو أخطاء بشرية من عناصر المدمّرة أدّت إلى تجاهل الخطر وعدم إطلاق الصاروخ الإعتراضي، أو أنّه من الطبيعي عدم التصدّي للصواريخ إذا كان مسارها ينتهي في بقعة بعيدة عن منطقة التسبّب بالخطر.

تُجدر الإشارة إلى أنّ هذه المدمّرة تصدّت لصاروخ يبعد 8 أميال بحرية أطلق من الحديدة في العام 2016. لذلك، يبقى من المرجّح أن تكون الحرب الإلكترونية الحوثية تُحاول تجربة قدراتها وفي ذات الوقت إرسال الرسائل العدائية، لكن ما هو ثابت أنّ التوتّر في المنطقة الذي تُسبّبه التنظيمات المدعومة من إيران لا يخدم القضية الفلسطينية، بل يؤثر سلباً على الإقتصادات العربية ويزيد التعقيدات من دون تقديم بديل عن الحماية الأميركية أو إطلاق مشروعات مستقبلية لتنمية المنطقة.


MISS 3