أحمد عياش

الحرب في زمن الدولار 1500 ليرة

30 تشرين الثاني 2023

02 : 00

في ذروة الأوضاع المأسوية في لبنان، انبرى «حزب الله» يطالب حكومة تصريف الأعمال بدفع التعويضات عن مواجهات الجنوب. فبعدما فتح «الحزب» الجبهات في 8 تشرين الاول الماضي ولغاية 24 الجاري، رفع إلى الحكومة الفاتورة. وهي ضمّت لائحة بالخسائر البشرية والمادية. وبحسب تقديرات «الحزب»، وكذلك تقديرات وزارة الزراعة، المطلوب توفير عشرات الملايين من الدولارات لتغطية هذه التعويضات. فهل بإمكان الحكومة تلبية مطلب «الحزب»؟ قبل السؤال عن إمكانات الحكومة، هناك سؤال آخر حول مسارعة «حزب الله» إلى فتح ملف تعويضات مواجهات الجنوب التي لم تضع أوزارها بعد. فهل هناك في الأفق ما يشير إلى أنّ السلام سيعود قريباً إلى ربوع المنطقة الحدودية الجنوبية، ما دعا «الحزب» إلى طرح فاتورة إعمار ما تهدّم؟

يجيب «الحزب» يومياً منذ بدء سريان الهدنة الأولى في حرب غزة والتي شملت تلقائياً لبنان، أنّ الجبهات حالياً في استراحة محارب. وهذا ما يدعو إلى سؤال آخر: هل هناك من داع دعا «الحزب» إلى فتح مواجع التعويضات قبل أن يقفل باب الوجع الأساسي أي الحرب؟

وبالعودة إلى أحوال الخزينة العامة التي طرق «الحزب» بابها كي تتدفق منها عشرات الملايين من الدولارات تعويضاً عن خسائر عشرات الألوف من الجنوبيين، فما يعلمه القاصي والداني، ولو أنّ وزير المال يتقمص دور «أبو الهول» منذ دخوله الحكومة، أنّ الخزينة العامة، كما غنّى سيد درويش «الجيب ما فيش ولا مليم». اللهم، الا يكون هناك خلط بين الخزينة الخاوية وبين ثروة الرئيس نجيب ميقاتي العامرة. عندها، فلا حول ولا قوة. ولهؤلاء الواهمين نقول: «إبشر بطول سلامة يا مربع».

في تقديرات مجلس الجنوب، الذي عاد إلى دوره الأصلي منذ إنشائه عام 1970، أنّ الحكومة ستحدد آلية دفع التعويضات وفق معدّل 40 ألف دولار عن كل وحدة سكنية مدمّرة كلياً. ومع الافتراض أنّ هذه الآلية ستبصر النور وبعدها سيبدأ الدفع بموجبها، فلنتصور مسبقاً كيف ستكون النتيجة؟

ما يقول المجلس إنّه منزل، هو في حالات عدة منزل فاخر تنطبق عليه مواصفات القصر، كما هي حال الأبنية المتضررة في بلدة يارون في قضاء بنت جبيل. ويحدثك بعض أبناء البلدة عن ملايين الدولارات التي أنفقت كي تشاد هذه المنازل. فهل سيعيد مبلغ الـ40 الف دولار، إذا تكرّمت الحكومة ودفعته لمالك أحد منازل يارون، ما كان عليه المنزل قبل 8 تشرين الأول الماضي؟ ماذا عن «حزب الله» الذي هو القصة كلها من ألفها إلى يائها؟ هناك في الأوساط الإعلامية الصديقة لـ»الحزب» من أجرى أخيراً مقارنة بين حرب 2006 وبين «ميني حرب تشرين» هذه السنة. وفي هذه المقارنة ، يتبيّن أنّ «الحزب» قام بواجبه قبل 17 عاماً كما فعل اليوم. فهو بادر إلى دفع التعويضات على أن تكمل الحكومة المهمة. للتوضيح، إنّ حرب 2006 ، شهدت رزم مئات الدولارات على مرأى الكاميرات التي حملها وزير الخارجية الإيراني في ذلك الوقت في حقائب كي تسدد بدل إيواء للنازحين. أمّا إعادة اعمار ما تهدم فتكفل به مال «شكراً قطر» ومال إخوانه الخليجيين.

أمّا اليوم ، فلا رزم العملة الخضراء وصلت من طهران، ولا مليارات الدولارات تدفقت من الخليج. وما تحقق فقط هو وعود بالدفع على أساس أنّ الدولار يساوي 1500 ليرة.


MISS 3