نوبات الزكام والإنفلونزا المتكرّرة تزيد مخاطر الخرف

02 : 00

تكشف دراسات بشرية أن زيادة التعرّض لأي عدوى ميكروبية على مر الحياة ترتبط بتراجع الوظيفة المعرفية مع التقدم في السن.

قيّمت دراسة حيوانية جديدة أثر الالتهاب الناجم عن تكرار العدوى الميكروبية على الوظيفة المعرفية من خلال ضخ عديد السكاريد الدهني (سمّ بكتيري مُسبّب للالتهاب) لدى مجموعة فئران. إكتشفت الدراسة أن الالتهاب الخفيف أو المعتدل الذي ينجم عن تلقي عديد السكاريد الدهني بشكلٍ متكرر أدى إلى عجزٍ في الذاكرة والتعليم لدى فئران في منتصف العمر.

تشير هذه النتائج إلى ضرورة تلقي علاج أقوى من الخيار النموذجي المستعمل راهناً لاستهداف الأمراض الخفيفة أو المعتدلة نتيجة التقاط عدوى ميكروبية، لا سيما في الفئات الأكثر عرضة للخلل المعرفي مثل كبار السن.

في الدراسة الجديدة، أعطى الباحثون جرعات من عديد السكاريد الدهني للفئران كل 15 يوماً، طوال شهرين ونصف، فلاحظوا أن الفئران التي تلقّت تلك الحِقَن سجلت تراجعاً معرفياً على مستوى التعلّم وحفظ المعلومات المكتسبة خلال اليوم السابق.

إستنتج الباحثون أيضاً أن إعطاء عديد السكاريد الدهني غيّر حجم المرونة بين الخلايا العصبية، لكن من دون العودة إلى المستوى الأصلي لنقل الإشارات. سجلت الفئران التي تلقّت عديد السكاريد الدهني تراجعاً في قوة النبضات بين الخلايا العصبية في منطقة الحصين الدماغية على المدى الطويل.

كذلك، يبدو التراجع في عديد السكاريد الدهني في الخلايا العصبية داخل الحصين بارزاً لأن هذا العنصر يُعتبر الآلية الكامنة وراء تشكيل الذكريات وعملية التعلّم. توحي هذه النتائج بأن الالتهاب المتكرر الناجم عن عديد السكاريد الدهني لدى الفئران في منتصف العمر قد يؤدي إلى عجز معرفي يترافق مع تغيّرات في الحصين.

تقول المشرفة على الدراسة، إليزابيث إنغلر تشيورازي، خبيرة في علم الأعصاب السلوكي في جامعة «تولان»: «ستكون هذه النتائج مؤثرة جداً على صحة الدماغ والأمراض لدى البشر. في الوقت الراهن، يقضي العلاج النموذجي لحالات الزكام أو الإنفلونزا الشائعة بملازمة المنزل، وأخذ قسطٍ من الراحة، وشرب الحساء، والسماح للجسم بالتخلص من العدوى تلقائياً. تنطبق هذه التوجيهات على عامة الناس، ويلجأ إليها الجميع بغض النظر عن خطر إصابتهم بالخرف في المرحلة اللاحقة، كأن يحمل بعض المرضى جينات مرتبطة بظهور مرض الزهايمر في مرحلة مبكرة. قد تكون نتائجنا أول خطوة من سلسلة دراسات تدعو إلى تقوية علاجات الزكام العادي أو مصادر أخرى من العدوى المتقطعة لدى المرضى المعرّضين للتراجع المعرفي أو الخرف، بدل الاكتفاء بالتوصيات النموذجية التي تقتصر على الراحة واستهلاك السوائل. كذلك، تكشف هذه البيانات أن تكرار العدوى المشابهة للإنفلونزا قد ينذر باختلال معرفي في مرحلة متقدمة من الحياة. بدأت دراسات على البشر تستكشف هذا الرابط وتتوصل إلى أدلة تتماشى مع الاستنتاجات التي جمعها الباحثون لدى الفئران. لكن لا يمكن تعميم هذه النتائج على البشر حتى الآن. تكون تركيبة جهاز المناعة لدى الفئران والبشر متشابهة، لكن ثمة اختلافات بارزة ومعروفة في طريقة تجاوب تلك الأجهزة، لذا تبرز الحاجة إلى التأكد من تكرار هذه النتائج لدى البشر».

ينوي الباحثون أيضاً تحليل الآليات التي تؤثر على العجز المعرفي بعد تلقي عديد السكاريد الدهني بشكلٍ متكرر. تضيف إنغلر تشيورازي: «تقضي خطوتنا المقبلة بتكرار هذه الدراسات والتأكد من ظهور العواقب الدماغية الشائعة لدى المصابين بالخرف، مثل تسرّب الحاجز الفاصل بين الدماغ والدم أو تنشيط الخلايا المناعية الدماغية (أي الخلايا الدبقية الصغيرة)، بعد التعرّض المتكرر والمتقطّع لالتهاب مشابه للأمراض في الجسم. نحن لم نستكشف تداعيات العدوى الفيروسية على مستوى الوظيفة المعرفية، ونسعى في الوقت الراهن إلى تحليل أثرها لدى الحيوانات».


MISS 3