طوني فرنسيس

المؤسسة العسكرية بلغت الـ 159عاماً!

11 حزيران 2020

02 : 00

لا أعرف ماذا يعني أن تحتفل قوى الأمن الداخلي اللبنانية بذكرى تأسيسها الـ 159، بالنسبة إلى العديد من السادة، ملوك التحريض الطائفي والسلب الشرعي.

على الأرجح، أنّ هؤلاء سيكونون علناً في طليعة المُهنّئين، الا انّهم في الواقع يُمعنون طعناً في المناسبة، وفي صانعيها، وما ترمز اليه.

أن يوغل تاريخ قوى الأمن اللبنانية الشرعية 159عاماً في تاريخ لبنان والمنطقة، فهذا إشارة الى أنّ لبنان الذي تنشط بين الفَينة والأخرى "مشاريع" ضمّه أو إلغائه أو مجرّد التشكيك بكيانه، مُتجذّر أكثر ممّا يعتقد أصحاب تلك المشاريع، إن كانوا زُعماء طوائف أُصيبوا بنفخة التطاول على الآخرين، أو وكلاء لمشروعٍ إقليمي ... صديق أو عدوّ!

نشأت قوى الدرك أو الضابطة التي نحتفل بذكراها، مع قيام الإستقلال الذاتي لجبل لبنان في إطار نظام المتصرّفية، وجيء بضباط فرنسيين لتدريب الجهاز الجديد، وبضباط إيطاليين لإعداد الفرقة العسكرية الموسيقية التي ستُصبح، بوصفها موسيقى الدرك اللبناني، من الفِرق المُعتمدة والمُحترمة في امبراطورية السلطان.

درك لبنان هو امتداد لجيوش الإمارة اللبنانية، لكنّه للمرة الأولى يقوم في إطار سلطة منتخبة (مجلس إدارة الجبل) وهو سيُشكّل مع هذا المجلس اللبنة التي سيقوم عليها لبنان الكبير في 1920 ثم لبنان المستقل في العام 1943.

ووراء كل ذلك لبنانيون آمنوا بوطنهم. لم يكن استقلال الجبل بالنسبة اليهم لعبة، ولا استقلال 1943 منحةً، وفي الوسط، كان لبنان 1920 مطلباً واعياً عمل من أجله أشخاص من رموز تجربة المتصرّفية بقيادة البطريرك الياس الحويك.

كل ذلك يُعيدنا الى التفريط الذي نشهده اليوم بتجربة هائلة الغِنى، مُحمّلةٍ بالتضحيات والأفكار والطموحات، وهو تفريط يُمارسه من لم يفهم بعد أن لبنان لم يولد صدفةً في هذه المنطقة، وأن البدائل التي يعتقد البعض انها متوفرة، ليست سوى ضياع في عالم الغزوات الجاهلية.


MISS 3