رابط بين التنقل لمسافات طويلة وتدهور الصحة النفسية

02 : 00

لا يحبذ الناس تمضية وقت طويل وسط زحمة السير، ولن يرغبوا في ذلك حتماً حين يعرفون أن هذه التجربة تنعكس سلباً على صحتنا.



قد يؤدي التنقل اليومي لفترات طويلة إلى تراجع أوقات فراغ الناس خلال أيام العمل، فيصبح هؤلاء أقل ميلاً إلى التحرك وقد يواجهون مشاكل مثل الوزن الزائد، وزيادة شرب الكحول، واضطراب النوم.

حتى أن دراسة جديدة استنتجت أن البقاء في زحمة السير لوقتٍ طويل قد يرفع ضغط الدم. لكن لا يتعلق السبب بالإحباط والتوتر، بل بالهواء الملوّث الذي يتنشّقه السائقون.

شملت الدراسة الجديدة أكثر من 23 ألف شخص، وقد جاءت لتعوّض عن نقص الأبحاث عن هذا الموضوع، فاستنتجت أن سكان كوريا الجنوبية يصبحون أكثر عرضة للاكتئاب بنسبة 16% إذا كانوا يتنقلون على الطرقات لأكثر من ساعة، مقارنةً بمن تقتصر رحلتهم على أقل من 30 دقيقة.

حلل دونغ ووك لي وزملاؤه من جامعة «إينها» الكورية بيانات حول مشاركين في سن العمل من «المسح الخامس لظروف العمل في كوريا»، وهو استطلاع وطني تمثيلي جرى في العام 2017.

أجاب المشاركون على الأسئلة بناءً على مؤشر الراحة الصادر عن منظمة الصحة العالمية والمؤلف من خمس نقاط، فقيّم الباحثون وضعهم الصحي استناداً إليه.

بلغ متوسط مدة التنقل اليومي 47 دقيقة، أي ما يساوي حوالى 4 ساعات أسبوعياً إذا كان الناس يعملون لخمسة أيام. اعترف ربع المشاركين بأنهم اختبروا أعراض الاكتئاب استناداً إلى العلامات التي حصدوها في مؤشر الراحة، وهي نتيجة مختلفة بالكامل عن تقييم الأطباء أو أي تشخيص آخر.

لا تثبت الدراسة وجود علاقة سببية بين التنقل لساعات على الطرقات وتدهور الصحة النفسية، لكن كان هذا الرابط الأقوى وسط الرجال غير المتزوجين الذين يعملون لأكثر من 52 ساعة أسبوعياً.

في المقابل، برز أقوى رابط بين مدة التنقل على الطرقات وأعراض الاكتئاب لدى النساء وسط الأمهات والعاملات ذوات الدخل المنخفض أو بنظام المناوبة.

أخذ التحليل بالاعتبار عوامل العمر، وساعات العمل الأسبوعية، ومستوى الدخل، والمهنة، والعمل بنظام المناوبة، وهي عوامل قد تؤثر على صحة الناس النفسية. لكنه لم يقيّم عوامل خطر فردية أخرى قد تُسبب الاكتئاب، مثل التاريخ العائلي.

على صعيد آخر، يحمل التنقل لفترات طويلة جوانب إيجابية يُفترض ألا نغفل عنها: يعتبر البعض هذا النوع من الرحلات الطويلة فرصة لفصل أنفسهم عن أجواء العمل. تجدر الإشارة إلى أن الاستطلاع الكوري جرى قبل تفشي جائحة كورونا التي تزامنت مع تغيّر جذري في أسلوب العمل، علماً أن الناس لا يستطيعون جميعاً تقبّل العمل من المنزل.

في النهاية، يستنتج الباحثون: «يبدو أن الرابط بين التنقل لفترات طويلة على الطرقات وتفاقم أعراض الاكتئاب يزداد قوة وسط أصحاب المداخيل المنخفضة. لكن بدأ الانتقال إلى العمل من المنزل يتسارع وسط العاملين في وظائف إدارية ومكتبية أكثر من غيرهم. قد يسمح تقليص مدة التنقل على الطرقات وتخفيض المسافات المقطوعة عبر تطوير وسائل النقل بتحسين بيئة التنقل وصحة الناس».


MISS 3