تشاك كوبر

ترامب يُركّز على الاقتصاد بعد انحسار قوّته

16 حزيران 2020

المصدر: The Wall Street Journal

02 : 00

لطالما اعتبر ترامب طريقة إدارته لأكبر اقتصاد في العالم أهم إرث في عهده. لكن مع اقتراب موعد الانتخابات خلال أقل من ستة أشهر، يكشف استطلاع جديد أن المزايا التي تضمن إعادة انتخابه أصبحت ضئيلة. وفق استطلاع أجرته صحيفة "وول ستريت جورنال" وقناة "إن بي سي نيوز"، تبيّن أن الناخبين يفضّلون في معظمهم أن يستلم ترامب الشؤون الاقتصادية رغم الركود الحاصل راهناً، لكنهم يفضّلون نائب الرئيس السابق جو بايدن، وهو المرشّح الديموقراطي الأوفر حظاً، في جميع المسائل الأخرى التي تناولها الاستطلاع، بما في ذلك هوية المرشّح الذي سيصوّتون له في تشرين الثاني المقبل.

في المرحلة نفسها من السباق الانتخابي في العام 2016، كشف استطلاع مشابه أن ترامب كان يتفوق على المرشّحة الديموقراطية هيلاري كلينتون في مجالات عدة، بما في ذلك الشؤون الاقتصادية، والتعامل مع الإرهاب، وتغيير مسار الأعمال في واشنطن، وإنجاز المهام، والصدق والشفافية.

أعلن تيم موروتو، مدير الاتصالات في حملة الرئيس، أن الشؤون الاقتصادية لا تزال جزءاً من نقاط قوة ترامب، لكنه يظن أن الناخبين سيفضّلون الرئيس أيضاً في مسائل أخرى مع اقتراب السباق الرئاسي وطرح برنامجه السياسي: "بما أن هذا الوباء هو الذي عطّل الاقتصاد، تزيد قدرة الرئيس على إثبات براعته الاقتصادية. يدرك الأميركيون أنه بنى الاقتصاد وأوصله إلى أعلى المستويات، وهو قادر على تكرار الإنجاز نفسه مجدداً".

في غضون ذلك، تنشر حملة بايدن رسالة مفادها أن ترامب فشل في اتخاذ خطوات جدّية في قطاع الصحة العامة، كتلك التي اتخذتها ألمانيا وكوريا الجنوبية وكانت لتكبح انتشار الفيروس والأزمة الاقتصادية المترتبة عنه. إنه فحوى مذكرة داخلية صادرة عن حملة بايدن واطلعت عليها صحيفة "وول ستريت جورنال". تفيد المذكرة أيضاً بأن أي حزب لم يوصل يوماً نسبة البطالة إلى أكثر من 8%. كان هيربرت هوفر آخر رئيس ينهي عهده بخسارة هائلة للوظائف، وقد خسر بذلك ولايته الرئاسية الثانية أمام فرنكلين روزفلت في العام 1932.

كتبت مستشارتا بايدن، كايت بيدينغفيلد وأنيتا دان، في تلك المذكرة: "يقول ترامب إن استراتيجيته الانتخابية تتمحور حول تحسين الاقتصاد غداة الأزمة التي افتعلها بنفسه وأدت إلى ارتفاع نسبة البطالة بمعدل غير مسبوق تاريخياً. ثمة عيبان بارزان في هذه الخطة اليائسة ونحن ننوي استغلالهما: ترامب زاد الأزمة الاقتصادية سوءاً، وهو يفتقر إلى خطة واضحة لمعالجة الوضع".





يشعر بعض المستشارين في حملة الرئيس الحالي بالقلق على مصيره بعد صدور نتائج الاستطلاعات الأخيرة، لكن ثمة متّسع من الوقت قبل يوم الانتخابات برأي آخرين. شهدت الأشهر الخمسة الأولى من العام 2020 تهديداً بخوض الحرب مع إيران، وإجراءات لعزل الرئيس لكن تمت تبرئته من التُهَم، وانطلاق احتجاجات سلمية وبعض الاضطرابات غداة مقتل جورج فلويد حين اعتقلته الشرطة في "مينيابوليس". لكن قد تتغير معطيات الانتخابات مجدداً قبل تشرين الثاني المقبل.

على صعيد آخر، تبدّلت أهمية الاقتصاد بنظر الناخبين في الانتخابات العامة منذ أن استعمل فريق بيل كلينتون العبارة الشهيرة "إنه الاقتصاد يا أغبياء!" كشعار داخلي لحملته الناجحة في العام 1992 ضد جورج بوش الأب. يقول المحللون إن تأثير المسائل الاقتصادية على خيارات الناخبين خلال الانتخابات الرئاسية السابقة تلاشى اليوم تزامناً مع توسّع الولاءات الحزبية. يوضح جون سايدز، أستاذ في العلوم السياسية في جامعة "فاندربيلت": "في آخر 12 سنة، يبدو أن معيشة الناس والوضع الاقتصادي عموماً ما عادا مهمَّين بالقدر نفسه لتحديد خيارات الناخبين السياسية".

حين طُلِب من الأميركيين أن يصنّفوا أهم المشاكل التي يواجهها البلد في استطلاع جديد أجرته شركة "غالوب" الاستشارية، أعطى المشاركون الأولوية لضعف القيادة الحكومية وانتشار فيروس كورونا ووضع العلاقات العرقية واعتبروا هذه المسائل أهم من الاقتصاد. تثبت هذه النتيجة أن طريقة تعامل ترامب مع الاقتصاد لا تكفي هذه المرة لإقناع الناخبين من أمثال روشيل هوفمان، معلّمة لغة إنكليزية في "غراند رابيدز"، ميشيغان، عمرها 51 عاماً. تقول هذه المرأة إنها صوتت لترامب في العام 2016، لكنها لن تفعل على الأرجح هذه السنة.

تضيف هوفمان: "يتمتع الرئيس ترامب بالمؤهلات والقدرة على إعادة إحياء الاقتصاد، كما فعل سابقاً. لكنّ تغريداته ومواقفه حول مختلف الأفراد والجماعات خيّبت أملي. من الأفضل برأيي ألا تُقال هذه الكلمات. لا أظن أنها تساعد بلدنا على الشفاء من جروحه".

في أحدث استطلاع مشترك بين "وول ستريت جورنال" و"إن بي سي نيوز"، فضّل المشاركون بايدن على ترامب بفارق 5 نقاط في المسائل المرتبطة بالمرشّح القادر على كسر الجمود السياسي، وبفارق 9 نقاط في الشؤون التي تتطلب أعلى مستويات الكفاءة والفاعلية من جانب الرئيس. كذلك، تفوّق بايدن بنسبة تفوق العشر نقاط في مسائل التعامل مع فيروس كورونا والأزمات الصحية ومشاكل الأقليات. لكن تفوّق ترامب على بايدن في ملف التعامل مع الصين (43% مقابل 40%).

يقول 54% من الناخبين المستقلين إنهم يثقون بقدرة ترامب على معالجة المشاكل الاقتصادية، لكن اعترف 35 إلى 45% منهم بأنهم يخططون للتصويت لصالح بايدن، ما يثبت أن قوة الرئيس في الشؤون الاقتصادية لا تُتَرجَم تلقائياً في صناديق الاقتراع. في حزيران 2016، أعطى الناخبون المستقلون ثقتهم إلى ترامب بدل هيلاري كلينتون في الشأن الاقتصادي (43 مقابل 19%) وأعلن العدد نفسه تقريباً أنه سيدعمه في السباق الرئاسي. شكّل الناخبون المستقلون في استطلاع "وول ستريت جورنال" 13% من المشاركين، وكانت نسبتهم مشابهة في السنة الانتخابية الرئاسية الأخيرة.

رغم التراجع المشتق من تدابير محاربة الوباء، يعتبر بعض الناخبين ترامب أفضل خيار لإعادة إحياء الاقتصاد.

يشيد براد بيتينكور (31 عاماً)، صاحب شركة لتأجير الأملاك بالقرب من "فينيكس"، ببراعة ترامب في الشأن الاقتصادي ويؤكد على أنه سيدعمه مجدداً: "أشعر بأن البلد حقق في عهد ترامب نمواً أفضل من عهد أوباما. ويبدو أن بايدن يريد أن يكون امتداداً لعهد أوباما بكل بساطة".





يقول المسؤولون في حملة ترامب إن الناخبين سيزيدون تركيزهم على فرص العمل والأجور ومسائل اقتصادية أخرى مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية. لذا ناقشوا احتمال أن يزور ترامب المناطق المنكوبة اقتصادياً. ترعى الجماعة الموالية لترامب، America First Policies ("سياسات أميركا أولاً")، "جولة عودة أميركا العظمى" التي تبدأ يوم الجمعة فيما يزور نائب الرئيس مايك بينس مصنعاً على بُعد 35 ميلاً من شمال شرق "بيتسبرغ" لمناقشة موضوع إعادة فتح الاقتصاد. قبل الركود الاقتصادي، نادراً ما كان ترامب يفوّت فرصة لتذكير البلد بقوة اقتصاده، حتى عندما رحّب بالأولاد وأهاليهم في احتفال عيد الفصح السنوي في البيت الأبيض في العام 2018 وخلال اليوم الوطني للصلاة في أيار 2019، حين طلب من الله أن يساعد الفنزويليين الجائعين قبل أن يتكلم عن الاقتصاد الأميركي الذي أصبح "الأفضل على الإطلاق".

أعلن ترامب على مر تجمعاته الانتخابية أنه يستطيع الاكتفاء بالتكلم عن تراجع معدل البطالة في مناظراته الرئاسية.

في السنة الماضية، قال ترامب خلال تجمّع انتخابي في "لويزيانا": "لنفترض أنني أقف على منصة المناظرة فأقول حين يبدأ النقاش: "تعرفون جميعاً أننا نسجّل اليوم أدنى نسبة بطالة على الإطلاق في أوساط الأميركيين من أصل إفريقي والآسيويين واللاتينيين". يكفي أن أقول هذه العبارة وأنزل عن المنصة. إنه كلام كافٍ كي أفوز بالمناظرة. من يستطيع هزم هذا الخطاب"؟

لطالما بحث ترامب عن الفرص المناسبة للإشادة بالاقتصاد منذ الركود الأخير أيضاً. في "حديقة الورود" في الأسبوع الماضي، وتزامناً مع الاحتجاجات التي تجتاح البلد ضد الظلم العنصري ووحشية الشرطة، طرح ترامب أحدث تقرير عن الوظائف واعتبره "مؤشراً هائلاً على المساواة". تراجعت نسبة البطالة من 14.7 إلى 13.3%، وارتفعت هذه النسبة وسط أصحاب البشرة السوداء من 16.7 إلى 16.8% فقط. وتعليقاً على حادثة فلويد الذي قُتِل في "مينيابوليس"، قال ترامب: "لا شك في أن جورج ينظر إلينا من السماء في هذه اللحظة ويعتبر ما يحصل في بلدنا مذهلاً. إنه يوم مدهش له".

يقول المسؤولون في حملته إن الجانب الاقتصادي الذي يعزز فرص إعادة انتخابه يختلف في الوقت الراهن. بدل التكلم عن قوة الاقتصاد، يتعين على ترامب أن يقنع الناخبين بأنه الزعيم المناسب للنهوض بالبلد مجدداً. وفي مقابلة إذاعية في 3 حزيران، قال ترامب: "سيكون الربع الثالث من السنة ممتازاً والربع الرابع استثنائياً. وإذا كنت أسير في هذا الاتجاه، أظن أن هزمنا سيكون بالغ الصعوبة".

في الفترة الأخيرة، خفّض "مكتب الميزانية في الكونغرس" (وكالة تشريعية غير متحزّبة) توقعاته حول الناتج الاقتصادي الأميركي بين العامين 2020 و2030 بمعدل 7.9 تريليونات دولار، أي ما يساوي 3% من الناتج المحلي الإجمالي، وأعلن أنه لا يتوقع استرجاع المستويات السابقة قبل الربع الرابع من العام 2029.


MISS 3