لم يبهجني يوماً وجود «بابا نويل» في العيد، موزعاً هدايا إن أسعدت 100 ولد فهي تحزن مائة ألف لم يتمكنوا من الحضور، لبعد المسافة أو لأنهم بكل بساطة غير مدرجين على لائحة المحظيين. كنت واحداً من المائة ألف بحمده تعالى.
وما فكّرت يوما بالسفر إلى شمال فنلندا، وتحديداً إلى منطقة «لابلاند» حيث شيّد الفنلنديون بلدة تحمل اسم (Santa Clause Ville) قرب مدينة «روفانيمي»، أو (Rovaniemi). أخبرني زوجان ثريان أنهما سافرا مع ابنتهما الوحيدة حيث قابلت العيلة بابا نويل شخصياً وتسنّى لطفلتهما المدللة ركوب الزلاجة الشهيرة وزيارة مصنع سانتا كلوز الذي يحتوي على الكثير من الالعاب ويديره صهره. عادا من فنلندا مدهوشين وما زالا بعدما أصبحت صغيرتهما بطول زرافة.
لطالما قرأت الرعب في عيون أولادي كلما مرّوا أمام «بابا نويل» ضخم في السوبر ماركت كلّفه صاحب محل الألعاب باجتذاب الصغار وأهلهم برنين جرسه وحركات لا تناسب موقعه. والرعب يقارب الهلع كلما شاهدوا «بابا نويل» مجوقلاً نازلاً بالحبل من الطابق التاسع مثل السهم، وكم شعرت بفداحة الإستعانة بـ»بابا نويل» لقاء بدل مادي لتوزيع هداياي. أخاف الرجل الكث اللحية من هم دون السادسة وفرّوا من وجهه.
لا مدفأة في بيتنا. يوجد شوفاج. من يصدق أن المخلوق الضخم الذي يصفّ مزلاجه على سطح البناية وينزل من الداخون مع كيس الهدايا، يمكنه أن يصدّق أن «بابا نويل» يستطيع الوصول عبر قساطل الشوفاج أو من خلال إمدادات الغسّالة. لطالما حرصت ألّا أطلع «بابا نويل» بسواد الوجه. ما يوصي عليه الأولاد برسائل وضعوها بجراب ملون معلّق على شجرة العيد مثل طلبية الدليفري: يصل في الوقت المناسب مع بقشيش لواحد من منتحلي شخصية القديس نيكولا.
أعوام مديدة انقضت وأنا أكبت مشاعري تجاه «بابا نويل» وفي بالي باقة من التساؤلات: لماذا يضحك «بابا نويل» بطريقة كاريكاتورية كالأهبل؟
أين زوجته السيدة سانتا لا ترافقه في إنزالاته الليلية؟
وماذا عن الأقزام المحسوبين عليه؟
من «أوّل ما فقّست» حتى الربع الثالث من عمري الخالي من الشوائب، لم أعذب «بابا نويل» بأمر ولا أوصيته على سيارة جاكوار حمراء لأقودها بين خطوط السجادة أو على لوح الكوي.
هذه السنة، لي رجاء خاص يا Petit Papa Noël
إن حلّقت فوق غزة؛ أسقط حمولتك هناك.
إن مررت بالبترون يا ذا الرداء الأحمر ميّل على Petit Gebran وما تخلّي شي بعينو. نفذ طلبات الصهر ثم اعترض.
