Medical Discovery

رابط بين الخرف والتفكير السلبي المتكرّر؟

02 : 00

ترصد دراسة جديدة رابطاً محتملاً بين التفكير السلبي المتكرر ومؤشرات الخرف. نُشِرت نتائج البحث في مجلة "الزهايمر والخرف"، وقد تُمهّد لإجراء أبحاث مستقبلية لاستكشاف تداعيات هذا الرابط وقدرة العلاجات النفسية التي تستهدف التفكير السلبي المتكرر على كبح الزهايمر وأنواع أخرى من الخرف.

وفق "مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها"، يشير الخرف إلى مجموعة أمراض تترافق مع التراجع المعرفي. تتعدد خصائص هذه الحالة، منها صعوبة التذكّر أو التفكير أو اتخاذ القرارات، ما ينعكس سلباً على حياة المريض اليومية.

تكشف الأبحاث السابقة أن عوامل نفسية مثل الاكتئاب والقلق قد ترتبط بمرض الزهايمر. هذا ما دفع الباحثين إلى تطوير مفهوم "الدَيْن المعرفي" باعتباره عامل خطر للإصابة بالزهايمر، وهو جزء من التفكير السلبي المتكرر. يترافق هذا النمط من التفكير مع الميل إلى مراجعة أحداث الماضي مراراً والقلق من المستقبل.

أراد المشرفون على الدراسة الجديدة استكشاف الرابط بين التفكير السلبي المتكرر ومؤشرات أساسية لمرض الزهايمر، أي تراكم البروتينات في الدماغ والتراجع المعرفي. لإجراء هذه الدراسة، راقب الباحثون مجموعتَين من المشاركين في دراستَين شملتا 360 فرداً. قاس الباحثون في الدراستين مستويات التفكير السلبي المتكرر والاكتئاب والقلق والتراجع المعرفي لفترة وصلت إلى أربع سنوات. كذلك، قاسوا مستويات بروتينات "تاو" و"أميلويد" في أدمغة 113 مشاركاً. يظن العلماء أن تراكم هذه العناصر أساسي لنشوء مرض الزهايمر.





اكتشف العلماء أن ارتفاع مستويات التفكير السلبي المتكرر يتزامن مع تسارع التراجع المعرفي، واستنتجوا أيضاً أن المصابين بهذه المشكلة يصبحون أكثر عرضة لتراكم رواسب بروتينـــات "تاو" و"أميلويد".

صحيح أن الدراسة رصدت رابطاً بين الاكتئاب والقلق والتراجع المعرفي، لكنها لم تكتشف أي رابط بين الاكتئاب والقلق وتراكم تلك البروتينات. تقول المشرفة الرئيسة على الدراسة، ناتالي مارشانت، من جامعة "كوليدج لندن" البريطانية: "من المعروف أن الاكتئاب والقلق في منتصف العمر وفي مرحلة متقدمة من الحياة يشكلان جزءاً من عوامل الخطر المُسببة للخرف. لكننا اكتشفنا في هذه الدراسة أن أنماط التفكير المرتبطة بالاكتئاب والقلق تكون أحياناً سبباً كامناً لميل المصابين بهذه الاضطرابات إلى التعرّض للخرف. بعد تقييم هذه النتائج، إلى جانب استنتاجات دراسات أخرى تربط بين الاكتئاب والقلق ومخاطر الخرف، نتوقع أن تؤدي أنماط التفكير السلبي المزمن إلى ارتفاع خطر الإصابة بالخرف على المدى الطويل. لكن لا تشير هذه الأدلة إلى زيادة نسبة الخطر بسبب انتكاسات قصيرة الأمد. نتمنى أن تُستعمَل هذه النتائج لتطوير استراتيجيات تهدف إلى تخفيض مخاطر الخرف لدى الناس عبر مساعدتهم على تقليص أنماط التفكير السلبي".

لكن يعترف الباحثون بحدود دراستهم على بعض المستويات. يبدو الرابط بين التفكير السلبي المتكرر ومؤشرات مرض الزهايمر محتملاً، لكن لم تتضح أي علاقة سببية بين العاملَين بعد. يظن العلماء أن التفكير السلبي المتكرر يؤثر على نشوء الزهايمر بدرجة معينة عبر زيادة مستويات الضغط النفسي التي يختبرها المريض. لكنهم لا يستطيعون استبعاد احتمال أن تؤدي أولى مؤشرات الزهايمر إلى ترسيخ التفكير السلبي المتكرر.

في مطلق الأحوال، تسلّط الدراسة الضوء على مجال بحثي واعد يستحق الاستكشاف مستقبلاً وتطرح أدلة إضافية حول ضرورة أخذ مشاكل الصحة النفسية على محمل الجد. تقول المشرفة على الدراسة غاييل شيتولا من "المعهد الوطني للصحة والأبحاث الطبية" ومن جامعة "كاين نورماندي" في فرنسا: "الاعتناء بالصحة النفسية ضروري ويُفترض أن يصبح على رأس أولويات الصحة العامة. لا تتعلق الحالة النفسية حصراً بصحة الناس وراحتهم على المدى القصير، بل إنها قد تؤثر أيضاً على خطر الإصابة بالخرف في نهاية المطاف".


MISS 3