شارلوت شافانجون

شاهدة تؤكد: جيرار دوبارديو تحرّش بإيمانويل ديبيفر فعلاً

21 كانون الأول 2023

المصدر: Libération

02 : 00

في العام 1982، كان شارعا «كوردولييه» و»فياي دو باري» في حالة غليان بسبب تصوير مشاهد من فيلم Danton للمخرج أندريه فايدا. كانت ميشيل ر. تقيم حينها في منطقة «كومبين» المجاورة. هي ردّت على إعلان صغير مع صديقة لها وابنتها للعب دور كومبارس في الفيلم. سرعان ما أصبحوا جزءاً من مئات الأشخاص المستعملين لتمثيل حمّة الناس في مدينة «واز» الملكية طوال أسبوع. في واحد من تلك الأيام، كان يُفترض أن يُصوَّر مشهد مرور عربة أحصنة وسط حشد الناس مع الممثل جيرار دوبارديو، الذي أصبح مشهوراً في تلك الفترة، وإيمانويل ديبيفر، ممثلة شابة في عمر التاسعة عشرة. كان دوبارديو يجسّد واحدة من شخصيات الثورة الفرنسية، وكانت ديبيفر تؤدي دور زوجته «لويزون».

بانتظار بدء التصوير، جلست ديبيفر داخل العربة. تأخّر دوبارديو في الوصول قليلاً. كانت ميشيل ر. تقف وسط الناس لكن سمح لها موقعها برؤية ما يحصل في العربة. لا تستطيع هذه المرأة التي تبلغ اليوم 72 عاماً نسيان ما حصل وراء الكاميرات. لم تفارقها تلك الذكرى رغم مرور الوقت، وهي لا تكفّ عن سرد ما شاهدته.

تقول ميشيل ر.: «عاد جيرار دوبارديو حينها للجلوس في العربة بالقرب من إيمانويل. كانا ينتظران بدء التصوير. ثم شاهدتُه وهو يمرّر يده تحت تنورتها ويحاول رفعها إلى أعلى فخذها. هي سحبت يده، لكنه كرّر المحاولة. ثم سحبت يده مجدداً فأعاد تمريرها وهو يضحك بطريقة ساخرة. كانت إيمانويل شابة جداً وظهرت عليها معالم الانزعاج. لم تتفوّه بكلمة. بدت خجولة جداً. ذلك المشهد صدمني لدرجة ألا أنساه يوماً».

منذ العام 2020، اتُّهِم دوبارديو باغتصاب الممثلة شارلوت أرنو والاعتداء عليها جنسياً. استنكرت الممثلة أنوك غرينبرغ «الصمت المطبق» عمّا يحصل في عالم السينما، فقالت في منتصف تشرين الأول: «يعرف كل من عمل مع دوبارديو أنه يعتدي على النساء». ينكر دوبارديو من جهته هذه التُهَم ويعتبرها جزءاً من حملة مبرمجة ضده بقيادة الإعلام المُوجّه. هو يؤكد بلا تردّد أنه لم يسئ إلى أي امرأة يوماً.

في أواخر تشرين الثاني 2023، قفزت إيمانويل ديبيفر من جسر فوق نهر السين، ثم توفيت في 6 كانون الأول بعد بقائها في المستشفى طوال أسبوع. كانت تبلغ 60 عاماً. في اليوم التالي، بثّت قناة «فرانس 2» حلقة بعنوان «سقوط الغول»، حيث عُرِضت جميع تجاوزات دوبارديو وممارساته الدنيئة. بقيت المشاهد في إطار ما يمكن عرضه على الشاشة، فظهر وهو يتعامل مع النساء كسلع ويسخر منهنّ.

لا يمكن التأكيد على ارتباط انتحار الممثلة بتلك الحادثة. لا تزال ظروف موتها مبهمة، وهذا ما دفع محكمة باريس إلى فتح تحقيق بأسباب الوفاة.

لكن تسلّط هذه الحادثة الضوء على الصمت الذي طَبَع أوساط دوبارديو على مرّ مسيرته المهنية. تعود حادثة ديبيفر إلى أكثر من أربعين سنة وقد تكون الأقدم بين الحوادث المعروفة الأخرى. تؤكّد هذه التطوّرات إذاً تعرّض النساء للاعتداءات على يد نجم السينما الفرنسية منذ أربعة عقود. كتبت ديبيفر، في تعليقات المنشور الذي كشفت فيه ما أصابها على «فيسبوك»: «لم أتكلم عمّا حصل يوماً. اكتفيتُ بإخبار أصدقائي المقرّبين ومدير أعمالي. أنا لم أنصدم بهذه الحركات غير اللائقة. كنت أعرف ما سيحصل. شعرتُ في داخلي بأن التصوير معه لن يكون سهلاً. كنت أتوقع كل شيء. لكني ألزمتُه حدوده ولم يعجبه ما حصل طبعاً».

أدركت ديبيفر في مرحلة معيّنة أفخاخ المهنة التي اختارتها، حيث تتقبّل أوساط سينمائية محدّدة الاعتداءات الجنسية، ويفرض أصحاب السلطة سيطرتهم على الجميع، وتُعتبر كراهية النساء ظاهرة طبيعية. أخيراً، تكشف تلك الحادثة جزءاً من حياة ديبيفر التي توقّفت عن تصوير الأفلام منذ العام 1989. كانت تنشر دوماً ذكريات عن تلك الحياة في حسابها على «فيسبوك»، وتبدو تلك الذكريات خالدة اليوم.

بدأت ديبيفر تلفت الأنظار في بداية الثمانينات، فقرّرت حينها بدء رحلتها في عالم الفن السابع. بدت مسيرتها المهنية واعدة جداً...


MISS 3