محاسن الحلبي

الجميّل لـ"نداء الوطن": نطالب بتصحيح الأكلاف ومنْع الإغراق والتهريب

الرسم النوعي نحو التطبيق ...و18 سلعة لبنانية محميّة

1 آب 2019

02 : 04

سلك مشروع مرسوم حماية 18 صنفاً من المنتجات الوطنية، طريقه الى التنفيذ بعدما وقّع وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش عليه وذلك بعد موافقة مجلس الوزراء. هذه الخطوة تأتي من ضمن صلاحيات الوزارة وواجباتها في حماية الانتاج الوطني والمستهلك في الوقت نفسه.

يفرض «مرسوم الحماية» تطبيق رسوم نوعيّة بحيث ستزيد أسعار هذه السلع المستوردة ما بين 10 و20 في المئة، والسلع هي التالية: البسكويت الويفر، أدوات التنظيف، البرغل، الطحين، الرخام الغرانيت، كرتون صواني البيض، ورق التخديد وورق التست لاينر، الادوات الصحية، أنابيب الحديد، بروفيليه الالمينيوم، كورن فلكس، المفروشات، البرادات والمجمدات، أفران الغاز، الغسالات، المحارم المعطرة، بعض المأكولات المعلبة، الورق الصحي، الالبان والاجبان البيضاء وصناديق الشاحنات.

وتأتي هذه الخطوة، المنسّقة مع وزارة الصناعة، بعد دراسة مفصّلة لكلّ صنف استمرت اكثر من سنتين ونصف، وفي إطار منع إغراق الاسواق اللبنانية ببضائع مستوردة يُنتج مثيلها في لبنان وقادرة على تأمين الاكتفاء للاسواق المحلية.

وتمَّ الاخذ بالاعتبار، عند اقتراح معدّلات الرسوم النوعية على هذه المستوردات، واقع السوق وحاجاته وحجم التصنيع. هذا ما صدر عن وزارة الاقتصاد، لكن تداعيات اقرار الرسم النوعي على 18 سلعة من أصل 26 ملفاً قدّمت الى وزارة الاقتصاد، هي الى اليوم محطّ جدل، بين التجار وجمعية الصناعيين، لكل منهم نظريته في القبول والرفض وفي تعليل الاسباب التي استند اليها لوصوله الى رأيه هذا.

ومما لا شك فيه أن الوصول الى اقرار الرسم النوعي على بعض السلع لحماية المنتج المحلي من الاغراق، ما هو الا الالف من سلة الالف باء التي قدمتها جمعية الصناعيين الى أهل الشأن في البلاد. فكيف سلكت هذه السلع الطريق لحمايتها، بعد مرورها بخطوات عدة؟ سؤال اجاب عليه رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل في حوار مع "نداء الوطن". وفي ما يلي نصه:

ما هي المعايير التي اعتمدتم عليها، لتحديد الصنف المعرض للاغراق؟

هنالك معياران، من اصل معايير عدة تعتمد لنحدد الصنف المعرض للاغراق. اولاً، وهو النقطة الاساس، الدول التي تصدر والداعمة لكلفة الانتاج، بحيث تكون اسعارها وايراداتها الينا رخيصة بشكل خيالي فتغرق السوق بشكل جنوني وتهزّ الصناعة الوطنية وتفاقم مشاكلها، وتؤدي الى تراجع الحركة الاقتصادية وتضرب القطاع الصناعي.

أما المعيار الثاني وهو المادة 34 من اتفاقية الشراكة الاورو-متوسطية، والتي تنص على التالي: عنـدما يواجه لبنان أو أيـة دولـة أو دول عـدة من المجموعـة، أو يتعرض أي منها لخطر مواجهـة صـعوبات جديـة تتعلق بميزان المدفوعات، يجوز للبنان أو للمجموعة وفقاً لمقتضـى الحالة، وبما يتوافق مع الشـروط الموضوعة، في إطار الغات والمادتين 8 و14 من النظام الأساسي لصندوق النقد الدولي، اتخاذ إجراءات تقييدية في ما يتعلق بالمدفوعات الجارية، إذا كانت تلك الإجراءات ضرورية للغاية، على لبنان أو المجموعة، وحيث تقتضي الحال إبلاغ الطرف الآخر، على الفور بهذه الإجراءات، وتقديم جدول زمني لإزالة تلك الإجراءات في أسرع وقت ممكن.

إضافة الى المادة 15 من اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري، حيث يجوز لاية دولة طرف ان تطلب فرض الرسوم والضرائب، ذات الاثر المماثل او القيود الكمية والادارية، او الاحتفاظ بالقائم منها وذلك بصفة موقتة، لضمان نمو انتاج محلي معين، على ان يقرّ المجلس ذلك وللمدة التي يحددها.

هل هكذا اجراء يضع قيوداً على حركة الاستيراد والتصدير مع الدول؟جمعية الصناعيين لا تطالب بمنع الاستيراد او فرض حماية عشوائية، بل تطالب بردع ومنع الاغراق، عبر وضع رسوم جمركية نسبية مقطوعة عملاً "بما تقتضيه منظمة التجارة العالمية، او عبر الرسوم النوعية التي تحمي الصناعة المحلية، عبر تدبير يسمى بالحمايات الوقائية، التي تهدف الى المحافظة على الصناعة الوطنية، في ظل منظومة التجارة العالمية، والتي هي تجارة بين شركاء، لا يقوم بعضهم بدعم صناعتهم، مثلما هي الحال في السلع المستوردة، أو تخفيض اكلاف الطاقة والنقل وغيرها او الاثنين معا"، كما طالبت الجمعية بمعالجة الاوضاع مع البلدان التي تدعم صناعتها على كل المستويات، وفاقم الوضع تدهور سعر صرف العملات لديها، مما شكل خطراً داهماً على الصناعة الوطنية.

مطالب الصناعيين

ما ابرز ما تتضمنه سلّة مطالب جمعية الصناعيين؟

تكافؤ الفرص والمعاملة بالمثل، منع الاغراق ، التهريب ووقف عمل المؤسسات غير الشرعية، وتصحيح الاكلاف، انها ابرز مطالب الجمعية، تصحيح، واشدد على الكلمة، يقول الجميل، وليس دعمها، لان التصحيح يساعد على دعم قدرتنا التنافسية وزيادة التصدير.

فعلى مدى خمس سنوات طالبت جمعية الصناعيين بالطاقة المكثفة، كلفتها 35 مليون دولار، ويعتاش من ورائها 7000 عائلة من خلال 40 مؤسسة، والطاقة المكثفة هي أكلاف طاقة، تشكل الكلفة منها نسبة عالية من سعر البيع، فمثلا كلفة الكهرباء للصناعة تشكل نسبة 5 في المئة من سعر بيع السلعة، وفي بعض السلع تصل الى نسبة 35 في المئة. هذه القطاعات كلفة الطاقة عليها مضنية، كل ما تطلبه الجمعية، تصحيح كلفتها من خلال الطاقة المكثفة. في لبنان سعر الكهرباء الصناعية مرتفع مقارنة مع البلدان المجاورة واوروبا، اضافة الى سعر الفيول المرتفع في لبنان مقارنة مع الدول المجاورة. اما اوروبا فهي تستخدم الغاز في التصنيع، ومن ابرز الصناعات التي تطالها الطاقة المكثفة، صناعة الزجاج، تدوير الورق والبلاستيك، الغزل والنسيج، صناعة السيراميك.



القدرات التصديرية

كيف تقيّم قدرات لبنان التصديرية؟

سبق MC Kinsey خبراء لبنانيون، تحدثوا عن أبرز نواقص الاقتصاد الوطني للنهوض به، ولكن تسليماً مع MC Kinsey ، فان الاخيرة اوصت الدولة بالاهتمام والعمل على أربعة قطاعات تشكل رافعة الاقتصاد ونموه، وهي السياحة ، الصناعة، والتكنولوجيا، والزراعة.

ولمعرفة قدرات لبنان التصديرية تعاونت جمعية الصناعيين مع المركز اللبناني للدراسات LCPS، وخلصت الدراسة، الى امكانية رفع الصادرات اللبنانية، بما يناهز المليار دولار في قطاعات صناعية عدة (صناعات غذائية، ادوية، مجوهرات، منتجات نسيجية والبسة جاهزة، مفروشات، معدات، واجهزة كهربائية، مصنوعات جلدية، معدات صناعية،...). وخلصت الدراسة الى أن الاقتصاد الوطني قادر على خلق المزيد من النمو، وفرص عمل للشباب.

وهنا أستذكر الفترة الذهبية للصادرات اللبنانية والتي ارتفعت بعد القروض المدعومة من مصرف لبنان، من 800 مليون دولار الى 4.5 مليارات دولار، لتأخذ منحى منحدراً بعد الاحداث في سوريا في العام 2011 وتصل اليوم الى 2.5 مليار دولار، ما يعني عجزاً تراكمياً بلغت نسبته 50 في المئة.

هل تعولون او تتأملون كثيراً من اقرار الرسم النوعي؟

التعويل اليوم على ما سيحققه اجراء الرسم النوعي. فعلى سبيل المثال، تصنيع الويفر في لبنان وما يدره للاقتصاد الوطني (الويفر من السلع التي طالها الرسم النوعي). صناعة الويفر هي بحد ذاتها منظومة اقتصادية، تفتح فرص عمل للعاملين فيها وللتجار والمستوردين والمهن الحرة، فمثلاً، تصنيع ويفر بقيمة مليون دولار، يبقي العملة الاجنبية في لبنان بنسبة 70 في المئة، بينما في حال استورد الويفر، فإن نسبة 80 في المئة من العملات الاجنبية تذهب الى الخارج.

يوجد في لبنان والارقام بحسب الدراسة وملف الاغراق المقدم لوزارة الاقتصاد، 11 مصنع ويفر، يصل عدد العاملين فيها الى 1000 عامل، ومنظومة المعامل هذه قادرة على خلق حركة مشبكة تؤمن 6600 فرصة عمل.



لبننة الإقتصاد



دعوتم الى لبننة الاقتصاد الوطني، الا تخافون من المعاملة بالمثل مع الدول التي سيفرض رسم نوعي على البضائع المستوردة منها؟

نعم لبننة الاقتصاد، هي نقطة اساسية من نقاط عدة لتكبير حجم الاقتصاد الوطني، وجمعية الصناعيين وضعت رؤية إقتصادية مؤلفة من ست نقاط صادرة منذ خمس سنوات (اقرار حزمة تحفيزات جديدة للاقتصاد بقطاعاته كافة ، اقرار خطة تفعيل الادارة على مراحل، تحسين الوضع الاجتماعي في القطاعين العام والخاص، تحصين الاستقرار الداخلي الامني والاجتماعي، اتخاذ التدابير اللازمة لاطلاق الشراكة بين القطاعين العام والخاص ppp، اطلاق رؤية واضحة لاستثمثار النفط والغاز).

لبننة الاقتصاد اللبناني تشمل كل القطاعات وليس فقط الصناعة لتحفيز الحركة في لبنان، انطلاقاً من هذه النقطة تكبير حجم الاقتصاد اساسي فمثلاً نستورد بقيمة 20 مليار دولار ونصدر بقيمة 2.6 مليار دولار، نحن نريد عودة قيمة الصادرات الى ما كانت عليه أي الى 4.5 مليارات دولار وتخفيض الـ 20 مليار دولار، الى 2 او 3 مليارات دولار، في محاولة لتخفيض العجز في الميزان التجاري.

وعلى سبيل المثال، كل 50 الف دولار مبيعات في القطاع الصناعي تحتاج لعامل، وكل عامل في القطاع الصناعي بحسب الـ unedo يؤمن 2.2 وظيفة في القطاعات الاخرى.

ماذا يعني ان كل مليار دولار توفير في العجز التجاري يخلق 64 الف فرصة عمل؟

جمعية الصناعيين تهتم بالاقتصاد اللبناني ككل، فحجم الدين العام 85 مليار دولار اذا حسبنا ان عدد اللبنانيين 4 ملايين لبناني، وقسّمنا حجم الدين على عدد اللبنانيين، تكون النتيجة، ان كل لبناني يحمل نحو 22 الف دولار، والاستيراد في لبنان يصل الى 20 مليار دولار، ما يعني ان كل لبناني يستورد بقيمة 5000 دولار.

اما عن المعاملة بالمثل فقد نقلنا الى سفيرة الاتحاد الاوروبي كريستينا لارسن والى كل زائر اقتصادي او صناعي اوروبي، تقديرنا لما يقوم به الاتحاد الاوروبي تجاه لبنان من مؤتمر سيدر وغيره من المؤتمرات، ولكن لبنان يستورد من اوروبا بقيمة 8 مليارات دولار ويصدر 300 مليون دولار، كل ما طلبناه من الاتحاد مساعدة لبنان لزيادة هذه النسبة خلال 5 سنوات الى مليار دولار، مليار قادر على خلق فورة اقتصادية تنعش البلاد، فاوروبا تستورد من العالم اجمع بـ 5 آلاف مليار دولار.

اذا حدث في احدى الدول الاوروبية مثلا أو في لبنان على سبيل المثال عجز مضطرب في الميزان التجاري، يحق للدولة التي تعرضت للعجز إتخاذ إجراءات لوقف هذا النزف، منها فرض الرسم النوعي.

التبادل التجاري

وعلى سبيل التبادل التجاري بين لبنان والدول الاوروبية، فقطاع الالبسة كان يصدر نسبة 12 في المئة الى اوروبا ونتعاون مع EBRD البنك الاوروبي لإعادة البناء والتنمية، وساعدونا بخبراء لزيادة هذه النسبة، واشير الى ان اوروبا تستورد بقيمة 297 مليار دولار من العالم البسة، أما لبنان فلا يصدر البسة اليها الا بقيمة 60 مليون دولار. بينما تستورد من المغرب بقيمة 4 و 5 مليارات دولار. وسننقل وجهة نظرنا ايضاً الى الدول العربية، عن سبب اتخاذ هذا الاجراء.

رسم الـ 3%

ماذا عن الرسم الجمركي 3 في المئة على السلع المستوردة وارتفاع اسعار السلع الخاضعة للرسم النوعي؟

لا علاقة للجمعية بهذا الرسم، بل، وفي حال أقر فإنه بالتأكيد سيصبّ لصالح المنتج اللبناني بحيث يتقلص الطلب على السلع المستوردة ويزيد الطلب على المنتج المحلي، ما يؤدي الى تراجع الطلب على الدولار، ويساهم بتخفيض العجز في الميزان التجاري الذي يشكّل جزءاً كبيراً من عجز ميزان المدفوعات (صافي الاموال الخارجة من لبنان والداخلة إليه).

وفي موضوع غلاء الاسعار، فإن الامر يعود الى ضمير التجار، لا زيادة على السلع المصنعة محلياً إلا اذا تصرف التجار بعكس ذلك، الامر يعود الى ضميرهم والى رقابة وزارة الاقتصاد.

اذا حصل الصناعيون على مرتجى الرسم النوعي، فهل الدولة ستتكفل بحماية السوق المحلي من التلاعب بالاسعار، وقبل كل هذا هل ستوضع بقية مطالب القطاع الصناعي ومطالب القطاعات الاخرى على طريق التنفيذ؟ سؤال برسم الايام لتثبت مدى مصداقية تعاطي السلطة مع دقة الوضع الاقتصادي.


MISS 3