«تَعال نفصل فَصلة 3 ساعات متواصلة، أول ساعة هروقك، تاني ساعة هشوقك، تالت ساعة هدوقك إزاي قلبي بيعشقك».
و… قامت الدنيا ولم تقعد، ولا تزال حملات الانتقاد والسخط على روبي «الجريئة»، متواصلة منذ طرحها أغنيتها «3 ساعات متواصلة» قبل أيام، وهي من تأليف وتلحين عزيز الشافعي.
أزمة كونيّة، أنستنا بفداحتها تفجير بيروت وحرب غزة، وسبّبتها أغنية صادرة في نهاية سنة 2023، اعتبر كل من الجمهور والنقابات الموسيقية والفنية في مصر كلماتها جريئة جدّاً وتحمل إيحاءات جنسية، وتخدش الحياء و… ماذا أيضاً؟ تُشجِّع على تذوّق الحب والعشق والغمر والقبل والـ»إحم إحم»؟ وهل تذوّق الحبّ هو العيب والجريمة في زمن الجرائم الكبرى؟ وهل ما هو مسموح لأيقونات مثل أم كلثوم وفيروز ووردة مثلاً، ممنوع على «خادشة الحياء» روبي؟ طبعاً روبي (المغنية والممثلة المصرية) لا تقارن بصوتها وتاريخها ومكانتها بمطربات عظيمات مثل أم كلثوم وفيروز ووردة، ولكن بعض ما غنّته في»3 ساعات متواصلة»، يعدّ نقطة في بحر بعض كلمات أغنيات أم كلثوم وفيروز ووردة على سبيل الذكر لا الحصر. لماذا في نهاية 2023 سننفعل ونغضب ونسدّ آذاننا ونغمض عيوننا تشدّداً، منعاً من تصريح روبي برغبتها في جعل حبيبها «يتذوّق» عشقها، بينما سنصفّق ونصرخ كلّنا «عظمة على عظمة يا ست» لأم كلثوم عندما قالت سنة 1964 «دوق معايا الحب دوق حبه بحبه» في أغنيتها الشهيرة «إنت عمري»؟
هل تذوّق الحبّ في الستينات وبصوت أم كلثوم خال من الدسم، وبصوت روبي في الألفية الثالثة مليء بالمسعورات الجنسية الحرارية؟
لماذا ضاقت بعيونكم ساعات روبي الثلاث المتواصلة، بينما غضضتم النظر عن الساعات الـ36 المتواصلة لوردة التي أخذت مع حبيبها حلاوة الحب كلو ودوَّبت معه عمر الحب كلو في يوم وليلة، سنة 1978؟
حتى فيروز، نعم فيروزتنا رمز النقاء، لم تكن ملاكاً ولا «أفلاطون» في الحب. استعيدوا معي كلمات أغنية «بحبك ما بعرف»، واستعيدوا معي المشهد: «بحبك ما بعرف حب، لا تشدّني بإيدي، ع نهر بدنيا هنا جديدة، ونغِب. لأ، دخلك هيْئتي رح طير، مرجحتني بقلبك، إتركني بعد بكير...».
ليتنا نترك الحبّ بحاله، ولا نلوّثه بالعُقَد والتشدّد. ليتنا نثور ونغضب بشكل متواصل على من يدمّر مستقبل أبنائنا على إيقاعات حروب تذيقنا المرّ، وتغتصب حقنا بحياة كريمة.
